وفد إسرائيلي ناقش في القاهرة تأمين الحدود ... نحو إجماع في مجلس الأمن على مشروع قرار لوقف النار

نيويورك، غزة، الناصرة، القاهرة - راغدة درغام - الحياة

برز مساء امس اتجاه في مجلس الامن نحو تبني قرار شامل ونوعي بالاجماع لوقف النار في غزة، بعد مفاوضات ماراتونية اجراها الوفد الوزاري العربي في نيويورك مع الترويكا الغربية (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا). وينص المشروع الذي تضمن عشر فقرات فاعلة، الى وقف النار، ترتيبات تكفل الامتثال وتشكل آلية لتعزيز الجهود من اجل وقف دائم للنار، بما في ذلك منع تهريب الاسلحة الى غزة وضمان اعادة فتح المعابر على اساس اتفاق العام 2005، وانسحاب اسرائيل من القطاع. وينص ايضا على خطوات عملية للمصالحة الفلسطينية وتجديد الجهود لتحقيق السلام على اساس رؤية الدولتين.
في موازاة ذلك، ازداد تدهور الوضع الإنساني في غزة أمس، رغم جعل إسرائيل هدنة الساعات الثلاث التي بدأتها أول من أمس يومية، إذ علقت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين laquo;أونرواraquo; مساعداتها التي يعيش عليها نحو نصف أهالي القطاع، بعد مقتل سائقين متعاونين معها بقذيفة دبابة إسرائيلية. وفي وقت تراجع عدد شهداء العدوان أمس إلى 15، عثر المسعفون على أكثر من 50 جثة وأجلوا 15 جريحاً عالقاً. واعترفت إسرائىل بمقتل 9 من جنودها منذ بدء العمليات. ودعت واشنطن إسرائيل إلى تمديد فترات الهدنة الإنسانية في غزة، متحدثة للمرة الأولى عن وضع إنساني laquo;رهيبraquo; في القطاع.
واعتبرت حركة laquo;حماسraquo; أن المبادرة المصرية - الفرنسية للتوصل إلى وقف للنار، laquo;لا تشكل أساساً صالحاً لأي حل مقبولraquo;. ورأت أنها laquo;تحمل مخاطر على المقاومة والقضية الوطنية الفلسطينية، وهدفها التضييق ومحاصرة المقاومة وإطلاق يد العدو باستمرار العدوان، وإجهاض حال الصمود والنيل من قوى المقاومة، وتحقيق الأهداف التي عجز عنها العدوان العسكريraquo;.
وفي القاهرة، أجرى رئيس الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان أمس محادثات مع وفد إسرائيلي تناولت الوضع الأمني على الحدود وسبل تنفيذ المبادرة. وفي ما بدا محاولة إسرائيلية لحمل مصر على تليين بعض بنود المبادرة، ودفع المجتمع الدولي إلى السعي لاتفاق يرضي الدولة العبرية، صعّد رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك تهديداتهما بتوسيع العدوان، بعدما تابعا تدريبات لقوات الاحتياط على التوغل في مناطق مأهولة في قواعد عسكرية في الجنوب.
وفي نيويورك، أحرز الوفد العربي الوزاري تقدماً نحو استصدار قرار لمجلس الأمن لوقف النار في غزة نتيجة اجتماعات ماراثونية وجلسات عمل مكوكية قام بها وزراء الخارجية الفرنسي والبريطاني والأميركي ذهاباً وإياباً الى الوفد العربي الوزاري الذي مكث في القاعة الرقم 5 في مبنى الأمم المتحدة للأخذ والعطاء لتحقيق انجاز استصدار القرار.
وقال وزير خارجية الاردن صلاح الدين البشير لـ laquo;الحياةraquo; ان laquo;وضوح وصلابة الموقف العربي أجبر الجميع على الموافقة على العمل نحو قرار لمجلس الأمنraquo;، وليس مجرد بيان رئاسي، كما حاولت الترويكا الغربية، الأميركية - الفرنسية - البريطانية ان تفرض على الوفد العربي.
واعتبر وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري، في حديث الى laquo;الحياةraquo; انه laquo;من المهم ان الدول الثلاث اعترفت في نهاية المطاف بضرورة صدور قرار. وهذا هو المكسب الاساسي للجهد العربي، استصدار قرار من مجلس الأمنraquo;. وقال وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ ان laquo;الانجاز بدأ منذ يوم الأربعاء حين توحدت كلمة العرب بإصرار على القرار، فجاؤوا (الترويكا) الينا، بمسودة مشروع قرار بدلاً من مسودة البيان الرئاسي، فالموقف العربي هو الذي أوصلنا هناraquo;. واضاف ان العمل استمر نحو التوافق على قرار يكسب دعم الترويكا ويتبناه مجلس الأمن، ولذلك استمرت المفاوضات المكوكية والماراثونية، بتعديلات عربية على مشروع القرار الاميركي - الفرنسي - البريطاني ثم بتعديلات للترويكا على التعديلات العربية بهدف الاتفاق.
