عدنان حسين

لا تقولوا لنا، إن هذه السلسلة الجديدة من التفجيرات الإرهابية هي في رقاب القاعدة والبعثيين الصداميين، فهذا نعرفه جيدا، ولا نحتاج إلى أن تعيدوه على أسماعنا للمرة الألف، أو الألفين.. نعرف أن هذا النمط من الإرهاب لا يمكن أن يكون إلا من تدبير القاعدة أو البعثيين الصداميين.. بل نعرف أيضا ما تتواطؤون في السكوت عنه، وهو أن هذه الفظاعات يمكن أن تكون من صنع الميليشيات الحزبية والطائفية نصف الظاهرة.. نصف الباطنة، التي تحمل تارة، اسم الإسلام، وثانية المهدي، وثالثة بدر، ورابعة الله (جند الله، ثأر الله، حزب الله).. ونعرف كذلك ما تسكتون عنه أيضا، وهو أن هذا الإرهاب ليس من المستبعد أن يكون من ترتيب وتمويل وتجهيز وتنفيذ أجهزة ودوائر في دول الجوار، أشقاء وأصدقاء على السواء.
لا تعيدوا علينا ما نعرفه.. نريد المفيد.. والمفيد هو: كيف يتمكن القاعديون أو البعثيون الصداميون أو الميليشياويون أو الجيران من القيام بهذه العمليات الكبرى براحة تامة واطمئنان شديد وثقة كبيرة؟! كيف انبثقوا من باطن الأرض، أو خرّوا من السماء، ولم تلحظهم عين شرطي أو جندي أو حرس حدود؟!
والمفيد هو أيضا أن نعرف الثغرات الكبرى في الجدران السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي يتسرب منها الإرهابيون، وهم مطمئنون إلى أن أحدا ما، أو شيئا ما لن يعترض طريقهم إلى تفجير المباني بسكانها، والشوارع بمستخدميها من البشر والسيارات.
ليس من المعقول ألا تكون هناك تسهيلات ومسهّلون للإرهاب والإرهابيين من داخل أجهزة الدولة، ومن أطراف العملية السياسية على اختلافهم.. ليس من المعقول ألا يكون ثمة تواطؤ من أجهزة أمنية، وألا يكون وراء هذا التواطؤ رشى كبيرة ومصالح حزبية وطائفية.. ليس من المعقول ألا يكون هذا التقاتل على السلطة ومناصبها بين السياسيين الذين خرقوا طبلات آذاننا بشعاراتهم الوطنية المجلجلة، قد أسهم في إغراء القتلة على التمادي في غيّهم.. ليس من المعقول ألا يكون هذا الاستهتار من هؤلاء السياسيين بمصير الوطن والمواطن من أجل رئاسة الحكومة وسواها من المناصب السيادية، ما يشجع الإرهابيين على الصولان والجولان في أحياء العاصمة بغداد وسواها من المدن العراقية من دون خشية أو وجل!!
لا تعيدوا علينا ما نعرفه، فنحن نعرف أيضا أن ليست القاعدة، ولا البعثيون الصداميون، ولا الميليشيات، ولا دول الجوار وحدها من تقع على عاتقها المسؤولية عن هذا الإرهاب الشنيع في حق العراقيين.. نعرف أن قادة الأمن والدفاع وقادتهم السياسيين يتحملون قدرا أكبر من المسؤولية.
وكما يتعين معاقبة المخططين والممولين والمنفذين عن هذه الأعمال الإرهابية المتواصلة، يجب مساءلة السياسيين والقادة الأمنيين ومحاسبتهم عن تقصيرهم وتواطؤهم، حتى لا تبقى الطرق ممهدة أمام القاعدة والبعثيين الصداميين والميليشيات وأجهزة دول الجوار للعبث بأمن العراق والعراقيين، ومستقبلهم ومصيرهم.