حسين شبكشي
الأسلوب الغبي الذي تتبعه إسرائيل لتمويه العالم لكي تقنعه بأنها لا تملك السلاح النووي لأنها لم laquo;تعترفraquo; يوما باستحواذها على الأسلحة النووية لم يعد مقنعا (ولا أعتقد أنه كان في يوم من الأيام أصلا!) وها هي اليوم تعلن عن تخفيض تمثيلها في المؤتمر النووي الذي سيعقد بالولايات المتحدة الأميركية فينسحب رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ليرسل مسؤولين حكوميين أقل منه. الواقع يقول إن إسرائيل هي سادس دولة في العالم أنتجت الأسلحة النووية وهي واحدة من أربع دول نووية ليس معترفا بها كدول سلاح نووي عن طريق اتفاقية حظر السلاح النووي المعروفة (والدول الأخرى هي الهند وباكستان وكوريا الشمالية). بدأت إسرائيل عمليات التجهيز النووي بعد سنة واحدة من الإعلان عن نفسها كدولة في عام 1948 عن طريق الدعم السري من فرنسا وبنت مفاعلا نوويا كاملا ومعمل تشغيل في الخمسينات من القرن الماضي، وفي عام 1967 أنتجت إسرائيل أول أسلحتها النووية، ولكن هذا الأمر لم ينفضح للملأ إلا حينما كشف الغطاء السري عن برنامجها النووي الخبير النووي الإسرائيلي موردخاي فانونو للصحافة البريطانية عام 1986، وهناك اعتقاد كبير أن إسرائيل تملك اليوم أكثر من 400 رأس نووي بقدرة توصيل صواريخ عابرة للقارات وطائرات وغواصات.
وكانت إسرائيل في السبعينات الميلادية تجري العديد من التجارب النووية مع حكومة جنوب أفريقيا العنصرية بشكل سري. علما بأن إسرائيل كونت في عام 1952 وكالة الطاقة النووية الإسرائيلية من أفراد مميزين من الجيش الإسرائيلي وفرقة الموساد الاستخباراتية، وحصلت عبر السنين على دعم مهم جدا تقني ومالي من فرنسا وبريطانيا بشكل رئيسي حتى كان عام 1962 حينما تم إعداد مفاعل ديمونة، وهو الأشهر والأخطر في تاريخ إسرائيل، وبلغت تكلفته 80 مليون دولار أميركي (بحسب تصريح لاحق لشيمعون بيريس) جمعت معظمها من اليهود الموجودين في الشتات حول العالم، حتى إن الشحنة الأولى من اليورانيوم حصل عليها الموساد من شركة إيطالية بالنصب والاحتيال وشحنت لإسرائيل. واستمر الإنفاق والتطوير في مفاعل ديمونة ليصبح قادرا على إنتاج 4 - 5 رؤوس نووية يوميا إذا أراد وبشكل متقدم، مع العلم أن إسرائيل استفادت من هجرة بعض العلماء الروس والسوفيات إليها عقب انهيار الاتحاد السوفياتي. وهناك دراسة تقول إن 20% من علماء السوفيات هاجروا لإسرائيل للعمل فيها. فضحُ فانونو لبرنامج إسرائيل النووي كان أكبر ضربة للسرية التي تحيط بها إسرائيل برنامجها النووي لأنه laquo;أكدraquo; وبالتفصيل الفني الدقيق وجود البرنامج ونوعية المنتجات التي تخرج منه.
كما أن هناك كتابا مهما جدا للصحافي الأميركي المميز سيمور هيرش بعنوان laquo;خيار شمشونraquo; والذي صدر عام 1991 وفند فيه برنامج إسرائيل النووي وكشف أسرار وأسباب إنشائه. لم تعد أخبار ملكية وحيازة وإنتاج إسرائيل للسلاح النووي سرا ولغزا، ولكنها مسألة واضحة ومفضوحة، واستمرار تعامل العالم، والعالم الغربي خاصة، مع هذه الدولة المارقة بقوانين وأنظمة laquo;خاصةraquo; سيولد كراهية وإحساسا بالظلم يبرر كل الأفعال بعد ذلك. إسرائيل دولة مارقة بامتياز، وإذا استمر تعاملها بمكيالين فستستمر نظرة العالم لها بسلبية متزايدة، كما يتضح مع مرور كل يوم.
التعليقات