المفاوضات الشاقة لمثول عناصره الستة أمام المدعي العام وصلت إلى طريق مسدودة
رده على رواية quot;دير شبيغلquot; وعلاقته بـquot;مجموعة الـ13quot; وquot;فتح الإسلامquot; ومسحه مسرح جريمة اغتيال الحريري
quot;حزب اللهquot; يخشى من مخطط لإشعال نار مذهبية ومن حرب إسرائيلية - أميركية عليه واستغلال لاستجواب عناصره
الكويت
لم تتوصل المفاوضات بين quot;حزب اللهquot; والسلطات القضائية اللبنانية المختصة إلى نتيجة بشأن إيجاد صيغة لمثول ستة أشخاص مقربين من الحزب أمام المحققين التابعين لمكتب مدعي عام المحكمة الدولية المخصصة للنظر في جرمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وكان الحزب رفض فور تبلغه الأمر من النيابة العامة التمييزية في لبنان, الطلب الدولي بالتحقيق مع هؤلاء الأشخاص, وأرسل رداً سلبياً, يتضمن سلسلة أسئلة عن طبيعة التحقيق الذي سيجري, وبأية صفة سيمثل الأشخاص الستة, هل بصفة متهمين, أم شهود?
ووجدت النيابة العامة نفسها أمام مأزق فهي في هذه الحالة ملزمة بتنفيذ طلبات المحكمة الدولية بناء على اتفاقية تعاون موقعة بين الحكومة اللبنانية والمحكمة, وفي الوقت نفسه, فإنها لا تمتلك التغطية السياسية لقرار جلب عناصر أو مناصرين لmacr;quot;حزب اللهquot;, فلجأت إلى المفاوضات سبيلاً لمعالجة المشكلة واقترحت انتقال المحققين الدوليين إلى أماكن يوافق عليها الحزب للاستماع إلى إفاداتهم من دون مثولهم في أي مقر رسمي. وترافق هذا الاقتراح مع اتصالات سياسية رفيعة المستوى مع قيادة الحزب, هدفها تقديم ضمانات بأن الأشخاص المعنيين مطلوبون للشهادة بصفتهم الشخصية وليس الحزبية.
مرونة ثم تصلب
جاء جواب الحزب على لسان أحد مسؤوليه, مرناً إلى حد ما, وأبلغ المعنيين أنه لا يمانع من أخذ إفادات بعض الأشخاص لأنها ستؤكد أن لا علاقة للحزب بالجريمة, ولكن لتحقيق ذلك ينبغي توفير ضمانات جدية بأن لا يتكرر سيناريو الضباط الأربعة الذين اعتقلوا لأكثر من ثلاث سنوات بناء على شهادات مزورة ومفبركة, حسب تعبير المسؤول الحزبي.
ومن جهة ثانية ينبغي الحفاظ على أمن هؤلاء العناصر وعلى سرية مواقعهم الحزبية, ولذلك يجب أن يعرف الحزب مسبقا نوعية الأسئلة التي ستطرح عليهم.
وأكد المسؤول أن quot;حزب اللهquot; يرفض أن يتهم بأي شكل من الأشكال بالجريمة التي ارتكبتها إسرائيل, بالإضافة إلى الجرائم الأخرى باعتراف أحد عملائها محمود رافع, ويعتبر أن أي تلميح إلى دور له في الاغتيالات هو من فعل العدو الإسرائيلي.
عند هذه النقطة كانت المفاوضات مستمرة لإيجاد مخرج لآلية استجواب الأشخاص الستة, ولكن دخول الوزير السابق وئام وهاب على الخط, وإعلانه أن المحكمة تتجه لاتهام المسؤول العسكري لmacr;quot;حزب اللهquot; عماد مغنية الذي قتل في دمشق قبل عامين, أفشل المفاوضات ونسفها من أساسها, إذ اعتبر quot;حزب اللهquot; أن استدعاء الستة المذكورين ليس إلا بداية لاتهام رسمي له بالاغتيال, سيما أن الأشخاص المطلوبين كانوا على علاقة quot;عملquot; بمغنية. وأبلغ الحزب السلطات المعنية بموقفه النهائي برفض السماح لأي هيئة تحقيق لبنانية أو دولية بالاقتراب من عناصره.
أسئلة كثيرة
في الجهة المقابلة, تتحدث المصادر القضائية المتابعة عن عدد من الأسئلة التي تريد المحكمة الدولية من quot;حزب اللهquot; الإجابة عنها: السؤال الأول يتعلق برده على رواية مجلة quot;دير شبيغلquot; الألمانية التي اتهمت صراحة الحزب بعملية اغتيال الحريري, والثاني عن علاقته بmacr;quot;مجموعة الmacr;13quot;, وهو الاسم الذي يطلق على إحدى المجموعات الأصولية المتطرفة, ومعظم أعضائها في السجون اللبنانية, وقد اعترفوا خلال التحقيقات معهم بأن لهم صلة ما باغتيال الحريري. والسؤال الثالث هو عن علاقة الحزب بتنظيم quot;فتح الإسلامquot; الذي دافع عنه في بداية حرب مخيم نهر البارد, وقد ثبت لاحقاً أن التنظيم المذكور قام بعدد من التفجيرات, أبرزها جريمة quot;عين علقquot;, والسؤال الرابع حول الكشف الميداني الذي أجراه خبراء المتفجرات في الحزب لمسرح اغتيال الحريري بعد الجريمة, وهو ما أعلنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله نفسه, موضحاً أن الكشف جرى بطلب من عائلة الحريري, لإبداء الرأي.
