العالم أفضل من دون صدام وبوش

صبحي زعيتر
الوطن السعودية
يعتز الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بغزوه العراق، رغم اعترافه بأن الأسباب التي دفعته إلى ذلك لم تكن مقنعة، وأنه غضب حين لم يتم العثورعلى أسلحة دمار شامل في العراق.
يعتز الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بغزوه العراق، رغم اعترافه بأن الأسباب التي دفعته إلى ذلك لم تكن مقنعة، وأنه غضب حين لم يتم العثورعلى أسلحة دمار شامل في العراق.
ولكن الرئيس الذي أكثر من أعداء بلاده، اعتبر في كتابه الذي صدر أمس بعنوان quot;نقاط قرارquot;، أن العالم وليس العراق فقط، أفضل من دون صدام حسين، دون أن يعي أن العالم بدونه أصبح أفضل، إذ قلّت الحروب الأميركية في العالم، وعاد إلى الولايات المتحدة أعداد كبيرة من الجنود كان قد زُج بهم في أصقاع واسعة من العالم، وأن من تبقى من هؤلاء سيجدون أنفسهم بعد سنوات يمارسون حياة طبيعية بين أهلهم وأحبتهم.
لم يخجل بوش من احتلال العراق وتدمير بناه التحتية والفوقية وتركه عرضة للتمزيق والتشرذم، فهو خطط لذلك مع أركان حكمه من المسيحيين المتصهينين، وربما كان يحلم بتغيير خريطة الشرق الأوسط انطلاقا من العراق، وهو ما عبرت عنه وزيرة خارجيته كونداليزا رايس في أكثر من مناسبة، وربما كان مخطط المحافظين الذين أحاطوا به يطمح إلى أكثر من ذلك.
تبرز عدوانية بوش ضد إنسانية الإنسان، عبر تبنيه أساليب تعذيب الإيهام بالغرق التي ابتكرها نظامه ضد المعتقلين في جوانتانامو، ولم تنفعه إجابته، حيث شعر بألم في معدته وبالغثيان بسبب الصور التي نشرت عن عمليات التعذيب التي ابتكرها جنوده ضد سجناء عراقيين في أبو غريب، في تلميع صورته اللاإنسانية.
مشكلات العراق ثلاث: دولية وإقليمية وداخلية
سركيس نعوم
النهار اللبنانية
لاحظت في أثناء لقائي المسؤول الرفيع السابق في سلطة عراق ما بعد صدام حسين والذي ينتمي الى حزب ديني عريق عانى كثيراً بطش الأخير، وبعد استماعي الى حديثه الاستهلالي اذا جاز التعبير على هذا النحو، علماً انني لم أكن أعرفه في السابق، لاحظت انه مثقف جداً، وان ثقافته متنوعة تبدأ من السياسة وتمر بالفكر والأدب والشعر ولا تنتهي بالطب الذي يمارسه من زمان، ولا تقتصر على quot;الانجازاتquot; العربية في هذه الحقول كلها بل تتعداها ايضاً الى انجازات عالمية على تنوّع اصحابها. ولاحظت ايضاً، انه ناضج وملتزم دينياً ومنفتح انسانياً وسياسياً رغم حزبيته quot;الدينيةquot;. ولاحظت ثالثاً، ان للآخر مختلفاً عنه أو غير مختلف مكاناً مهماً في تفكيره ووجدانه. ولاحظت رابعاً، انه يرفض الفساد وذلك من خلال استرساله في شرح تطوره في عراق اليوم أي العراق الجديد، وانه يحمّل جهات عدة مسؤولية هذه الآفة، لكنه يركز في صورة اساسية على القضاء الذي لا يُمارس دوره كما يجب، وخصوصاً في أجواء العنف وعدم الاستقرار الامني التي تسود بلاده. فالاحكام التي يصدرها على المدانين تكون مخفّفة في معظم الأحيان رغم اضرارهم البالغة والموجعة. ويعود ذلك في رأيه الى اسباب عدة منها الطائفي ومنها المذهبي. فالذين يستحقون الاعدام عقوبة لماذا لا يُعدمون؟ ومن الاسباب ايضاً الفساد المالي والرشى والمافيات. هل تعمَّد المسؤول الرفيع السابق المذكور اعلاه اعطائي صورة جميلة عنه قد تكون مختلفة الى حد ما عن الواقع؟ ربما يعتقد اخصام له أو منافسون ذلك. لكن غالبيتهم تكادتجمع على رجحان الصفات الايجابية عنده على السلبية.
