بيروت

مع تفشّي ظاهرة منح الألقاب للفنانين يميناً وشمالاً وآخرها لقب أجمل امرأة في العالم الذي أغدقه موقع Top99 women على الفنانة هيفاء وهبي، وتبيّن في ما بعد أنه لا يحمل من العالمية أدنى مقوّماتها إنما هو عربي بامتياز، يبرز السؤال: هل هذه الألقاب لتقييم الفنان أم لابتزازه أو لتعويمه؟

مع أن هيفاء معروفة بذكائها منذ بزوغ نجمها كوجه جمالي في عالم الشهرة والأضواء، إلا أن ذكاءها خانها هذه المرة عندما كشفت عن هوية الموقع الذي منحها اللقب، إذ تبين أن زواره في معظمهم من لبنان والأردن وسورية والسودان... ولم تشارك في اللجنة التحكيمية أنجلينا جولي وغيرها من النجمات العالميات، كما شيّع.

كيف ستحتوي هيفاء هذه الهفوة التي ليست لصالحها إطلاقاً، خصوصاً أنها لم تعد بحاجة إلى أي استفتاء لتثبت أنها إحدى أجمل نساء العالم؟ فقد سبق أن فازت في عام 2005 بجائزة أفضل فنانة في استفتاء موقع laquo;إيلافraquo; الإلكتروني المشهود له بمصداقيته، بدليل أنه توقّف عن تنظيم مثل هذا الاستفتاء بعدما أصبحت الألقاب التي تمنحها المواقع الإلكترونية تشكّل علامة استفهام كبيرة.

ليست هيفاء الوحيدة التي تحتكر هذه الاستفتاءات، فقد أُعلن أخيراً أن المغنية صوفيا المريخ، فازت بلقب أجمل فنانة في العالم، في استفتاء أجراه أحد المواقع الإلكترونية، وعندما هرع الصحافيون لإجراء مقابلات معها بعد حصولها على هذا اللقب، تهرّبت بحجة أن هذا الأخير لا يهمها من قريب أو من بعيد، ليتبيّن في ما بعد أن مصدره كان نادي معجبي المريخ نفسها، وليس هناك استفتاء أو أي شيء من هذا القبيل، بل مجرد تعويم لها لأنها تمرّ بفترة من الركود الفني لا تُحسد عليها.

ابتزاز

ثمة مطبوعات تختار فنانين كأحسن مطرب أو أحسن مطربة مقابل أن يحيي الفائز باللقب الحفلة في ذكرى تأسيسها من دون مقابل، فتوفّر أجر المغني وفي المقابل يفوز هذا الأخير بلقب من دون أي مجهود. ضمن هذا الإطار، عرضت إحدى المطبوعات على ميريام فارس لقباً يتعلّق بجيل الشباب مقابل إحيائها الحفلة الخاصة بها، وعندما رفضت ذهب اللقب إلى فنانة أخرى كانت موجودة في البلد حيث تصدر المطبوعة.

في الأسبوع الماضي اختارت مجلة laquo;ايدنتيتيraquo; الصادرة بالإنكليزية laquo;بحب الناس الرايقةraquo; كأفضل ديو لعام 2009. يقول المنطق إنّ قراءها هم من هواة الإنكليزية، بالتالي لم يكونوا يوماً من هواة رامي عياش أو أحمد عدوية، معنى ذلك أنهم لو أرادو اختيار أفضل ديو فسيختارون واحداً بلغة بلاد العم سام. ذلك كله لا يقلل من النجاح الساحق الذي حققته الأغنية، إنما ثمة علامة استفهام كبيرة حول مصداقية هذا الاختيار.

