أبرزها laquo;اللو - وستraquo; وlaquo;الباجيraquo;

الدوحة - هدى منير العمر


قميص وردي ضيق، يحدد الجسم ومفاتنه، وبنطال قصير.. ممزق عند الركب، وبخصر ساحل يتمايل مع تبختر المشية حتى يكاد يسقط.. مظهر يلفت كل من يراه.. هذه ليست عارضة أزياء، ولا مروجة لإحدى المحلات، ولا حتى أية فتاة أخرى، إنه شاب عربي يحمل على هندامه سؤال الهوية وإشكالية البحث عن الذات.

إقبال متزايد

ظهرت منذ فترة موديلات جديدة من ملابس الشباب مثيرة للانتباه وخارجة عن المألوف، اختلفت آراء الناس حولها، فمنهم من تقبلها واعتبرها سنة طبيعية للتغير في أنماط العيش وسمة خاصة بكل جيل، ومنهم من رفضها واعتبرها تقليداً أعمى للغرب، يتمرد على قيم الحياء ويخل بالاحترام للدين وعادات وتقاليد المجتمع العربي. لكن في جميع الأحوال، أصبح انتشار هذه الأزياء واقعا ملحوظا عند فئة لا يستهان بها من الشباب.
يقول حسن مهدي (بائع في أحد محلات الملابس بمجمع تجاري) إن laquo;أكثر ما هو رائج من ملابس الشباب القصات الضيقة كالبودي والقمصان الضيقة والبنطلون القصير بقصة ضيقة من الأسفل، وبنطلون اللو- وست -بخصر ساحل- وربطات العنق الرفيعة، ذات اللون الأصفر والوردي والأخضر، إلى جانب ألوان الصرعة المطلوبة لبقية الملابس كالأصفر والأحمر الفاقع والأخضر والأزرق الغامق النيلي، وأكثر ما عليه طلب بشكل عام بنطلونات الجينز الضيقةraquo;. وحدد أوسع شرائح المقبلين على هذه الصرخات في الفئات العمرية من 16 حتى 25 سنة تقريبا، مع العلم أن أكثر الزبائن من الغربيين فضلا عن فئة محدودة من الزبائن العرب.

مرغوب بها عند البعض

تنال هذه الموضة الجديدة إعجاب ورضا بعض الشباب فيقول أيمن محمد طالب في قسم الهندسة: laquo;أنا مع الملابس الضيقة كـ (البودي) أو القميص الضيق، لأنها مريحة بالنسبة لي أكثر من غيرها، إلى جانب أنها موضة دارجة بين الشباب، أما بالنسبة للبنطلونات ذات الخصر الساحل، فأنا شخصيا لا ألبسها لأنها لا تتناسب مع خصري العاليraquo;
أما الطالب مهدي النجار: laquo;يستهويني أي شيء جديد يلفت الانتباه، ففي إحدى المناسبات الرسمية الخاصة أردت أن أظهر بشيء مختلف عن الآخرين، فطلبت من الخياط أن يفصل لي قميصاً بقبة أكبر من المعتاد، وأخرجتها خارج laquo;الجاكتraquo;، وبالفعل لفت انتباه كل الشباب بالحفل وسألوني عن محل القميص ليشتروا مثله، فأنا مع التغيير والتجديد، ولذلك أنا مع هذا الستايل (الموديل) من اللبس الجديد، وأحب التغيير حتى في الألوان، فمثلا أحب اللون الأحمر جدا، إلى جانب كثير من الألوان المختلفة الأخرى، ولا أرى أنها حكر على البنات فقط، كذلك هي الحال مع laquo;التي- شيرتraquo; الضيق ونسميه laquo;البوديraquo; أو laquo;بلوزة سترتشraquo; خصوصاً عندما أذهب لـ laquo;الجيمraquo; لأمارس الرياضة، لأنها تساعد على إبراز العضلات أكثر من laquo;التي- شيرتraquo; العادي، وحتى البنطلون المشقوق عند الركب laquo;حلوraquo; ويعطي لبنطلون الجينز laquo;ديزاينraquo; مميز، وإن كان هذا المنظر معيبا في السابق، ولكن اليوم أعرف كثيرا من الشباب هم من يقومون بتمزيقه عمدا، وكذلك هي الحال مع من يقصون أكمام laquo;التي- شيرتraquo; ليصبح laquo;كتraquo; بدون أكمام، فهي موضة وتلفت الأنظارraquo;.

