عبدالله الزعبي
يأتي اختيار جون برينان مستشاراً لشؤون مكافحة الإرهاب، في إدارة الرئيس المنتخب باراك أوباما بعد ستة أسابيع من إرغامه على الانسحاب من السباق على منصب مديروكالة المخابرات المركزية الأميركية laquo;سي آي أيهraquo;، بسبب مخاوف من أن تأييده لبعض ممارسات الوكالة في التحقيق قد تعقد مسألة تثبيته. غير أن المسألة الأهم في هذا السياق هي أن أوباما يجعل منه شخصاً مؤثراً في موضوعي الشرق الأوسط وإيران، ولاسيما أنه كان دعا إلى التخلي عن السياسة الأميركية السابقة في هذا الموضوع.
تم الكشف عن تعيين برينان كمساعد مقرب لأوباما بعد أن وجهت انتقادات من الديمقراطيين والجمهوريين للرئيس المنتخب بسبب اختياره لشخص غريب تقريباً ـ كبير موظفي البيت الأبيض السابق ليون بانيتا ـ لمنصب مدير وكالة المخابرات المركزية. إلا أن الديمقراطيين تراجعوا فيما بعد عن تلك الانتقادات.
يرأس برينان الآن شركة laquo;أناليسيس كوربraquo;، التي كسبت الشركة الأم لها laquo;غلوبال ستراتيجيزraquo; والشركات التابعة ملايين الدولارات على مدى السنوات العشر الماضية مقابل تقديم العون لعدد من الوكالات الفيدرالية والمؤسسات الخاصة بشأن مكافحة الإرهاب. وعملت هذه الوكالات والمؤسسات في بلدان يلفها العنف، بما فيها موزمبيق وليبيريا وكولومبيا وباكستان. أما الشركة الأم laquo;غلوبال ستراتيجيزraquo; ومقرها لندن، فقد كانت موضع انتقاد بسبب ممارسات قاسية من جانب جنودها المستأجرين في كل من العراق وأفغانستان. يضاف إلى ذلك أن أوباما انتقد شركات مماثلة مثل laquo;بلاك ووترraquo;، ودعم تشريعاً لضمان أن تخضع نلك الشركات للقانون الأميركي حتى عندما تعمل خارج الولايات المتحدة. إلا أن مساعدي أوباما يقولون أنه قبل تطمينات برينان بأنه لم يلعب أي دور في إقرار أو وضع ممارسات التحقيق في وكالة المخابرات، وأنه عبر عن اعتراضه على بعضها.
بعد خبرته الطويلة في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الفترة القصيرة التي أمضاها مديراً لمحطة وكالة المخابرات المركزية في المملكة العربية السعودية، أطلق برينان بعض الآراء المثيرة للجدل بشأن وجوب حدوث تحول في السياسة الأميركية في المنطقة، لاسيما تجاه إيران. فقبل ستة أشهر قال إنه يجب التخفيف من حدة اللهجة مع طهران، وإعطاء حزب الله دوراً أكبر في الحياة السياسية. وفي مقالة كتبها في يوليو (تموز) الماضي، قال برينان بضرورة أن تقنع واشنطن المسؤولين الإسرائيليين بالتخلي عن فكرة القضاء على حزب الله كقوة سياسية. كما أشار بوجوب أن تمارس الإدارة الجديدة ما أسماه laquo;الصبر الإستراتيجيraquo; مع إيران، وإجراء حوار مباشر معها، بهدف تشجيع المعتدلين فيها على النأي بأنفسهم عن استخدام العنف الإرهابي، من دون أن تظهر وكأنها تتسامح مع ذلك العنف، وهي الآراء نفسها التي عبر عنها روبرت غيتس قبل أن يعينه بوش وزيراً للدفاع، وهو ما يوفر له حليفاً طبيعياً في الأشهر المقبلة.
ومع أن برينان سبق وأن قال إنه غير مرتاح لبعض ممارسات وكالة المخابرات المركزية مثل الإيهام بالإغراق، وهي الطريقة التي استخدمت أحياناً مع المشتبه بارتكابهم أعمالا إرهابية، فإنه أطلق بعض التعليقات المثيرة عن استخدام الوكالة لبعض أساليب التحقيق الأخرى. ففي مقابلة أجريت معه العام 2006 قال:raquo;علينا أحياناً أن نخلع القفازات في بعض المناطقraquo;، لكن من دون القيام بأعمال laquo;تلطخ صورة الولايات المتحدة في الخارج للأبدraquo;.
في مهمته الجديدة كمساعد للرئيس ومستشاراً للأمن القومي لشؤون مكافحة الإرهاب، سيكون برينان في وضع فريد يمكنه من تقديم المشورة لأوباما في هذه الأمور. ومن أول المهمات الملقاة على عاتقه، التأكد مما إذا كان يجب دمج معظم موظفي مجلس الأمن الداخلي في مجلس الأمن القومي. ومع أنه لم يتم اتخاذ قرار في هذا الشأن إلى الآن، إلا أن الكثيرين من مستشاري أوباما والخبراء المستقلين أوصوا بذلك. وهذا يعني إلغاء منصب مستشار الأمن الداخلي، وهي الخطوة التي يؤيدها الكثير من الخبراء.
ومنذ الانتخابات الرئاسية يعكف برينان، الذي يحتفظ إلى الآن بكل تصاريحه الأمنية البارزة، على تقديم إيجازات لأوباما عن العلميات السرية المستمرة لوكالة المخابرات، حيث حظي بدعم الرئيس المنتخب في الاجتماعات الخاصة بالأمر، بوصفه صريحاً ويثق به مسؤولو الوكالة. ويخطط برينان الذي يمضي الآن إجازة، لتقديم استقالته من laquo;أناليسيس كوربraquo; يوم 19 من الشهر الحالي، بحيث لن تعود له أي علاقات مالية معها، وفقاً لما يقوله مسؤول في الإدارة الانتقالية. وقبل شهرين فازت الشركة بعقد مدته خمس سنوات لتزويد مكتب التحقيقات الفيدرالي بـ laquo;الخبرات الاستخبارية وخدمات الدعمraquo;.
عن: laquo;واشنطن بوستraquo;
التعليقات