ممدوح إسماعيل
منذ أن أعلن مدير وكالة الطاقة الدولية السابق الدكتور محمد البرادعي عن فكرة ترشيحه لرئاسة الجمهورية في مصر، والجدل محتدم في المحروسة بين نشطاء ليبراليين وعلمانيين في مصر مؤيدين، وبعض صحافيي وكتاب الصحف القومية الرافضين.
وقد غيب الطرفان، وأنصارهم لايتعدون آلافاً، عمداً رأي الغالبية من الشعب المصري، وهم يتشدقون بالحديث عن الديموقراطية وحرية الرأي. فالملايين من الشعب المصري محجوبون عن ابداء رأيهم من بعض المنابر الإعلامية. صحيح أن الدكتور البرادعي له وزنه في المجتمع الدولي، ولكن ما وزنه في المجتمع المصري الذي لا يعرفه إلا من خلال أخباره في الصحف.
والرجل لم يشرب من نيل مصر منذ ثلاثة عقود، فلا يعرف مشاكل مصر إلا عن طريق الإنترنت، ولم يعايش آلام الشعب المصري في الحياة اليومية، ولم يعرف له رأي واحد في أي من الأزمات التي حدثت إلا أخيرا عندما أعلن رغبته في الترشيح، وأعقب ذلك بكلام جيد عن التغيير.
الأسئلة حول البرادعي كثيرة، فمن قال إنه مرشح الشعب، ولماذا سكت طوال تلك الأعوام الطويلة ثم تكلم فجأة، وهل الوطنية عارض أم حال تعيش في الوجدان، وما هو رأيه في قضية فلسطين، واحتلال العراق والصومال وأفغانستان؟
وإضافة لهذا هناك ملاحظات عدة منها:
- مريب توقيت إعلان البرادعي ترشيحه في وقت ثار فيه جدل حول الترشيح للرئاسة.
- الفريق المؤيد للبرادعي معروف بعضهم بتوجهاته الليبرالية واللادينية، وبعضهم له علاقات بالمنظمات الغربية، والبعض معروف بوطنيته.
- الخطاب الإعلامي للبرادعي يذهب نحو الأمركة الليبرالية بصاروخ، وله خطاب يصطدم بالثوابت والفكر الإسلامي.
-البعض يقول إن البرادعي مدفوع لهذا الدور، والبعض يقول إن وطنيته هي التي دفعته والبعض يقول إنه يؤدي دور دوبلير موقت.
-لاشك أن البرادعي له كلمات جيدة حول التغيير والإصلاح السياسي، لكن هل هو قادر على التغيير ومَن مِن مؤسسات الدولة يؤيده في ذلك؟
صحيح أن الشعب المصري متشوق للإصلاح الديموقراطي، والحرية، والقضاء على الفساد، لكن الواقع يقول إن البرادعي لا يملك أمام هذه المعوقات أي قوة إلا أمنياته.
هبوط البرادعي في مطار القاهرة قادماً من فيينا، التي كان يقيم فيها، من أكبر أسباب فشله. فمصر مهما كان وضعها لا يحكمها رئيس قادم من الغرب، والإرادة الشعبية ستؤكد ذلك لو تمت الانتخابات بإشراف قضائي ونزاهة. ثم التساؤل: هل يأتي أيضاً بأولاده الذين يعيشون في لندن كي يعيشوا في السيدة زينب، وشبرا، وبولاق؟
البعض يقول إن أميركا كانت تفاضل بين زويل والبرادعي في دفعهما للترشيح، وفضلت البرادعي، ومع حديث الرجل عن وطنيته ينبغي أن يتأكد ذلك بتضحيات لا بكلام. ما يحدث في مصر يؤكد على وجود حالة شديدة من الرغبة في التغيير والإصلاح، ولكن لا يؤكد مطلقاً على اختيار الشعب للبرادعي... فهل تفوق الحكومة المصرية؟
ويبقى أنه مع تسليمي بوطنية الرجل، لكن حديثه عن التغيير يشبه حديث أوباما عن التغيير، وأوباما لم يحقق تغييراً في واقع السياسة الأميركية مطلقاً، التغيير جاء في الخطاب الإعلامي فقط. وأعتقد أن الدكتور محمد البرادعي خريج كلية الحقوق المصرية العام 1964 ستكون حالته حالة إعلامية أيضاً في تغيير شكل الحالة السياسية في انتخابات الرئاسة في مصر.
وأخيرا بلا شك أن العام 2010 ستؤثر أحداثه في الحياة السياسية في مصر، نتمنى أن يكون عام التغيير ومزيد من الإصلاح والحرية، وألا يبقى الوضع كما هو عليه؟
- آخر تحديث :
التعليقات