وتتعلق الأسئلة الأخرى بفحص معلومات أدلى بها شهود, أو وردت في تقارير استخبارتية عربية وأجنبية, وتشير إلى أن الأشخاص الستة يعرفون quot;أموراًquot; تهم التحقيق.
مطلوبون منذ عام
مصدر متابع لعمل المحكمة كشف أن المدعي العام دانيال بلمار كان يريد منذ حوالي السنة استدعاء الأشخاص الستة, ولكنه تريث بسبب الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة في لبنان, موضحا أن بلمار المتمسك باستقلالية عمله بحث عن الأسلوب الأنجح للمسألة من دون توتير الوضع السياسي الداخلي ومن دون الحاجة إلى اللجوء إلى القوة, سواء من خلال السلطات الأمنية اللبنانية أو من مجلس الأمن.
وأوضح بلمار في مناسبات عدة أن الأدلة وحدها هي التي توجه التحقيق وليس الانتماء السياسي لهذا الشخص أو ذاك, مشيراً إلى أن بحوزته بعض المعلومات التي تحتاج إلى توضيح من بعض أفراد الحزب وغيرهم, ما قد يسهم في دحضها أو التأكد من صحتها, وقد يحول تلك المعلومات إلى أدلة جنائية.
وألمح المدعي الدولي في ذلك الوقت إلى رغبته بالاستماع إلى إفادات بعض الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في التقارير, إضافة إلى مسؤولين في quot;حزب اللهquot; بعيداً عن الإعلام, خلال وجوده في لبنان, على أن يتم ذلك في مكتب المدعي العام القاضي سعيد ميرزا, ولكن quot;حزب اللهquot; رفض رفضاً مطلقاً, وبرر ذلك بأربعة أسباب:
الأول: أن عناصره هم في صفوف المقاومة ضد إسرائيل, وهو عمل مشروع في القانون الدولي, وعلى الرغم من ذلك تعتبرهم الدوائر الغربية ومنها الشرطة الدولية (إنتربول), إرهابيين, ومن بين هؤلاء عماد مغنية. ويخشى الحزب أن تستغل إسرائيل التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري لرصد المقاومين المطلوبين وتعقبهم.
الثاني: أن الدول الغربية وبعض الدول العربية تعتبر quot;حزب اللهquot; تنظيماً إرهابياً, ما قد يجعل لجنة التحقيق الدولية تتخذ قراراً سياسياً بإدانة منتمين إلى الحزب باغتيال الحريري. كما سبق وخضع القاضي ديتليف ميليس لإملاءات أميركية واتهم الضباط الأربعة ومجموعة من المسؤولين السوريين الكبار.
السبب الثالث: أن الجناح الأمني لmacr;quot;حزب اللهquot; يعمل بطريقة سرية, وأيا يكن شكل التحقيق الذي سيتم مع عناصر الحزب فإنه سيؤدي إلى كشف سرية التنظيم وتحركاته وإمكاناته, وإذا لم يتجاوبوا مع التحقيق ستتعقد المسألة أكثر وقد يتطلب ذلك استدعاء المدعي العام مسؤولين على مستوى أرفع, ما قد يزيد من الأمر تعقيداً.
السبب الرابع: هو أن quot;حزب اللهquot; لا يثق بمسار لجنة التحقيق الدولية منذ نشأتها, إذ أن الضباط الأربعة سجنوا على أساس سياسي, ثم أفرج عنهم لسبب سياسي أيضاً, والكلام دائما لمصادر quot;حزب اللهquot;.
في أغسطس 2009, أعلن النائب وليد جنبلاط أن عاصفة آتية على لبنان, إما من الجنوب وإما من لاهاي (مقر المحكمة). وكان قبل ذلك قد علق على رواية quot;دير شبيغل quot; فوصفها بmacr;quot;بوسطة عين الرمانةquot; الجديدة, في إشارة إلى الشرارة التي أشعلت الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1975.
واليوم يعلن الوزير السابق وئام وهاب أن المحكمة الدولية تعد لفتنة داخلية من خلال استدعاء عناصر من quot;حزب اللهquot; للتحقيق معهم, ومن خلال الاستعداد لتوجيه الاتهام المباشر إلى عماد مغنية باغتيال الحريري.
لعب بالنار المذهبية
من جهتها, تقدم أوساط quot;حزب اللهquot; تفسيرات متعددة للحملة عليه من قبل لجنة التحقيق الدولية. التفسير الأقل وطأة هو اعتبار أن الطرف المقابل يحاول إيجاد متهم جديد في جريمة اغتيال الحريري, بعد أن أجبرته التسويات الإقليمية على quot;تبرئةquot; سورية, وإسقاط كل الاتهامات السياسية التي سيقت ضد دمشق بعملية الاغتيال.
