أحمد العبيدلي
أخبرني خبير رفيع المكانة أن زمن تطوير أسلحة نووية قد ولّى ومن لم يمتلك شيئاً من ذلك فلا أمل له، لطبيعة المراقبة الدقيقة التي يمتلكها العالم والغرب تحديداً لاكتشاف أية محاولة وتتبعها. وُجدت فرص للعرب أضاعوها، وقضي الأمر.
جاء ذلك على هامش انعقاد المؤتمر الثاني للتقنية النووية للأغراض السلمية بالمنامة ببداية الأسبوع.
وقال نائب المدير العام الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية برونو بيلود إن الخليجيين يتجهون للطاقة النووية برؤية جريئة، لتنويع مصادر الطاقة وكتكنولوجيا مفيدة، وبشفافية كاملة إقليمياً وعالمياً. ووقعت دولهم اتفاقات تعاون دولية تتيح تدريجياً بناء قدراتها البشرية والصناعية. وطريقتهم تمثل نموذجا للآخرين.
يشار هنا لطرفين إقليميين لهما علاقة بتطوير القدرات العسكرية النووية: إسرائيل وهي لا تزال عدوة رسمية وواقعية للعرب، بحكم حروب المنطقة لعقود ستة. ولكن الغرب يسعى ليقنع العرب بأن إسرائيل صديقة.
ثم هناك إيران التي لا يعتبرها الخليجيون عدوة رغم خلافات كثيرة، ولكن الغرب يحاول إقناعهم بأمرين: الأول، أنها على وشك تطوير سلاح نووي والثاني أنها عدوة لهم، ويجب التحالف ضدها. وهكذا ينضاف، إن أُخذ كلام الغرب على علاته، قلق آخر، زاد أو قل، للخليجيين.
ورغم ما يقال بأن السلاح النووي قد فقد أهميته وأن ممتلكيه متورطون به أكثر من اعتقادهم بإمكانية استخدامه، فإن الواقع يشي بغير ذلك. فوزير الدفاع الأميركي غيتس أعلن بنهاية الأسبوع أن أمن أميركا وحلفائها يمنعها من تدمير مخزونها النووي. ولا أعتقد بأن أبناء العم بتل أبيب بوارد التخلص مما لديهم. وما لست بمقدم على التخلص منه، يشي بأنك تعتقد، ومهما ضؤل اعتقادك، باحتمال بروز الحاجة لاستخدامه بالمستقبل.
وعودة لخبيرنا الرفيع، فإن مرت فرص، فلربما استجدت أُخر، وتحديداً حين يتوجب على الغرب التعامل مع قوتين بالشرق الأوسط كلاهما تمتلك قدرة نووية. وحينها سيُقدّر عليه أن يجيب على منعه العرب من حماية أنفسهم، بالوقت الذي سيقر العالم فيه بالفشل بمنع أعداء العرب الحقيقيين أو المتخيلين من امتلاك سلاح نووي. وإن كانت الفرص السابقة قد مرت ولا محاسب ودون الاستعداد لها، فلن يكون من المقبول مرور سانحة أخرى وتفويتها.
هل هذه دعوة للتسلح النووي؟ لا، وألف لا، واللهم اكفنا شرّه. ولكنها دعوة جادة لمن يفرضون حدوداً على العرب، ويفسحون المجال لغيرهم بامتلاك السلاح النووي لإعادة النظر بمجريات الأمور والمقاييس المزدوجة وسلوك الكيل بمكيالين.
لا تزال غالبية العرب بحالة حرب مع إسرائيل. والعالم يتغير وموازين القوى به تتبدل، وليس هناك ضمان لأن يستمر نفوذ الدول المسيطرة والمتحالفة مع إسرائيل للأبد. وحينها ستسنح سانحة، لكي تعدل الموازين، ويطلب من الجميع الالتزام بالقانون الدولي.
ولكن ربما يبرز أمر ما. أن تحقق إيران تقدماً نووياً يتجاوز الاستخدام السلمي. حينها ماذا سيطلب الغرب من العرب؟
التعليقات