دبي

كيف تستمد قمة كانكون للتغير المناخي -المنعقدة حالياً في المكسيك- حكمتها من الأدب؟ والعقبات الرئيسية أمام هذه القمة بسبب الخلافات القائمة بين الدول الصناعية المتقدمة، والدول النامية، بشأن تحمل تكلفة خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وأصداء تسريبات quot;ويكيليكسquot; والدور الصحفي الإعلامي الذي يقوم به هذا الموقع الإلكتروني المثير للجدل، ثم أخيراً استمرار الاحتجاجات الطلابية في بريطانيا.. هي أبرز القضايا التي نعرض لها ضمن لمحة سريعة على الصحافة البريطانية.

الإلهام الأدبي في كانكون

اهتمت الصحف البريطانية الصادرة خلال الأسبوع الحالي، اهتماماً واضحاً بقمة كانكون للتغير المناخي، التي بدأت أعمالها برعاية الأمم المتحدة في المكسيك اعتباراً من 29 نوفمبر الماضي، وحتى العاشر من ديسمبر الجاري. وجاء في افتتاحية quot;الجارديانquot; الصادرة عشية انعقاد القمة، أن هذا الحدث الدولي المعني بالتوصل إلى اتفاقية قانونية ملزمة للدول الأطراف بشأن الحد من خطر التغير المناخي وخفض انبعاثات الغازات السامة المسببة للاحتباس الحراري، لا يزال عرضةً لذات الفشل الذي انتهت إليه قمة كوبنهاجن السابقة. وربما كانت قمة كانكون الحالية في أمسّ الحاجة إلى حكمة الشاعرة والكاتبة الروائية الكندية مارجريت آتوود، التي كرست كتاباتها الشعرية والروائية لإيقاظ الضمير الإنساني وتنبيهه إلى المخاطر البيئية المحيطة بكوكبنا. ويصادف انعقاد قمة كانكون للتغير المناخي مرور الذكرى الخامسة والعشرين لنشر أعمال الكاتبة الكندية التي حملت عنوان quot;حكاية الخادمةquot;. فمن خلال هذا العمل الروائي الكبير، وظفت المؤلفة الكتابة الإبداعية لخدمة قضايا البيئة، والتحذير من المخاطر البيئية التي تهدد الحياة في كوكب الأرض. وفي الوقت نفسه شكّل موضوع الرواية إلهاماً كبيراً لقدرة البشر على تغيير الظروف البيئية المحيطة بهم لصالح حياتهم ومستقبلهم.

ولعل أكثر ما تستطيع الكاتبة الكندية إلهام المؤتمرين حالياً في قمة كانكون به هو تضمين وحدة الفكر والإرادة في صلب القضايا التي تتم مناقشتها الآن بشأن خطر التغير المناخي وارتفاع درجات حرارة الأرض. كما أن الواقعية التي اتسمت بها أعمال المؤلفة الكندية quot;آتوودquot; تمثل هي الأخرى هادياً للمؤتمرين من ناحية عدم التقليل من قدرة البشر الفعلية على تدمير أنفسهم، عن طريق تدمير النظام البيئي المحيط بهم، والذي تعتمد عليه حياتهم بالضرورة.

عقبات أمام قمة كانكون

وعن الموضوع نفسه، حذرت افتتاحية quot;ذي إندبندنتquot; الصادرة عشية انعقاد القمة من مغبة فشلها حتى قبل بدء انعقادها. وعقب فشل قمة كوبنهاجن التي عقدت في ديسمبر من العام الماضي، فإن الأمل الذي يعقده الكثيرون على قمة كانكون الحالية هو التوصل إلى اتفاقية دولية ملزمة، تمكن العالم من خفض درجات حرارة الأرض إلى المستوى المقبول، الذي لا يتعدى درجتين مئويتين بحلول عام 2020. ولكن المشكلة الرئيسية التي تواجه قمة التغير المناخي الحالية، هو أن معارضة الدول الصناعية المتقدمة لهذا المعدل، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، وكذلك الخلافات التي أثارتها مطالب الدول النامية بتحمل الدول الصناعية العبء الأكبر في انخفاض انبعاثات الغازات السامة المسببة للاحتباس الحراري، بقيادة كل من الهند والصين، تظل هي نفسها العقبات الرئيسية، التي تواجه القمة المنعقدة الآن في المكسيك. والخوف أن تسيطر هذه الخلافات عليها، فتنتهي إلى ذات الفشل الذي انتهت إليه قمة كوبنهاجن. ولتفادي تكرار تلك المأساة، فإنه لا بد للمؤتمرين من التوصل إلى وحدة للإرادة الدولية. وهذا هو الطريق الذي أعلن رئيس الوزراء البريطاني عزمه على المضي فيه أثناء قمة كانكون.