ونقلت وكالة laquo;فرانس برسraquo; عن ديبلوماسي غربي ان laquo;الترويكاraquo; عرضت تعديلا على المشروع العربي، صاغته بريطانيا، وقدمته الى الوزراء العرب خلال المفاوضات. ونسبت الوكالة الى وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ان الاقتراح البريطاني laquo;قد يشكل نصا يتم التفاهم في شأنهraquo;.
وبحسب المصدر الغربي، يطالب النص المعدل بـ laquo;وقف فوري ودائم لاطلاق النار في غزة مع وقف كل الاعمال العسكرية واعمال العنف، بما فيها العمليات العسكرية الاسرائيلية واطلاق الصواريخ من جانب مجموعات فلسطينية بينها حماسraquo;.
وبقي مشروع القرار العربي مطروحاً رسمياً في مجلس الأمن جاهزاً لطلب التصويت عليه، حتى وان حصل على الفيتو الاميركي، وذلك بعدما ضمن الجانب العربي دعم الاصوات التسعة اللازمة لتبني مجلس الأمن المشروع والذي يجهضه عندئذ فقط فيتو لإحدى الدول الخمس الدائمة العضوية.
وحشرت الاستراتيجية العربية laquo;الترويكاraquo; في خانة اضطرت في ضوئها ان تزن مواقفها مجدداً من مشروع القرار العربي لا سيما بعدما وافق الوزراء العرب على تعديلات عليه قدمتها المكسيك وكوستاريكا والنمسا. وعندئذ تحركت الترويكا بمسودة مشروع قرار بعدما توضح لها الإصرار العربي على قرار ملزم وحصول المشروع العربي على الأصوات التسعة لتبنيه.
الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وصف مشروع قرار الترويكا بأنه laquo;بداية معقولةraquo;، ثم قدم الوفد العربي تعديلات laquo;باتفاق عربي كاملraquo; بحسب وزير الخارجية اللبناني الذي قال ظهر أمس laquo;أظن أن الأمور تسير الى الأمام. فالنيات طيبة وهناك رغبة بأن يكون مجلس الأمن موحداًraquo;. وأضاف ان laquo;الأمور ليست معقدة كثيراً. فإذا استمر حسن النياتraquo; هناك مجال للاتفاق على قرار laquo;لوقف النار ووقف سفك الدماءraquo;. وأوضح صلوخ ان التعديلات العربية على مشروع القرار العربي تنطلق من 4 نقاط أساسية هي: laquo;وقف العدوان، ووقف الحصار، وفتح المعابر، والانسحاب الفوري لاسرائيلraquo;.
وبرز انقسام بين صفوف الترويكا إذ أعطت بريطانيا على مستوى وزير خارجيتها ديفيد ميليباند انطباعاً واضحاً بأنها ستدعم مشروع القرار العربي إذا طرح على التصويت.
وبذلت الديبلوماسية البريطانية جهداً بالغاً للتوفيق بين مختلف الآراء كي لا تجهض الجهود العربية من جهة وكي لا تمارس الولايات المتحدة الفيتو. وقاد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل جهود المفاوضات والإصرار العربي على قرار. ولعب وزير خارجية ليبيا عبدالرحمن شلقم، بصفته العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، دوراً بارزاً سوية مع وزير الخارجية السعودي. وشارك وزراء خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبدالله بن زايد والأردن صلاح الدين البشير والمغرب الطيب الفاسي الفهري وعمرو موسى وكل من وزير خارجية مصر أحمد ابو الغيط وسفيرها لدى الأمم المتحدة ماجد عبدالعزيز في المفاوضات الحثيثة. وتحفظ وزير الدولة القطري عن مشروع القرار العربي إنما لم يعرقله. ولوحظ غياب سورية كلياً عن الاجتماعات، رغم أنها عضو في laquo;لجنة المتابعةraquo;.
وتتضمن عناصر مشروع القرار الذي أمل مجلس الأمن باستصداره في اسرع وقت، وربما مساء امس، دعوة إلى وقف النار مع آلية تضمن احترامه وعدم تهريب الأسلحة إلى غزة، مع تأكيد ضرورة ضمان ديمومة وقف النار بترتيبات على الأرض. إنما بسبب سيولة الوضع في المفاوضات وارتباطه بالتطورات على الساحة، بقي وراداً فشل جميع الجهود نحو قرار لمجلس الأمن وانتهاء المداولات بفيتو أميركي، قال الوزراء العرب لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إنها مكلفة ليس للعرب وإنما للولايات المتحدة، لا سيما إذا سقط الدعم لحل الدولتين وإذا ما انعقدت قمة عربية طالبت بقطع كل العلاقات مع إسرائيل تماماً.