عثمان بن حمد أباالخيل

السخرية مرض العصر وربما العصور الماضية، السخرية ليست من طبائع الانسان، بل هي نتاج الاختلاف بين البشر، وهي لا تنبعث إلا من نفس ملوَّثة بجراثيم العُجْبِ والتكبُّر، فهي تعمل على إيذاء من حولها بدافع الشعور بالفوقية المتغلغلة في أعماقها المريضة. للسخرية تعاريف مختلفة وأقربها الى الواقع: (الاستحقار والاستهانة والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك منه، ويكون ذلك بالمحاكاة بالقول أو الفعل أو الإشارة أو الإيماء)، وكذلك هو (محاكاة أقوال الناس أو أفعالهم أو صفاتهم أو قولهم قولاً أو فعلهم فعلاً أو إيماءً أو إشارة على وجه يضحك منه ويؤذي المُستهزأ به).

ترى لماذا يسخر البعض من بعض؟ هناك بواعث لكنها جميعاً غير مقنعة ولا تمت للإنسانية، من تلك البواعث التكبر واستصغار المستهزأ به، النظرة الفوقية، الاختلاف في اللون والشكل، الاحتقار، عدم الثقة بالنفس، والطبقية في المجتمع. وهكذا ولكم أن تضيفوا المزيد من البواعث لعملية السخرية. ديننا الاسلامي حذر وتوعد الساخرين قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).

إنّ كثرة وسائل الاتصال الاجتماعي ساهمت كثيراً في تعزيز السخرية بين الناس وللأسف كثرت وتعددت طرق الاستهزاء والسخرية. بل تفنن البعض واخترع طرقاً للسخرية من البعض.

إننا نسخر أحياناً بطريقة مؤذية محبطة، ومثالي على ذلك، ستنفجر ضحكاً إذا لاحظت أحداً سكب القهوة على ثوبه عن غير قصد؟ أو فشل في الحصول على وظيفة أو يقود سيارة قديمة متهالكة أو نسي القلم وراء أذنه. عموماً كثيراً من السخرية دليل ضعف تقييم الشخصية. «المدح غير المستحق سخرية متخفية»، و»داخل كل ساخر مثالي إنسان مُحبَط». عالم النساء، عالم يزخر بالسخرية من بعضِهن البعض. وهذه بعض عبارات وألفاظ السخرية، شوفي شعَرها تِقل، لابسة جزمة عشر سنتي، فستانها من البالة، مكياجها كيلوين، وش جابها بالعرس، قروية ولابسة الماس . ولكِ أن تضيفي من هذه العبارات التي تدل على الاستهزاء والسخرية. على قدر حب المرأة يكون انتقامها، فقلت على قدر السخرية من المرأة يكون انتقامها، فالمرأة قد تصبر على الإساءة وتتحملها، ولكن لا تنساها.

فالإنسان المريض بداء السخرية عليه أنْ يعالج من هذا الداء، والحمد لله أنه مرض غير معدٍّ ودواؤه متوافر وهو العودة الى الطريق السليم السهل، طريق التواضع وحب الآخرين وعدم النظرة الفوقية والتقيد بتعاليم وقيم الإسلام. أطفالنا أمانة في أعناقنا، علينا ألا نعلمهم السخرية من الآخرين، وعلينا إبعادهم عن تعبيرات الوجه ولغة الجسد عند نسخر.

(ما أجمل النظافة، ولكن ما أعظمها عندما تكون في عقولنا). جورج برنارد شو.

همسة:

السخرية من الآخر أقصر الطرق إلى قطع الود والمحبة.