quot;دفاعاًquot; عن ويكيليكس

هذا هو الموقف الذي عبرت عنه إحدى مقالات الرأي المنشورة في العدد الأخير من مجلة quot;ذي إيكونومستquot;. ويبدأ المقال بالقول إن أحد كتّاب المجلة نفسها وصف ما نشره موقع ويكيليكس من عشرات الوثائق السرية المصنفة بأنه لا يتجاوز حدود نميمة بعض الدبلوماسيين الأميركيين وغيرهم. واستنتج المقال إن نشر النميمة لا يرقى لأن يكون عملاً صحفياً أو حتى اجتماعياً يستحق التقدير والاحترام. ولكن هذا ما يجب الاعتراض عليه. فنحن نعلم مدى الصعوبة التي يمكن أن يواجهها حتى عمل أكثر حكومات العالم لياقة واحتراماً، عندما يدرك مسؤولوها أن في مقدور الكثيرين في مختلف أنحاء العالم الاطلاع على الاتصالات السرية التي تتم بينهم. كما أنه ليس هناك سبب واحد يدعو للافتراض بأن كل ما تقوم به الحكومة الأميركية صحيحاً وخالياً من العيوب والثغرات. ومن واجب العمل الصحفي الإعلامي -وهو من صميم ما يقوم به موقع quot;ويكيليكسquot; الإلكتروني- هو الكشف عن عيوب الحكومات وأخطائها، وليس التستر أو التعتيم عليها. وهذا هو الدور الذي يؤديه الموقع المذكور. وحتى لا نظلم الموقع ولا القائمين عليه، فإن من الواجب التمييز بين الحكومة -أي السلطة المؤقتة التي يقوم عليها المسؤولون المنتخبون ديمقراطياً لفترة ما يحددها الدستور- والدولة باعتبارها جهازاً أو أداة ثابتة مستدامة للحكم. ومما لا ريب فيه أن التمييز بين هاتين الظاهرتين سيساعد كثيراً على فهم الدور الذي يقوم به quot;ويكيليكسquot;.

استمرار الاحتجاجات

نعود مرة أخرى إلى صحيفة quot;الجارديانquot; في عددها الصادر يوم الثلاثاء الماضي الذي حوى مقالاً تحليلياً للكاتبة quot;روان راينجانزquot;، أكد استمرار مظاهرات ومواكب احتجاجات الطلاب البريطانيين على زيادة رسوم الدراسة الجامعية. وقالت الكاتبة إن هذه المواكب والاحتجاجات يتم تنظيمها وتنسيقها على أساس يومي داخل اجتماعات عامة تعقد داخل الجامعات وفيما بينها، ويقرر فيها كل شيء بشأن التجمع ونقاط التحرك والالتقاء، إضافة إلى وضع الشعارات الشفاهية والمكتوبة، وتحديد ما يجب عمله في كل يوم احتجاجي. وقالت إن المتظاهرين يتلقون رسائل هاتفية وإلكترونية يومية بالآلاف من الناشطين المحليين والآباء وطلاب المدارس والمعلمين وبعض الأكاديميين المتعاطفين مع مطالب الطلاب، وإن هذه الرسائل تحمل كثيراً من النصح والإرشادات والملاحظات على النشاط الاحتجاجي الذي يقوم به الطلاب في كل يوم يمر على حملة الاحتجاجات الطلابية الجارية. وعلى رغم الإجراءات التي تواجه بها قوات الشرطة هذه المواكب الطلابية، فإن من المتوقع لها أن تستمر حتى ترغم الحكومة على التراجع عن قرار زيادة الرسوم الدراسية، لأنه حسب رأي الطلاب المحتجين سيوقع الطلاب في فخ ديون لا يستطيعون الخروج منه أبداً، إضافة إلى ما يمثله من عقبة رئيسية أمام التحاق المزيد من الطلاب الجدد بالكليات والجامعات البريطانية، وإكمال الطلاب الحاليين لدراستهم الجامعية.

إعداد: عبدالجبار عبدالله