سليمان العقيلي
بدأ الشعب العراقي يتلمس طريقه الصحيح للخروج من السياسيات الطائفية المستوردة التي جلبت له العنف والتناحر والتهجير. فقد دلت الانتخابات النيابية الأخيرة على بشائر إدراك عميق لخطورة الطائفية، حيث تفيد النتائج الأولية بتصدر القائمة العراقية ـ وهي ليبرالية وطنية ـ مع ائتلاف دولة القانون المنشقة عن الائتلاف الوطني العراقي ذي الصبغة الطائفية، والذي يتضح أن نتائجه ضعيفة رغم أنه أوسع ائتلاف سياسي.
هذه النتائج تعطي الدليل على رفض الشعب العراقي للسياسات الطائفية، حتى إن الائتلافات الدينية بدأت تغير أسماءها وتدبجها بأسماء وطنية حرصا منها على إقناع ناخبيها بأنها لا تمارس سياسات طائفية. فقد أضاف الائتلاف العراقي بقيادة الحكيم إلى اسمه كلمة الوطني. غير أن الأهم من الأسماء هو الأفعال. لأن التمزق الذي ضرب الشعب العراقي بسبب الطائفية لم يترك عند أحد أدنى شك بأن السياسيات الطائفية التي انتهجتها الأحزاب الدينية قد قادت البلاد إلى الخراب.
إن السياسة فعل بشري لسوس مصالح الناس، بينما رجال الدين فقهاء منظرون للأحكام الدينية في العبادات والمعاملات. وأي ربط مباشر بين الدين والسياسة هو تلويث لقدسية الدين بآثام السياسة والسياسيين الموصومين بالحرص على مصالحهم الذاتية. وليس بالضرورة تطهيرا للسياسة من أدران المصلحة التي تمثل المحرك الأول للساسة. والخلاف التاريخي بين المسلمين وافتراقهم إلى طوائف ومِلل جاءا في معظمهما لأسباب سياسية تتعلق بالحكم.
ولما أدرك العراقيون المعاصرون أن الطائفية ستفجر في وجهوهم حروبا وأزمات اجتماعية عميقة، ليست من الدين في شيء، أعطوا ظهورههم للأحزاب الدينية في الطرفين. وارتفعت حظوظ القوى الوطنية المستقلة التي لا تشوبها شائبة استغلال الدين للمصالح الدنيوية.
- آخر تحديث :
التعليقات