ليس بالضرورة تقليد

رغم معارضة واستهجان البعض لهذه الصرعة من الأزياء، فإن الإقبال متواصل في صفوف المراهقين والشباب، فيقول الشاب سعيد عبدالرؤوف: laquo;البعض يرى هذا اللباس غريبا خصوصا الأهل والكبار في السن، ولكن نحن نراه شبابيا ومظهرا عاديا يتناسب مع زماننا وجيلنا. ليس بالضرورة أن أسبابه التقليد لأن اختيار الملابس في النهاية جزء من الحرية الشخصية، وكل شخص يلبس ما يتناسب مع ذوقهraquo;.
زياد هو الآخر يصر على اختياراته فيفيد laquo;أحب الباجي (بنطلون فضفاض متدلٍ) و laquo;التي- شيرت الكتraquo; (بدون أكمام) وتعجبني هذه الموديلات، لأنها تتلاءم مع شخصيتي، فأنا شاب أحب الحياة والرياضة، وأعترف أني مشاغب نوعاً ما، ولكن أنا هكذا، وملابسي تعبر عني دون تقليد لأحد، وأعتقد أن من حقي أن أعيش زمني كما عاشه غيري من قبلي على طريقتهم التي كانت تتلاءم مع زمانهم، ومن حقي أن أتمتع بشبابي كما أريد، وأن أعبر عن جيلي الذي هو من الطبيعي أن يكون مختلفا عن الأجيال السابقة، فلكل جيل ظروفه وأسلوبه المختلف في كل شيءraquo;.

إذا لم تستحِ فافعل ما شئت

مهما كانت نسبة المؤيدين لنمط الملابس الجديدة، فهي إلى الآن محدودة نسبيا، وما زالت أصوات المعترضين مسموعة وأكثر ارتفاعاً. فيصرح ياسر بهجت: laquo;يقولون حقنا؟! إذا كان الشاب يرى أن هذه الملابس من حقه (فلنفسه عليه حق) قبل كل شيء، لذلك فليحترم نفسه ويقدرها حتى في شكله، فليس كل ما في هذه الحياة مقبولا، وإلا (إذا لم تستحِ فافعل ما شئت)، فعندما أرى شاباً بهذا المنظر أستغرب! كيف وصل إلى هذه المرحلة؟ وكيف تقبل عقله ارتداء هذه الملابس التي تحول الشاب إلى مشهد غير مألوف وتدل على خرم في المروءة؟ فمثلاً ليس من الضروري أن أتكلم طوال الوقت باللغة الإنجليزية لمجرد أنني أعرف التحدث بها، وكذلك هي الحال في لغة الملابس، فليس كل ما نجده على الإنترنت والتلفزيون من ثقافة غربية نأخذها ونقلدها لمجرد علمنا بها، لأني شاب عربي يجب أن أعطي البصمة المحترمة للرجل العربي المثقف، وأقصد بالرجل المثقف من لا يخرج عن الإطار المستحدث ولا عن الإطار القديمraquo;.

ضعف في الشخصية

من جهته يقول أنس أبو يوسف (طالب جامعي): في الغالب الشخص الذي لا نعرفه نحكم عليه من شكله الخارجي ولبسه، وهذه النوعية من الملابس منظرها غير مقبول، لذلك أرفضها، فهي لا تعبر عن شخصية الشاب العربي، ولا عاداته وتقاليده، وغير ذلك لا تتلاءم مع الجميع، وأنا شخصيا أعتبر أن الدافع الأساسي للإقبال على هذه الملابس لدى بعض الشباب يكمن في ضعف الشخصية، فليس كل ما نراه على التلفزيون نقلده دون تفكير ووعي.

ثقافة غربية

في السياق ذاته يقول محمد عبدالعظيم: laquo;قبل فترة قرأت خبرا عن إحدى المدارس في أميركا، أنها منعت طلابها من ارتداء هذه الملابس، فإذا كان هذا اللبس مرفوضاً عند من ابتكره وهم الغرب، فما هي الحال المفترضة هنا؟! باختصار هي ثقافة مأخوذة من الغرب، لكنها سلبية، فعند الغرب أشياء جميلة متعددة يمكن أن نستفيد منها ونطورها لصالح نهضتنا مع الاحتفاظ بعاداتنا وتقاليدناraquo;.

