الورقة الصفراء

بدرية البشر

الاربعاء, 27 مايو 2009

لم تكن تظن منيرة أن زيارتها من دبي للرياض لحضور زواج أختها سيتطلب كل هذا الجهد للخروج من الرياض، لاسيما أن زوجها قد ظل في دبي للعمل، وعليها العودة بعد انتهاء الإجازة القصيرة ليستأنف أطفالها الدراسة، فحين لا يتطلب دخولها للرياض سوى ختم الدخول هي وابناؤها، فإن جوازات الرياض توقفت أمام خروجها وابنائها وحدها، طالبة منها ما يكشف عن إذن سماح لها من زوجها بالمغادرة، تقدم والدها الذي يظن أن اوراقه الرسمية التي تثبت ما يخوله لضمان عودة ابنته لزوجها في دبي لأنها قد نسيت ورقتها الصفراء في دبي، إلا أن الموظف رفض طلبه، قال له الأب انا موظف في الدولة منذ 25 عاماً وأتحمّل مسؤولية خروج ابنتي وأطفالها إلا أن الموظف رفض، تم الاتصال بالزوج في دبي ليشرح له أنه زوجها وينتظرها في دبي، لكن الموظف قال إننا نتبع النظام، فسأله الزوج ترى إذا كان هذا النظام لا يخدمني ولا يخدم زوجتي ولا أطفالي ولا والد زوجتي فمن يخدم، لكن الموظف قال له: نحن نحافظ على زوجاتكم حتى لايهربوا منكم، وبناء عليه عادت منيرة لمنزلها وفاتتها الرحلة وتأخر ابناؤها عن مدرستهم حتى تم إرسال فاكس موقع من جهة عمل الزوج يسمح فيه لزوجته بالسفر.

منيرة تقول: إنها تسافر لكل بلدان العالم بأطفالها بزوجها ومن دون زوجها، ولا يقلقها أن تتأكد من وجود ورقتها الصفراء إلا حين تسافر لبلادها السعودية، تقلق فقط حين تدخل بلادها دون ورقة صفراء، يوقعها الزوج، ويصدقها من دائرة الجوازات، لتسمح لها بأن تسافر وحدها. هذا النظام لا يعطّل فقط سيدة تسافر لزيارة اهلها في عطلة الاسبوع ولا يقلل من اعتبارها مواطنة راشدة وعاقلة ولا من قيمة والدها كمواطن محل ثقة لدولته، بل هو أيضاً يعطل قيمة نصف مليون من سيدات الاعمال تتوجب طبيعة عملهن السفر، كما يعطل آلافاً من النساء الطبيبات والباحثات والأكاديميات والاعلاميات، اللاتي يقتضي عملهن حضور المؤتمرات والمنتديات الدولية، إذ تفكر كل واحدة منهن قبل أن تقف أمام منتدى كبير يسبق اسمها أكثر من لقب علمي أو فخري لتحاضر وتحظى بالاحترام والتقدير، بأنها حين تقف أمام معبر الجوازات في بلادها لا تعود سوى ورقة صفراء ممهورة بتوقيع من وصي!