لندن - أحمد مغربي

بعد أن وصلت أساليب التلقيح والإنجاب الاصطناعيين إلى الاستنساخ، بل تجاوزته إلى صنع أول مبيض أنثوي أخيراً، التفتت أكاديمية كارولينسكا السويدية إلى بدايات هذا الطريق ومنحت جائزتها في الطب لهذه السنة لشيخ عجوز في الـ85 من عمره. والحق أن الدكتور روبرت إدواردز، وهو اختصاصي في علم الفيزيولوجيا (وظائف الأعضاء) صنع في المستشفى الجامعي لمدينة مانشستر الإنكليزية، البداية الحقيقية لعلوم الإنجاب اصطناعياً. وبالمشاركة مع صديقه الدكتور البريطاني أيضاً، روبرت ستبتو، استطاع إنجاز التلقيح الاصطناعي الأول تاريخياً. وبعيد لحظات من منتصف ليل 25 تموز (يوليو) 1978، وُلِدت لويز براون، التي حملت فوراً تسمية laquo;طفلة الأنبوبraquo;. وبعد هذا النجاح أسّس الطبيبان عيادة laquo;بورن هولraquo; في كامبريدج، فصارت المركز الأول للتلقيح الاصطناعي في العالم. وحالياً، تنجح عمليات التلقيح الاصطناعي، التي تطوّرت كثيراً، بنسبة تصل الى 30 في المئة.

لقاء طفل الأنبوب و... laquo;دولليraquo;

لا تزال لويز براون حيّة. وشارك إدواردز في عرسها في مانشستر. وحملت براون طبيعياً. وأنجبت طفلاً في العام 2006، ما اعتبر تأكيداً هائلاً لنجاح التلقيح الاصطناعي في إعطاء مواليد طبيعيين تماماً. وبين ولادة براون وإنجابها، وُلِد ملايين الأطفال بفضل تقنية إدواردز وستبتو اللذين اشتُقّت من تقنيتهما وسائل عدّة في التلقيح الاصطناعي، مثل laquo;إكزاraquo;، إذ يكفي وجود عدد قليل من الحيوانات المنوية (نظرياً، يكفي حيوان منوي وحيد) لإنجاز الحمل اصطناعياً.

وفي الطريقة التي ابتكرها إدواردز وستبتو، يصار إلى تحريض مبيض الأنثى بواسطة الهورمونات، كي ينتج عدداً من البويضات الطبيعية الناضجة. وبعدها، تؤخذ بويضة أو أكثر، وتغرق في السائل المنوي للرجل، ثم تنمو البويضة المُلقّحة في طبق المختبر لفترة قصيرة، وبعدها يعاد زرعها في رحم المرأة التي أُخذت منها البويضة. ويصعب إغفال أن الفترة التي عمل فيها إدواردز وستبتو على بحوث مهّدت للتلقيح الاصطناعي، تأثّرت بشدة بالاكتشافات الكبرى في البيولوجيا المتصلة بالتناسل، خصوصاً اكتشاف جايمس واطسون وفرانسيس كريك (1953)، تركيب الحمض الوراثي، الذي يؤلف الكروموزومات، وهي عناصر التكاثر والنمو الأساسية في الكائنات الحيّة.

ويلاحظ أن التلقيح الاصطناعي تطوّر تقنياً منذ إنجاز إدواردز وولادة لويز براون بتلك التقنية. وتضمن ذلك الأمر إنجازات مثل عزل البويضات الأنثوية وتبريدها والاحتفاظ بها سنوات طويلة لإعادة استخدامها، وتدعيم القدرة الإنجابية للذكر والأنثى هورمونياً، ونقل الجنين في عمر مبكر من رحم إلى آخر وغير ذلك. وقد أثارت كل خطوة في هذا المسار، مشاكل أخلاقية وفلسفية وثقافية لا حصر لها، لم ينتهِ نقاشها حتى الآن.