القاهرة - حسام أبوطالب


تشهد الكنيسة الأرثوذكسية في الوقت الراهن، حالة من الجدل الواسع بسبب الدعوة التي أطلقها عدد من رموز المسيحيين والرامية إلى إعلان رأس السنة القبطية موعداً للحداد بسبب ما يعتبره هؤلاء من تميز شديد واضطهاد يتعرض له الشارع القبطي على يد نظام الحكم الذي يديره الرئيس مبارك.
وكشفت مصادر داخل الكنيسة لـ'القدس العربي' أن البابا شنودة بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية يرفض تماماً فكرة ان يلبي الشارع المسيحي تلك الدعوة من أجل عدم تأليب قوى النظام ضد الكنيسة وشعبها.
وفي تصريحات خاصة لـ'القدس العربي' أكد نجيب جبرائيل مستشار البابا للشؤون النوبية والناطق بلسان الكنيسة أن تلك الدعوة تكشف النقاب عن حالة الغضب المتنامي في صفو الأقباط بسبب ما يتعرضون له من مضايقات سببها في الأساس رفض النظام تلبية المطالب المشروعة لهم.
وأعرب جبرائيل عن اعتقاده بأن البابا لا يسعى لتحويل الكنيسة لجهة تمارس السياسة، ومن هنا فإنه يقف في وجه أي قوى تسعى لأن تكون قوى معارضة ضد النظام.
غير أن أطرافاً بارزة داخل الكنيسة ورهباناً وقساوسة يقفون مع تلك الدعوة الرامية للمشاركة على نطاق واسع في تلك الدعوة.
وفي تصريحات خاصة أكد القمص متى عبد المسيح أنه من حق الأقباط أن ينددوا بالمواقف العدائية التي تواجههم، خاصة في مجال ممارسة العبادة وإنشاء الكنائس.
وطالب بضرورة أن يشارك الأقباط في تلك المناسبة حتى لو انتهى الأمر بغضب المسلمين أو قوى النظام المختلفة.
غير أن عضو البرلمان السابق جمال أسعد عبد الملاك يرى أن مثل تلك الخطوة سوف تؤلب كافة القوى ضد الكنيسة وشعبها.
ودعا جمال كافة المسيحيين لأن يقاطعوا تلك الدعوة، مشدداً في الوقت ذاته على ان الاضطهاد الواقع على المسيحيين هو ذاته الذي يقع على المسلمين.
وأعرب عدد من الرهبان عن رغبتهم في أن تكون تلك المناسبة محاولة لإعلان التنديد بالفتح الإسلامي لمصر.
وفي هذا السياق طالب أحد مستشاري البابا شنودة بأن يبارك البابا تلك التظاهرة والحداد من أجل لفت أنظار العالم للمسألة القبطية، ولكي يتم الضغط على النظام من أجل أن يرضخ للمطالب القبطية
وفي ذات السياق طالب المفكر القبطي صموئيل العشاي، السيدات القبطيات بارتداء ملابس سوداء، والرجال بارتداء ربطات عنق سوداء وقمصان سوداء، وتعليق لافتات سوداء على الشرفات، وذلك من أجل التعبير عن المشاركة فى إضراب 11 أيلول (سبتمبر) الذى يدعو إليه عدد من الأقباط.
وأوضح العشاي لـ'اليوم السابع' انه سوف ينزل للشارع في هذا اليوم ويلبس ملابس سوداء، وسيقوم بعمل جولة بهذه الملابس، مضيفا أن أعدادا كبيرة انضمت للاضراب، وسوف تركز على المطالبة بإصدار قانون موحد لبناء دور العبادة.
ودعت الجمعية الوطنية القبطية الأمريكية بالولايات المتحدة الأمريكية ملايين الأقباط داخل مصر والمهاجرين والعاملين خارج مصر إلى الإضراب السلمى يوم الجمعة 11 أيلول (سبتمبر)، من خلال بيان صدر صباح امس، الثلاثاء، أعلنوا خلاله رفض الأقباط لما وصفوها بـ'سياسة الاضطهاد والتمييز العنصري للحكومة المصرية'، بالإضافة للمطالبة بإلغاء المادة الثانية من الدستور وتعديل قانون الانتخاب، ليكون بالقائمة، وإبعاد ملف الأقباط من أمن الدولة وتعيين الأقباط في 25' من وظائف الدولة.
وطالب موريس صادق المحامي القبطي بأمريكا في البيان، أحزاب مصر وعلى رأسها الحزب الوطني بالانضمام للدعوة، كما طالب بإلزام وزارة الداخلية بإعادة الفتيات القبطيات الغائبات عن أسرهن إلى الكنيسة، وطالب الحكومة إصدار تشريع عاجل للطوارئ يجعل التعدي على أي مكان معد لصلاة الأقباط جناية يعاقب مرتكبها بالأشغال الشاقة المؤبدة تختص بنظرها محاكم أمن الدولة، وصرف التعويضات الفورية والمناسبة لأصحاب وعمال تربية الخنازير وأصحاب المصانع العاملة في هذا المجال.
غير أن المفكر البارز كمال زاخر القيادي في جبهة العلمانيين الأقباط يرى أن خطوة خروج الأقباط للشارع والمشاركة في تظاهرات إحتجاجية خطوة غير كافية لتحقيق المطالب التاريخية للشارع القطبي، وإن كان يرى في تلك المحاولة خطوة على الطريق.
وأعرب عن إعتقاده بأن الكنيسة التي لطالما شاركت في التنسيق مع الحزب الحاكم في مواقف عديدة بأنها لن تقوم بالرضوخ للمساعي التي يطالب أصحابها بالوقوف في وجه القمع الذي يبديه النظام ضد الأقليات.
وانتقد الكاتب طلعت جادالله حالة الركود التي يعيشها الشارع السياسي بجميع فصائله، وشدد على أن النظام بالرغم من المشاكل التي تواجهه والأزمة الإقتصادية التي تربكه، إلا أنه قادر على أن يفسد أي مشروع أو محاولة الغرض منها الخروج عليه أو التنديد به.