جمال بنون
السبت الماضي حاولت أن أتهرب من أي شيء لونه أحمر، وقررت ان أعمل مقاطعة لكل شيء احمر، حتى اكسب ود وحب الناس الذين اخبروني وحذروني ان يوم الأحد 14 ابريل يوافق عيد الحب أو laquo;الفالنتاينraquo;، وأن اتباع أو مناصرة هذا العيد وهو لغير المسـلمين وانه اسم لقسيس نصراني.
في صندوق بريدي الالكتروني ارسل لي كثير من الاصدقاء قبل التاريخ المحدد لعيد الحب، تهاني وتبريكات واقترحوا عليّ أن أذهب انا وزوجتى الى مكان رومانسي لتناول طعام العشاء على ضوء الشمع الخافت، وقبلها بأيام ارسل لي الصديق جميل فارسي في جدة من خلال مجموعته البريدية نماذج لعقد ذهبي جميل على شكل قلب، تصميمه مغرٍ وعلق في طرف الرسالة قائلاً laquo;للحبّيبة المتزوجينraquo; بتشديد الباء، إلا ان رسائل التحذير كانت اكثر من الذين يريدون مني ان احتفل بهذا اليوم، احد الاصدقاء، جزاه الله خيراً، ارسل لي عبر البريد الالكتروني عن اهوال يوم القيامة، وارسل تفاصيل قصة القسيس تقول القصة إن laquo;فالنتاينraquo; كان يعيش في أواخر القرن الثالث الميلادي تحت حكم الإمبراطور الروماني كلاوديس الثاني.
وفي 14 (شباط) فبراير 270م، قام هذا الإمبراطور بإعدام هذا القسيس الذي عارض بعض أوامر الإمبراطور الروماني، وقد لاحظ الإمبراطور أن هذا القسيس يدعو إلى النصرانية فأمر باعتقاله.
وفي السجن تعرف على ابنة لأحد حراس السجن، بحسب ما تقول الرواية ووقع في غرامها، وقبل أن يُعدم أرسل لها بطاقة مكتوباً عليها laquo;من المخلص فالنتاينraquo; وذلك بعد أن تنصّرت مع 46 من أقاربها.
لا أخفي عليكم: شعرت خلال الأسبوع الماضي ان كل ما هو حولي يوحي لي بالاحتفال، سيل الرسائل البريدية، على الفيس بوك، خصوصاً الصفحات السعودية والعربية، على هاتفي النقال، اثناء الحديث، حتى بلغ الامر ان كثيراً من الناس ربط اجازتهم الدراسية التي منحت للطلاب بعد الاختبار فرصة للسفر من اجل المشاركة في هذا اليوم.
اشغلنا laquo;الفالنتاينraquo; واصبح هو الحديث المهم وسط الناس في الشارع في المكتب في المنزل حتى على شاشات التلفزيون العربية، وكأنه لم يبق سوى سي laquo;فالنتاينraquo; هذا الكلام والنقاش وانقسام المجتمع يحدث في أي مناسبة تعتبر laquo;لحمة نَيّةraquo; غير قابلة للهضم لهذا يكون الحوار والنقاش موسعاً.
ذكرتني سيرة العشق والحب في رواية الزميل الصديق إبراهيم بادي التي لم تدخل أو توزع في المكتبات لأنها تحمل عنوان laquo;حب في السعوديةraquo;، ورواية اماني السليمي laquo;الحب بعد فوات الأوانraquo; ومجموعات كتب وروايات قصصية، شيء جميل حدث معي الجمعة الماضية حينما قابلني احد الأصدقاء خارج المسجد وهو يحمل مجموعة من الكتيبات الصغيرة يوزعها غلافها احمر ويحتوي على أحاديث وآيات قرآنية مفيدة، وقال لي بالحرف الواحد وهو يعطيني الكتيب laquo;انتبه لنفسكraquo; قلت من ماذا؟ قال لي: لا تتهور، لا تقلد غير المسلمين في احتفالاتهم، شكرته على هديته وعلى تنبيهه لي.
وزادتها الصحف laquo;بلّةraquo; وهي تنشر أخباراً عن الهيئة وملاحقتها للورد الاحمر وأنها شكلت فرقة خاصة ورصدت مواقع لمتابعتها، ليس هذا فحسب بل انها ستطارد من يلبس القميص الاحمر والبنطلون الاحمر وكل شيء قد يوحي بأنه احتفال او تضامن مع سي laquo;فالنتاينraquo;.
فبالله عليكم هل بعد هذا تريدون مني ان أنسى هذا اليوم ولا أتذكره؟ فكل شيء من حولي ومحيطي ينبهني الى هذا الموعد أو التاريخ أو الاحتفال سموه كيفما شئتم، والناس ان لم يقصدوه الا انهم يطلقونها ايضاً من باب المزاح مثلما سألني صديقي كان يتحدث معي عبر الهاتف: laquo;فين ناوي تروح يوم السبت أكيد مظبط نفسك على حفلة رومانسية مع زوجتكraquo;.
بصراحة يوم السبت الماضي مر كئيباً لأنني لم أتمكن من ضبط نفسي بعدم التعامل مع اللون الأحمر، إلا أنني اكتشفت أنني رأيت اللون الأحمر أكثر من أي يوم آخر، حضرت زفافاً لأحد الأصدقاء السبت الماضي، وكل الذين رأيتهم وقابلتهم كانوا يلبسون الغترة الحمراء laquo;الشماغraquo; وشاهدت كاسات عصير الفراولة تدور على الضيوف، تمنيت لو أن الإشارات ايضاً تغيرت ألوانها، وأن تحولها إدارة المرور بدلاً من الأحمر إلى اللون الرمادي أو الأسود.
في الحقيقة نحن نجعل من laquo;الحبة قبةraquo; لا يحدث هذا فقط في الاحتفال بعيد الحب، بل أي مناسبة اخرى مثل احتفالات أعياد الميلاد، ورأس السنة الميلادية.
وأحياناً أشعر بأن هناك تعمداً لإثارة هذه المواضيع من اجل تأجيج المجتمع وخلق نقاش وصراع بين تيارات مختلفة الغاية منها معرفة الاقوى بالطبع ليس فكرياً ولا حوارياً ولكن الاقوى نفوذاً وسلطة في إيقاف الآخر، أظن ان اهتمامنا بمثل هذه المناسبات اكثر من الشعوب التي تؤمن بها، او تحتفل بها اصلاً، بينما نجد في مجتمعنا لا نزال نعيش الصراع، ولعلي أسوق هنا فكرة طرحها الكاتب عادل محمد عبده، وهو تبني العالم الاسلامي يوماً للحب بما يتماشى مع تعاليم الدين الاسلامي، ويتم اختيار الورد الأبيض دليل الصفاء والنقاء... فكروا فيها قد تروق لكم..
التعليقات