برلين

'باسم الحرية لا نريد أية مساجد في هذا المكان'.. بمثل هذه الكلمات والتي جاءت على لسان جيرت فيلدرز رئيس الحزب اليميني الهولندي المتطرف كانت افتتاحيات الصحف ووسائل الاعلام الالمانية والتي رصدت توترا دينيا كبيرا بين المسلمين والمسيحين عشية الذكرى التاسعة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر والتي خلفت زهاء الثلاثة الاف قتيل حيث شهدت ألمانيا سجالا حادا حول الإسلام وحرية الصحافة، وذلك إثر مشاركة المستشارة ميركل في تكريم صاحب الرسوم الدنماركية مما اعتبره البعض استفزازا لمشاعر المسلمين في وقت طالب المسلمون في المانيا مساعدة الحكومة لوقف الاستفزازات التي يتعرضون لها والتي زادت عن حدها في الايام الماضية .
صحيفة دي فيلت الالمانية أبرزت مكانا واسعا وعلى صفحاتها الاولى لمطالب المتطرف اليميني فيلدرز والذي ذهب للمشاركة في الاحتجاجات التي يقودها أمريكيون لكبح التوسع الاسلامي في أمريكا والذي بات مقلقا بحسب رأي هذه الجماعات، وكانت كلمات فيلدرز 'نعم للحرية لا للمساجد' وكأنها تصب الزيت على النار في وضع ديني متوتر بات يهدد المنطقة باسرها حيث يعتبر زعيم حزب الحرية الهولندي فيلدرز مثيرا للجدل والصداع في هولندا بسبب تصريحاته ومعاداته الواضحة للاسلام والمسلمين ومطالباته المتكررة بطرد المسلمين من الاتحاد الاوروبي وهولندا حيث كان آخر مطالباته ما أسماها ضريبة الخرق البالية التي تحتم على المحجبات في هولندا دفع ضريبة مالية عن حجابهن في هولندا وهو مطلب نال سخرية أعضاء البرلمان الهولندي الذي فاز حزب فيلدرز فيه بـ 24 مقعداً ليكون ثالث حزب من حيث عدد المقاعد في البرلمان المكون من 150 مقعداً.
صحيفة دي تسايت الالمانية نوهت بدورها على أن الوضع بات معقدا وينذر بالتصعيد الديني وأنه للمرة الاولى منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر فان الجماعات المناهضة للاسلام باتت موحدة بشكل كبير مما أدى الى التضييق على المسلمين خاصة في أوروبا، ولعل هذا ما دفع بالمجلس المركزي للمسلمين في المانيا بمطالبة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالوقوف وراء المسلمين في الجدل الدائر حول قضايا الاندماج في المجتمع الألماني ومساعدتهم على التغلب على مشاعر الكراهية والتي باتت تهدد استقرار المسلمين الالمان.
وفي حديثه مع صحيفة 'نويه أوسنابروكر تسايتونج' الألمانية قال أيمن مازيك، الأمين العام للمجلس 'في بلادنا هذه تزداد ضربات العداء والكراهية الموجهة ضدنا والتي جعلتنا قلقين وخائفين'.
وطالب مازيك المستشارة الألمانية بتأمين مخاوفهم وبأن تقول 'هؤلاء أيضا ألمان يشاركون في تشكيل البلاد'. وحث أيضا كبار الساسة الألمان على بعث إشارة مماثلة وواضحة قائلا إن مثل هذه الإشارات الواضحة ضرورية في هذا الجو 'المشحون'. كما اعرب عن تخوفه من استغلال الخوف من الإسلام في الوقت الراهن قائلا إن الانتقادات الموجهة للمسلمين 'ممكن بل ينبغي أن تتواجد لكن تختبئ وراء ذلك غالبا عنصرية سافرة آخذة في الازدياد'.
وكما كشفت قضية القس الأمريكي تيري جونز هشاشة العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي و'الوضع غير الطبيعي والمتوتر' الذي تمر به (العلاقة). بحسب موقع الدويتشه فيليه الالماني فان هذا القس المغمور و'المجنون'، على حد تعبير وزير الخارجية الألمانية غيدو فيسترفيله، الذي لا يتجاوز عدد أتباع كنيسته خمسين شخصا، أصبح، وفي لمح البصر، مالئ الدنيا وشاغل الناس. فقد تمكن هذا الرجل من خلال هذا العمل 'المنفر'، أي التهديد بحرق المصحف، حسب تعبير المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، من أن يسرق الأضواء ويصبح حديث الناس في كل أنحاء المعمورة.
وإذا كان هناك شبه إجماع، في العالمين الغربي والإسلامي، على إدانة هذا القس وتهديده بحرق القرآن، فإن الاهتمام الإعلامي الكبير، الذي حظي به، يظهر حجم التوتر وعدم الثقة اللذين يسودان العلاقة بين المسلمين والغرب؛ ما يسمح لأي عابث بأن يشعل فتيل فتنة كبرى. وما زاد الطين بلة هو اختيار هذا القس للذكرى التاسعة لأحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر لتنفيذ تهديده؛ وذلك كإشارة الى أنه نوع من الانتقام من الدين الإسلامي من خلال حرق القرآن لما يحمله من قدسية ومكانة خاصة لدى المسلمين.
وكانت تصريحات المصرفي البارز تيلو زاراتسين، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الألماني 'بوندسبنك' المستقيل، حول وجود عوائق بالنسبة للمهاجرين المسلمين تحول دون انضمامهم للمجتمع الألماني بسبب قد دينهم أثارت جدلا كبيرا في البلاد في الفترة الأخيرة حول قضية الاندماج بشكل عام وجاء تزامن هذا التهديد مع حدثين آخرين شهدتهما ألمانيا، في الأيام القليلة الماضية، ليدفع بالبعض إلى الحديث عن وجود 'حملة منظمة للعداء للإسلام والمسلمين في الغرب.
يذكر أن مشاركة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في حفل تكريم الرسام الدنماركي كورت فيسترغارد صاحب الرسوم التي اعتبرها الكثير من المسلمين مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أثارت انتقادات حادة من قبل المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا. حيث نشرت صحيفة 'ميتل دويتشه تسايتونغ' الألمانية الصادرة عن أيوب أكسل كولر، رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا عن خطاب ميركل الذي دافعت فيه عن حق فيسترغارد في رسم مثل هذه الرسوم :'بأنه سكب الزيت على النار'.
ورأى كولر أن ميركل 'تغذي بهذا عداوة المسلمين'.أما الأمين العام للمجلس أيمن مزيك فقد قال من جانبه إن ميركل شاركت في تكريم رسام الكاريكاتير الذي 'نرى أنه وطأ نبينا بالأقدام'. وأضاف مزيك في حديثه مع إذاعة 'دويتشلاند راديو' أن تكريم فيسترغارد في هذا الوقت يعد ذا إشكالية كبيرة. ورأى مزيك أن الرسوم صورت المسلمين في كافة أنحاء العالم على أنهم إرهابيون.