علي الزعبي

منذ العام 2003، الذي رافق بداية خطط إعمار العراق لخلق واقع سياسي جديد يقوم على ديمقراطية شعبية تشارك بها جميع أطياف الشعب العراقي في إدارة الشؤون الخاصة، والانطلاق بالشعب العراقي نحو آفاق جديدة من التقدم والتطور والمزيد من الحريات، إلا أن كل ذلك انتهى إلى فشل واضح وتام في خلق الإنسان العراقي، بسبب الخطط الإنشائية البعيدة عن الواقع الذي تشوبه الكثير من التطبيقات الخاطئة، والتي يكون دافعها في الغالب إما الكسب الشخصي المادي، أو الظفر بسلطة ما، أو لدعم أجندات خاصة تتبناها بعض الأطراف المختلفة، داخلية كان أم خارجية.
ومع ما شهدناه من أحداث خطيرة واكبت الانتخابات الأخيرة، فإنني متيقن جداً، من أن العراق يحتاج وبصورة جادة إلى إعادة إعمار المواطن العراقي قبل أي إعمار آخر، وهذا لن يأتي بمجرد وضع دستور وإجراء بعض الانتخابات، وإنما بخلق آليات فاعلة تبدأ منذ مراحل الطفولة الأولى، والتي من الممكن غرسها بواسطة المناهج الدراسية للنشء الجديد.
إن الإنسان العراقي بحاجة إلى الأساليب الناجعة التي تخلّصه من الانتماء القسري للتيارات الطائفية، والتمترس خلف إرث طائفي قائم على فكر إقصائي للآخر، ومن ثم تعزيز مفاهيم الولاء الكبير laquo;العراقraquo;، في مقابل تقزيم سلوكيات الولاء الصغير laquo;الحزب-الطائفةraquo;.
وهنا، يأتي دور السياسيين الإصلاحيين والمثقفين من إعلاميين وأدباء ليرفعوا شعار laquo;من أجل عراق الغدraquo;، وبالطبع لا يمكن الولوج لذلك من دون تدشين حملة وطنية تهدف إلى مصالحة الإنسان العراقي أولا مع نفسه.. ثم مع واقعه، قبل أن يتسامح مع الآخر.
لقد دفعني إلى كتابة هذه المقالة ليس فقط نزعات فكرية قومية، وإنما نزعات إنسانية دائما ما يسكنها الألم والحزن عند سماع أو مشاهدة حدث دموي يذهب ضحيته الأبرياء من أهلنا في العراق. فهل يتحقق حلم إعمار المواطن العراقي؟ أتمنى ذلك.