يوسف الكويليت

في الحروب الحديثة تأتي الانتصارات لصالح الشعوب المعتدى عليها، وفي منطقتنا انتصرت الجزائر على فرنسا، والمصريون واليمنيون والعراقيون على بريطانيا العظمى، وكذلك الهند وفيتنام وغيرها، وحالياً هناك ورطة عسكرية لجيوش دولية غارقةٍ في العراق وأفغانستان تأتي على رأسها أمريكا، ، وقد تجنبت مواقع التوتر في الصومال والسودان حتى لا تتكرر التجربة وتنزلق إلى حروب استنزاف، ولعل مبرر الحروب الكلاسيكية انتهى عندما صارت أي دولة عظمى تتدخل بأي مبررات، سواء من أجل الثروات والأسواق، أو ما تدّعي أنه حماية لأمنها، أو تأهيل تلك الشعوب تحت بند الوصاية لتحكم نفسها..

في المؤتمر الدولي المنعقد من أجل أفغانستان، طُرح مشروع الحوار مع طالبان من خلال وسيط، وهو الطريق الوحيد لحفظ ماء وجه الدول المحتلة وحكومة laquo;كرزايraquo; ؛ لأن أفغانستان التي هزمت كل الجيوش الغازية منذ الإسكندر الأكبر مروراً بكل الغزاة، وانتهاءً بالجيوش المتواجدة الآن، فإن طبيعة البلد وشراسة المقاومة وشجاعة المواطن الأفغاني ، ومعرفته تضاريس بلده، أدت إلى فشل أي غزو، وبالتالي فالحوار ، حتى لو تم، فإن شروط طالبان لن تأتي بالاستسلام، وإنما بتعويضات وإعادة بناء وشراكة في الحكم، وخروج المحتل، لأنها تشعر أن مجرد طرح فكرة الحوار، يعتبر تسليماً بالهزيمة، أو الورطة إذا أردنا تخفيف الوقائع المعقدة على الأرض..

وكل الطرق التي ذهبت إلى الحرب بدعوى التفوق العسكري، انتهت إلى وعود، وتحت وطأة ضغوط المقاومة، سلّمت بانتهاج سلوك الحوار، وأفغانستان، حتى لو انقسمت بين طرف يؤيد الاحتلال، وآخر يقاومه، فإن مناظر القتلى وهدم البنية الأساسية، وانتهاك حقوق المواطنة، وسائل لإلهاب المشاعر، وفي حالة أفغانستان، فإن المحتل يخالف عقيدة الوطن، وهي أهم الدوافع لجذب كل القبائل وتلاحم المواطنين ضد الغزاة، ولولا أن طالبان أدخلت مفاهيم وسلوكاً يغايران الفروض التي أقيمت على المواطنين من الجنسين، ومحاولة وضعهم تحت طائلة حكم متشدد، لما وجدت القوات المحتلة فرصتها، وهنا إذا كان الطريق سالكاً بالحوار، وخشية أن تعود أفغانستان لاحتضان الإرهابيين ، وعودة التحالف مع القاعدة، واستقطاب عناصر من كل العالم الإسلامي، فإن اعتماد خطة بناء شاملة تعيدها إلى العصر الحاضر، هو المفتاح بأن يقبل الأفغان الحل ويتم تأمين سلامة العالم..