الفتيات: منظر غير مقبول

إذا كان بعض الشباب يرتدون هذه الملابس بهدف لفت الانتباه -وخاصة انتباه الفتيات بلا شك- فإن كثيراً من الفتيات لا يستسغن هذا الهندام ويعتبرنه إخلالاً بقيم الرجولة. تقول الآنسة منى: أنا لست ضد لبس laquo;السبورraquo; والملابس العملية، فمنها ما هو مقبول وجميل، ولكن عندما ينزل البنطلون لأسفل الخصر فما الداعي لهذا؟! أنا لا أقبل أن يرتدي أخي مثلاً، أو زوجي أو ابني في المستقبل هذه الموديلات. فيما تقول زميلتها نورة: laquo;لو تقدم لي شاب لخطبتي بهذا المنظر وهذه الملابس، فسأرفضه حتى لو كان آخر رجل بالعالم، أساساً لبسها يمحو معنى الرجولة تماماًraquo;.

مواجهة

ويرد أيمن محمد على هذا التعليق -بعدما أدلى بإفادته أنفاً- وهو يضحك: أود أن أخبر laquo;الصباياraquo; أنه من الطبيعي أن لكل مرحلة من مراحل الإنسان ظروفها، وهذا ما ينطبق على الفتيات كذلك، فلا أعتقد أنني سألبس هذه الملابس عندما أكون في الثلاثينيات من العمر، فللزمن والسن أحكام.
على ما يبدو أن مهدي النجار مقتنع هو الآخر بهذه الملابس حتى بعد الزواج، ويصر على إفادته السابقة، فيرد: laquo;لا أعتقد أنه عائق على طريق زواجي مستقبلاً، رغم أن الناس للأسف أصبحوا يحكمون على الآخرين من مظهرهم الخارجي، ولكني مقتنع بهذه الملابس، وعموما لكل مناسبة ملابسها التي تليق بها، ففي الجامعة وطلعات الشباب أرتدي هذه الموديلات من الملابس، وفي المناسبات الرسمية كالأعراس ألبس البذلة، وفي المسجد الثوب.. والمتزوج كغيره يحتاج للتغيير، وعلى سبيل المثال عندنا دكتور في الجامعة يلبس laquo;الجينزraquo; رغم كبر سنه ومكانته، ومع ذلك كلنا نحترمه ولا أرى أنه شيء معيب، لأنه في النهاية هو كأي شخص عادي يحتاج للتغيير فلا يعقل أن يلبس البذلة دائماً لمجرد أنه دكتورraquo;.

تشبه بالنساء

توافق السيدة أمل (مدرسة في إحدى المدارس المستقلة) رأي مشايخ الدين في هذا الصدد وتقول: laquo;الشاب يلبس laquo;التي- شيرتraquo; الضيق حتى يكاد يتمزق، ويلبس البنطلون القصير، واللون الوردي والأحمر.. وهذه موديلات تتلاءم مع الأنثى أكثر من الرجل، وعلى العموم هي مرفوضة شرعاً للطرفين من ناحية الموديلraquo;، ويتابع ياسر بهجت رأيه في شأن الألوان: laquo;بالنسبة للألوان فالرجل يتميز بالألوان الغامقة الهادئة، فأنا ألبس الأخضر والأزرق ولا داعي للمزركش الصارخ.. وبالنسبة للموديلات العجيبة الغريبة فنحن ضد المرأة أن تلبس الضيق وما يظهر مفاتنها فما بالك بالرجل؟!raquo;.
هذه المرة يرد أيمن وهو غاضب: laquo;لا أعتقد أن لبس الضيق تشبه بالنساء لأنه بالأساس كما قال المعترضون هو حرام على البنت، إذاً الضيق ليس شيئاً يخص البنت، ولا يعبر عن معنى الأنوثة، لأنه لا يجوز لها شرعاً، وبرأيي التشبه يظهر من خلال طريقة الكلام، والمشي.. وغيرها من مظاهر الأنثويةraquo;. هذا الرأي يشاطره فيه النجار قائلاً: laquo;التشبه يظهر في أشياء أخرى فأنا مثلاً لا أميز بين النظارات الشمسية للرجل والنظارات الشمسية الخاصة بالبنت، فموديلاتها وألوانها أصبحت واحدة تقريباً، ويلبسونها في النهار والليل، وكذلك تطويل الشاب لشعره وربطه كالفتيات، وهذا ما أعترض عليهraquo;.