احمد عمرابي

دخان دبلوماسي كثيف يتجمع على الأفق الإقليمي والأفق الدولي. ومع ذلك فإن المعالم الرئيسية لمخطط إسرائيلي بشأن تقرير مصير قطاع غزة ـ توفر له سند عربي قوي وغطاء عربي ـ أصبحت واضحة، الهدف الإسرائيلي الأعظم هو خلق واقع جديد تماماً في القطاع عن طريق تصفية نهائية لفصائل المقاومة المسلحة وأخواتها أو تكسيرها أو على الأقل تدجينها، وهذا هو المحور الذي تنطلق منه الهجمة الدبلوماسية الغربية.

في مثل هذه الأحوال في السابق كانت قيادة الهجمة الدبلوماسية يقودها رئيس الولايات المتحدة ـ الشريك الاستراتيجي الأكبر لإسرائيل. لكن الآن laquo;يقوم بالواجبraquo; الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي إلى أن يتلاشى الفراغ السلطوي الحالي في مؤسسة الحكم الأميركية بتولي الرئيس المنتخب باراك أوباما منصبه رسمياً ابتداءً من اليوم العشرين من يناير الجاري.

تحرك ساركوزي يأتي تحت عنوان يبدو من النظرة الأولى نبيلاً.. وهو وقف إطلاق النار في غزة بأسرع ما يمكن. ولكن بعد أن تقرأ شيطان التفاصيل ينكشف لك أن ما يقوم به الرئيس الفرنسي من خلال جولته الشرق أوسطية ليس سوى تسويق لأهداف المخطط الإسرائيلي. وخلاصة التفاصيل هي laquo;اللاعودة إلى ما كان عليه الوضعraquo; في قطاع غزة قبل الحرب الإسرائيلية الراهنة على أهل القطاع.

محطات ساركوزي شملت القاهرة وتل أبيب ورام الله ودمشق وبيروت. وفي كل محطة كان يحرص من خلال تصريحاته أو مؤتمراته الصحافية على أن يعطي انطباعاً للعرب بأنه وسيط حيادي وفاعل خير لا هاجس لديه سوى مصير أطفال غزة ونسائها ورجالها من العائلات والمدنيين عموماً. لكن سرعان ما تفضحه laquo;شروطraquo; وقف إطلاق النار. فهي بالضبط الشروط الإسرائيلية.

مثل أولمرت وباراك وليفني تنطلق laquo;مبادرةraquo; ساركوزي من أن laquo;حماسraquo; هي الطرف الذي ينبغي أن يتحمل مسؤولية البدء بالعدوان. واتكاءً على هذا الادعاء الخداعي يعتبر الرئيس الفرنسي laquo;وهو، بالمناسبةraquo; يهودي من ناحية الأمraquo; أن لب المشكلة القائمة هي أمن إسرائيل وما يتعرض له من laquo;تهديدraquo;.

لقد حققت إسرائيل نجاحاً ـ كما هو معلوم ـ في تحجيم نشاط فصائل المقاومة المسلحة في الضفة الغربية. والهدف التالي هو إبادة المقاومة في قطاع غزة.. وبالتالي ينشأ وضع فلسطيني جديد يمكن أن ينقضي إلى laquo;عملية سلامraquo; تفاوضية تقرر إسرائيل نتائجها سلفاً. والسؤال الذي يطرح هو: هل يتحقق فعلاً الحلم الإسرائيلي؟