عبدالله الزامل

مثلما هو تعدُّد محفزات حضورنا الحضاري واستعدادنا الذي تقوده رغبة عليا من قائد قلما يجود هذا الزمن بمثله صراحةً وصدقاً ونزاهةً ووطنيةً في وقت أُثقلت فيه الأمة بشعارات وإجرام التطرف المعاصر من جهة ، وامتهان واستباحة واستغلال مقدرات الشعوب لتنمية ثروات السلطة أو رموزها من جهة أخرى ، وكذا خواء العبث الثوري المجنون الذي عانى منه عالمنا العربي في عصره الحديث ، وما زلنا نتجرع غصصه وويلاته .

مثلما هو ذلك كله ، يكون تفعيل قدراتنا الاقتصادية الهائلة وتنوع مقدرات ودوافع النمو المختلفة القائمة على ركنيها الأساس البشري حيث الغالبية السكانية الشابة ، والمادي حيث التدفق النقدي الكبير والعوائد النفطية الضخمة ، ويكون كذلك رتم الحِراك الفكري في نسيجه الثقافي والاجتماعي العام ، وتباين الرؤى والمواقف ونتاج ذلك وتأثيره المتوقع والطبيعي على منظومة الحياة وهي تعد نفسها للنهضة والانعتاق التنموي المنشود .

صحيح أننا نعاني من التطرف ، وصحيح أنه يقف بالمرصاد لكل فعل تنموي جاد ، وصحيح أنه أخذ أغلى ما نملك من شبابنا هدرا وجرحا مازال ينزف وحزنا مستقرا في الأعماق ، وصحيح أن لدينا أصواتاً ليبرالية متطرفة ترى في الغرب وتجربته - خيرها وشرها - طريق خلاص وحيدا ، كما أن لدينا أصواتاً تقليدية متطرفة هي الأخرى ترى أن الرجوع للماضي والعيش فيه هو الطريق الوحيد أيضا نحو ذات الهدف ، وفي نهايتيْ حدّي الطرفين هذين تكون معاناتنا في رؤيتنا الحضارية، ويكون بُعدنا عن فهم بعضنا ، ونتيجة هذا الخلل ndash; البعد - يكون مشهدنا الذي لا يعكسنا كما نحن - كماً أو نوعاً - بقدر مايعكسنا تصنيفاً وصوتاً مرتفعاً ، وتأولاً لتوصيف الوسطية عندما يعرّفها كل طرف متطرف .

إيجاز هذا المشهد يمكن أن يحصر في منطقة التأثير الايجابي إذا ما استخدم معها أسلوب إدارة الأزمة وتم تجنيب أحد الطرفين أذى الآخر الفعلي من طرف، أو الاستفزازي من الطرف الثاني بما يمكّن المجتمع بجميع شرائحه وأفراده من بناء أسرع وأمثل لمنظومة التنمية وجعلها تعمل بكامل أدواتها وحشد جميع الطاقات لها وحدها دونما التفات لغير المصلحة الوطنية ، ودونما اصطفاف لا يرى من الوطن وأهله إلا الوجه الأيديولوجي المبني ربما على الخداع أو العادة ليس إلا..