تجارة

بالانتقال إلى المهرجانات الفنية العربية التي تمنح الألقاب مثل أفضل كليب وأفضل ممثل وأفضل وجه صاعد وأفضل مخرج عمل أول وأفضل ممثلة صاعدة وأفضل مغنية كليب وغيرها من الألقاب... فهي مدفوعة سلفاً، أفضل مثال على ذلك مهرجان laquo;أوسكار أفضل كليبraquo; الذي ينظَّم سنوياً في مصر، إذ ينشط سماسرته في البلدان العربية في عرض الألقاب للبيع ويحجز الفنان جائزته مقدَّماً ويختلف سعرها بين عام وآخر، وبحسب الموازنة التي توفرها الجوائز يتم اختيار المكان والرعاة.

تكريم

المؤسف في هذا المهرجان أن فنانة عريقة من وزن الممثلة مديحة يسري تترأسه وأن ثمة أسماء تتكرر سنوياً سواء من حيث التكريمات أو المشاركة في لجان التحكيم أو غيرها تحت مسميات مختلفة، على غرار الممثلة نبيلة عبيد التي تُعتبر ضيفة دائمة على المهرجان، بسبب العلاقة الشخصية التي تربطها بالقيّمين عليه.

اللافت أن جوائز المهرجان توسّعت أخيراً ولم تعد تقتصر على عالم الكليب فحسب، إلا أن مستقبله يبدو مهدداً وإمكان استمراره صعباً بسبب كمّ الانتقادات التي بدأ يتعرض لها وإحجام نجوم الصف الأول عن المشاركة فيه بعد انتشار إشاعة جوائزه المدفوعة.

الفضائيات

دخلت الفضائيات العربية لعبة الاستفتاءات وتتسابق على إقامة مهرجانات طنانة ورنانة تختار عبرها أفضل مسلسل وأفضل ممثل وممثلة وأفضل مخرج وسلسلة مَن الأفضل لا تعد ولا تحصى، قد تتجاوز الـ30 جائزة، ليتبين في ما بعد أن القناة منحت جوائزها للمسلسلات التي عُرضت على شاشتها سواء في التلفزيون أو السينما... ذلك كله بهدف إحياء حفلة تحتلّ مساحة كبيرة من هواء المحطة، وتستقبل النجوم الذين فازوا بالألقاب عبر الاستفتاءات الجماهيرية، على طريقة laquo;فاز الجميعraquo;.

اللافت أن المحطة تتحفظ عن إعلان عدد المشاركين في التصويت والبلدان التي شاركت فيه وعدد الأصوات التي فاز بها صاحب اللقب أو تلك التي حصل عليها وصيفه مثلاً... وكل ما يظهر على الشاشة منصّة وتصفيق حاد ومجسّم يحصل عليه صاحب اللقب.

عندما نتحدث عن هذه الاحتفالية الضخمة فنحن أمام شاشة ART وأمام الإعلامية والفنانة صفاء أبو السعود والإعلامي والممثل كريم كوجك، يقرآن أسماء الفائزين باستفتاء المحطة السنوي.

يمنح هذا المهرجان أكثر من 35 جائزة في فروع الفن سواء في الغناء أو التمثيل أو الإخراج، لنكتشف في النهاية أن الجوائز التي مُنحت هي لمسلسلا ت وأفلام عُرضت على شاشة
الـART.

حسناً فعلت قناة laquo;أوربتraquo; التي نظّمت مثل هذا الاستفتاء منذ سنوات ولسنة واحدة، عبر برنامج laquo;القاهرة اليومraquo; عقب انتهاء شهر رمضان المبارك، وعندما أصبحت هذه الألقاب مصدراًً للشك والريبة، تخلّت القناة عن تلك التي لا يمكن أن نطلق عليها مسابقة بقدر ما هي مجال للعلاقات العامة المبنية إما على المصالح المتبادلة أو على منطق البيع والشراء، بعيداًً عن أي معيار فني حقيقي.

دخل أحد المواقع الإلكترونية الحديث النشأة لعبة منح الألقاب من خلال استفتاءات وهمية، ليتبين في ما بعد أن الفائزين هم من يضعون الإعلانات فيه.