بعد حديثه quot;الاستهلاليquot; هذا سألته: انت غير فاسد. وهذا ما أكدته لنا. لكن كان الفساد في quot;عهدكquot; سائداً ايضاً فكيف عالجته؟ أو هل حاولت التصدي له؟ أجاب: quot;حاربت الفساد ونجحت بنسبة 85 في المئة. أميركا اشادت بسلطتي وبعملي من دون ان تذكرني بالاسم واعترفت بالنسبة المذكورة من النجاح. وكان ذلك عندما قالت رسمياً quot;ان حكومة بين حكومتين حققت ذلك النجاحquot;. أنا تسلمت السلطة من سلفي وكان فيها أي في خزائنها 645 مليون دولار اميركي. وعندما سلمت هذه السلطة الى من خلفني على رأسها كان في تلك الخزائن نحو 14 مليار دولار. عالجت أموراً عدة. منها مثلاً زيادة رواتب اطباء التخدير في المحافظات كي لا يتدفقوا على المدينة ويتركوا سائر المناطق في البلاد في ازمة طبية كبيرة. وأمّنت وظائف جدية اي غير وهمية (أي لا بطالة مقنعة) لآلاف بل لعشرات الآلاف. لقد عملت اشياء كثيرةquot;.
كيف تصف ازمة العراق اليوم. وهل هي داخلية أم ذات خلفيات وأبعاد خارجية؟ سألت. أجاب: quot;يعاني العراق عملياً ثلاث مشكلات.
الأولى دولية، دائرتها اميركا وواجهتها الأمم المتحدة. كان مع اميركا في سياستها العراقية أيام بوش الابن ايطاليا برلسكوني وفرنسا شيراك وبريطانيا بلير واوستراليا هيوارد. هؤلاء الخمسة سقطوا في بلدانهم. وعندما فاز اوباما برئاسة الولايات المتحدة انتهج سياسة عراقية مخالفة لسياسة سلفه بوش الابن. وكان عماد هذه السياسة بل هدفها الأول الخروج من العراق (عسكرياً طبعاً) ووفقاً quot;للاتفاق الأمنيquot; الذي وقعه بوش الابن مع العراق. وهو مصمم على تنفيذ الاتفاق، ولا يهمه أو بالأحرى لا يهتم لأحد في العراق. سيخرج منه بقواته. كان بوش يفسر احتلاله العراق باقتناع راسخ عنده يفيد انه مسؤول عن دولة العراق وعن اقامة مؤسساتها. طبعاً لم يعرف بوش كيف ينفّذ اقتناعه أو كيف يترجمه. كما لم تكن عنده خطة لذلك. الآن اميركا وحدها في العراق.
المشكلة الثانية ndash; اضاف المسؤول العراقي الرفيع السابق نفسه ndash; اقليمية. هناك ايران والسعودية وسوريا وتركيا والى حد ما الكويت. ما يزعج الكويت وسيبقى يزعجهابل يؤرقها هو احتلال العراق لها أيام صدام حسين وخوفها من احتلال عراقي جديد لها. صار هذا الموضوع مادة تداول واهتمام شعبيين في الكويت. واثار مشكلات عدة. لهذا السبب فإن الهم الأول عند الكويت هو استقرار العراق ودولته. تركيا صارت لاعباً مهماً في العراق بسبب أكراده واكرادها الملتجئين الى كردستان وبسبب الاقتصاد. تخطط تركيا ليصير التبادل التجاري بينها وبين العراق زهاء 20 مليار دولار اميركي سنة 2020. يقدر هذا التبادل حالياً بحدود ملياري دولار. محمد داود اوغلو وزير الخارجية التركي هو منظّر quot;حزب العدالة والتنميةquot; الاسلامي الحاكم في تركيا. وربما يحتل مستقبلاً الموقع الذي يحتله رجب طيب أردوغان حاليا أي رئاسة الوزراء. لاحظ انه وصلت الى السلطة في تركيا وخارجها شخصيات انجزت فعلاً ولها تاريخ في الانجاز، لا شخصيات ورثت السلطة أو السياسة أو الاحزاب. اردوغان كان رئيس بلدية اسطنبول. انجز في موقعه فقدر له الناس ذلك. نجاد رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية كان رئيس بلدية طهران. وقد انجز في موقعه ومن خلاله. أوغلو منظّر quot;العثمانية الجديدةquot; يدفع في اتجاه استراتيجيا جديدة. لذلك العراق مهم لتركيا وخصوصاً من منظور quot;الجيوبوليتيكquot;.
سوريا كانت ايام صدام حسين تربح من العراق زهاء أربعة مليارات دولار اميركي. وهي تريد المشاركة في الاقتصاد العراقي بل في عملية النهوض في العراق لكي تحقق مكاسب مالية مهمة، وهي في أمسّ الحاجة اليها لأنها اساساً بلاد غير نفطية رغم وجود بعض النفط في أراضيها.
أما المشكلة الثالثة ndash; أكملالمسؤول العراقي الرفيع السابق نفسه ndash; فهي الداخلية، ومكوّناتها كثيرة وهي المكونات الاتنية والطائفية والمذهبية والتناحر السياسي والحزبي والفساد وقلة الأمن بل انعدامه وتردي الاوضاع الاقتصادية وانعدام الخدمات الأساسية للمواطنين. هناك أمران ملحان يجب ان يتأمنا للعراق وشعبه بكل مكوناته وفي سرعة هماالأمن على نحو دائم، وانهاض الاقتصاد وتأمين حاجات المواطنين وتوفير الخدمات لهم. فالناس يريدون أن يعيشوا وان يأكلوا وان تكون حياتهم طبيعيةquot;. كيف يمكن توفير ذلك؟ وبواسطة ماذا؟ سألت.