سمير عطا الله

laquo;بيسانraquo;، مكتبة عتيقة في رأس بيروت، تتحول مع الأيام إلى شيء من laquo;مدبولي القاهرةraquo;. وأقصد بذلك أن المظهر مغرق في التواضع وأيضا في الأثر عميق. وبعد ربع قرن في بيع الكتب والبحث عنها ومطاردتها في أي مكان، بدأت laquo;بيسانraquo;، مثل laquo;مدبوليraquo;، التحول إلى دار نشر. وفي الماضي لم أكن أتوقف كثيرا عند مطبوعاتها، رغم أن ساعات دوامي في المكتبة تعادل أي دوام مفروض آخر. وحتى عندما أكون مسافرا ويصعب علي العثور على كتاب ما، أعرف أن laquo;بيسانraquo; سوف تتمكن من ذلك.

انتقلت laquo;بيسانraquo; الدار، من نشر كتب الأصدقاء والرفاق، إلى النشر المهني والاحترافي. ومن إصداراتها أخيرا laquo;معجم الألفاظ والمصطلحات التاريخية الدخيلةraquo; للدكتور رياض غنام، الذي أكد علميا شكوكي غير العلمية؛ وهي أن معظم ما نستخدم من عاميات شعبية متحدر من الفارسية لا من التركية. وكنت أستند في ذلك إلى أمرين بسيطين مبسطين: الأول، أن العلاقة مع الفارسية أقدم بكثير، والثاني أن الفارسية أغنى من التركية بكثير. ولذا فإن الكثير مما وصل إلينا تركي ذو أصول فارسية.

ومما يفيدنا به laquo;المعجمraquo; الصغير أن كلمة laquo;فدانraquo; سريانية الأصل. وهي عند المصريين مساحة من الأرض، وعند اللبنانيين زوج من الثيران للفلاحة. وlaquo;الدستورraquo; كلمة فارسية - هندية. وlaquo;الدسكرةraquo;، التي نكثر من استعمالها بمعنى البلدان، فارسية تعني في الأصل محفة النقل. وlaquo;البشتraquo;، فارسية تعني في الأصل الظهر. وlaquo;الدايةraquo; أو laquo;القابلةraquo;، فارسية وتعني القابلة غير القانونية. واللقب كان شائعا (وكذلك المهنة) في لبنان قبل انتشار المستشفيات. وlaquo;الدباجةraquo; وlaquo;الديباجraquo; وlaquo;الدبوسraquo;، فارسية. وlaquo;الدرابزينraquo;، أو الحاجز، يونانية. وlaquo;الدارraquo;، فارسية ومعناها في الأصل المشنقة. وlaquo;الخلخالraquo; فارسية. وlaquo;خندقraquo;، وlaquo;خربوشةraquo; (الخيمة الفقيرة)، وlaquo;خردةraquo;، وlaquo;خرطوشraquo;، وlaquo;جفتىraquo; (مثنى) فارسيات.

laquo;الإبزيمraquo; (مهماز) يونانية. وlaquo;الأبلةraquo; (الأخت الكبرى) تركية، وهو في مصر لقب المدرسة. وlaquo;الجندرمةraquo; (الدرك) إيطالية، وlaquo;البلاطraquo;، سريانية من جذر يوناني، وlaquo;بلشةraquo; (ورطة) من الآرامية، وlaquo;الزمرةraquo; تركية، وlaquo;الصندلraquo; (الحذاء) تركية، وlaquo;الشختورةraquo; (القارب) إيطالية.. إلخ.

في laquo;إشكالية المصطلح في الفكر العربيraquo; ينقلنا الأستاذ علي بن إبراهيم النملة في laquo;دقائق المصطلحات والفروقات ومعانيهاraquo;. ومن أجمل ما ينقل معنى السماحة عند أبو حامد الغزالي، فمن كان سمحا حسن الخلق فعليه laquo;أن يكون كثير الحياء قليل الأذى كثير الصلاح صدوق اللسان قليل الكلام كثير العمل قليل الزلل قليل الفضول برا وَصولا وقورا صبورا شكورا رضيا حليما رفيقا عفيفا، لا لعانا ولا سبابا ولا نماقا ولا مغتابا ولا عجولا ولا حقودا ولا بخيلا ولا حسودا، بشاشا هشاشا يحب في الله ويبغض في الله ويغضب في الله، فهذا هو حسن الخلقraquo;.