محمد عيادي

تودع أفغانستان عام 2010 على إيقاع فشل مستمر للاستراتيجية الأميركية بهذا البلد، وارتفاع عدد قتلى القوات الأجنبية إلى أكثر من 700 قتيل، ثلثاهم تقريبا أميركيون، رغم قرار الرئيس باراك أوباما بإرسال دفعة جديدة قوامها 30 ألف جندي، لتشكل سنة 2010 أسوأ سنة على القوات الأجنبية منذ الإطاحة بنظام laquo;طالبانraquo; أواخر سنة 2001.
ويبدو أن الإدارة الأميركية وحلفاءها الغربيين في حيرة من أمرهم، حيث إنهم لم يحسموا المعركة مع حركة laquo;طالبانraquo; عسكريا، وفي الوقت نفسه لم يستطيعوا كسب ود الشعب الأفغاني بفشلهم في أمرين، الأول عدم الوفاء بعهود إعادة إعمار أفغانستان وتنميتها (البنية التحتية، التعليم، التشغيل...) رغم جمعهم مليارات الدولارات تحت شعار إعادة الإعمار وما إلى ذلك من الشعارات، والثاني، الفشل في تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة -سواء الانتخابات الرئاسية أو التشريعية التي نظمت في سبتمبر الماضي- من شأنها بناء مشهد سياسي أفغاني قادر على استيعاب المعارضة في مسلسل ديمقراطي سلمي، فنظمت انتخابات هيمن عليها الفساد والتزوير بشهادة لجنة الانتخابات الأفغانية قبل غيرها، يضاف إلى ذلك اتهامات الفساد التي تلاحق حكومة الرئيس حامد كرزاي سواء من طرف الغرب أو المعارضة الأفغانية.
وعدم الحسم العسكري وصعوبته التي اعترف بها جنرالات من قوات التحالف كما يسمونها، جعل الإدارة الأميركية تلين موقفها من خيار الحوار والمفاوضات
مع حركة laquo;طالبانraquo; وتعطي لحليفها حامد كرزاي الضوء الأخضر للسير في هذا الاتجاه بشروط، أبرزها أن يكون الحوار مع من يقبل من داخل الحركة المذكورة بالتخلي عن السلاح والدخول للعلمية السياسية ومنحهم مناصب في الحكومة وما إلى ذلك من المحفزات، وهو ما ترجم في تأسيس المجلس الأعلى للسلام الأفغاني خصيصاً لمهمة الحوار والمصالحة وتكليف برهان الدين رباني الرئيس الأفغاني السابق برئاسته.
لكن رفض حركة laquo;طالبانraquo; حتى الآن كل نداءات كرزاي للمصالحة، لاشتراطها انسحاب القوات الأجنبية أولا لقبول الجلوس على طاولة الحوار، جعل مهمة الحكومة الأفغانية والإدارة الأميركية وحلفائها أصعب، فالحسم العسكري صعب أمام تنامي قوة laquo;طالبانraquo; من جديد، الأمر الذي جعل الجنرال جوزيف بلوتز الناطق باسم ما يعرف بـ laquo;القوة الدولية المساهمة في إرساء الأمن في أفغانستانraquo; المعروفة اختصاراً بـ laquo;إيسافraquo; يحذر من أن الجنود الأجانب سيواجهون خلال 2011 مزيدا من هجمات laquo;طالبانraquo;، ونفس التخوف عبر عنه الموفد الخاص للأمم المتحدة إلى أفغانستان ستيفان دي ميتسورا خلال نقاش دار في مجلس الأمن الدولي، حيث قال إن حركة laquo;طالبانraquo; تعد لهجمات قوية في البلاد، مبديا خشيته من وضع متوتر في الأشهر المقبلة، مضيفا أن laquo;كل الناس تعترف بأنه لا يوجد حل عسكري صراحة.. حتى طالبان يعتقدون ذلك حتى وإن كانوا لا يقولون ذلك علناraquo;.
وكانت الدعوة لوقف الحرب آخر وصية للمبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك قبل وفاته، إذ ذكرت صحيفة laquo;واشنطن بوستraquo; أن هولبروك قال لطبيبه الجراح الباكستاني قبيل دخوله لغرفة العمليات laquo;يجب وقف هذه الحرب في أفغانستانraquo;.
والسؤال المطروح اليوم، هو: كيف تستطيع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وحلفاؤها البحث عن مخرج من هذه الورطة بأقل الخسائر بعد هيمنة الجمهوريين على مجلس النواب وعزمهم على إرباك خطط الرئيس الديمقراطي واستراتيجية بدء الانسحاب من أفغانستان مع صيف 2011، وبات ذلك واضحا من خلال عدد
من المواقف التي عبر عنها الجمهوريون في الأسابيع الماضية، والتي تضيق باب الحوار وتوسع باب الحرب واستمرار النزيف، الأمر الذي سيجعل أوباما أمام
امتحان عدم تحوله إلى نسخة من سلفه جورج دبليو بوش في التعاطي مع الملف الأفغاني?