وبعد الإفراج عن الضباط الأربعة وذهاب رئيس الحكومة سعد الحريري إلى سورية, لم يعد في الساحة سوى quot;حزب اللهquot; كهدف مفضل للتحريض عليه, بما يخدم قوى quot;14 آذارquot; الباحثة عن سبل الحفاظ على تماسك جمهورها.
وتؤكد أوساط الحزب أنه إذا كان الأمر كذلك فهو لعب بالنار المذهبية, لان اتهام سورية من خلف الحدود شيء واتهام طرف داخلي يمثل طائفة كبيرة في لبنان لها امتدادها واختلاطها بالطوائف الأخرى على مختلف الأراضي اللبنانية شيء آخر, من دون أن يعني هذا أننا ذاهبون إلى الفتنة مباشرة.
أما التفسير الآخر, والأخطر, فهو أن اتهام الحزب بالاغتيال هو حلقة في سلسلة من المقدمات الممهدة لحرب إسرائيلية أميركية جديدة على quot;حزب اللهquot;, والمطلوب أن تحظى بدعم عربي شبه كامل, وتواطؤ بعض اللبنانيين, أي من كل قوى quot;14 آذارquot;. وهذا لم يكن حاصلاً أثناء حرب 2006, حين تضامن اللبنانيون يومها في مواجهة الحرب, على الرغم من اختلافهم على مبرر إطلاقها.
في الجهة المقابلة, ثمة من يقرأ التطورات بشكل معاكس, إذ يعتبر مصدر مقرب من قوى 14 آذار, أن quot;حزب اللهquot; هو الذي بدأ المعركة لتغيير المعطيات الداخلية الناتجة عن اتفاق الدوحة والانتخابات الرئاسية ثم النيابية وتشكيل حكومة سعد الحريري, حيث بدأ حلفاؤه وأشخاص مقربون منه ووسائل إعلامه, بالحملات على رئيسي الجمهورية والحكومة ومؤسسة قوى الأمن الداخلي, وذهبوا إلى تخوين كل من ساهم في انجاز الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأميركية.
في البداية لم تكن الأسباب الحقيقية لهذه الحملات واضحة, ولكن ظهور التطور في عمل المحكمة بين هذه الأسباب. لقد اطمأن الحزب بداية إلى تطمينات سورية تبلغتها دمشق من مصادر دولية, بأن عمل المحكمة سيتأخر, وهو في كل الأحوال لن يطالها, لا هي ولا حلفائها.
وعلى هذا الأساس فاوض الحزب بداية من اجل تأمين صيغة آمنة لاستجواب عناصره, ولكن دمشق فوجئت بتسريع وتيرة التحقيقات, وخصوصاً الإلحاح في طلب التحقيق مع أشخاص معينين, ما يؤشر على أن المحكمة توصلت إلى كشف ملابسات الجريمة وأصبحت جاهزة بعد خمس سنوات للإعلان عن القرار الظني الاتهامي, فجاء التحذير السوري من المحكمة على لسان وئام وهاب.
نصرالله: سأتحدث بشأن التحقيق الدولي خلال أيام
تطرق الأمين العام لmacr;quot;حزب اللهquot; السيد حسن نصر الله, في كلمة له, أمس, في اللقاء السنوي العام لجمعية quot;كشافة الإمام المهديquot; إلى بعض الأوضاع السياسية الراهنة ولما يثار حول موضوع التحقيق الدولي, قائلاً quot;في ما يتعلق بما أثير من أجواء وتسريبات حول التحقيق الدولي واستدعاء أفراد من quot;حزب اللهquot; ومسار التحقيق الحالي وإلى أين يمكن أن يصل وكل ما يرتبط بهذه المسألة وكل ما أُثير حولها في وسائل الإعلام, قد أتكلم عنه خلال الأيام القليلة المقبلة إن شاء الله, وما أعتقد أنه من المناسب أن يقال في هذه المرحلة سأقوله, حتى يكون كل الناس مواكبين لهذه القضيةquot;.
بدوره, أكد عضو كتلة quot;الوفاء للمقاومةquot; النائب علي المقداد أنَ quot;حزب الله لن يناقش موضوع المحكمة الدولية الآن, وسيتم إعلان موقف رسمي بشكل دقيق ومفصل من قبل الحزب لاحقاً, وسنترك للمستقبل القريب البت في هذا الموضوعquot;.
كذلك, رفضت مصادر quot;حزب اللهquot; التعليق على كل ما يكتب ويشاع في شأن استدعاء المحكمة الدولية لقياديين من الحزب للتحقيق معهم في شأن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وقالت لmacr;quot;وكالة الأنباء المركزيةquot; ان الحزب لا يزال الآن يستمع الى الآخرين ويقرأ كل ما يكتب في الصحف واذا كان هناك من رد ما فالامر متروك لتقدير القيادة, واذا قررت ان تعلن شيئا فهي التي تقرر من سيعلن الموقف في الوقت المناسب.
التعليقات