القائد السابق للحرس الجمهوري في لبنان laquo;يكشف أوراقهraquo; في الذكرى الأولى للإفراج عن الضباط الأربعة
بيروت - أحمد الموسوي
ما زالت المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري الحدث الابرز المتواصل على الساحة اللبنانية، مع استمرار التحقيق القضائي والجنائي، وما يصدر بين حين وآخر من تسريبات واتهامات متنقلة لاطراف وجهات وأسماء، الامر الذي يشغل بال اللبنانيين باستمرار ويزيد من المخاوف على أمنهم واستقرارهم. ويضاف الى ذلك المخاوف القائمة اصلاً بسبب الخلافات السياسية الداخلية، وبسبب استمرار التهديدات الاسرائيلية المتواصلة منذ حرب يوليو 2006 بشنّ عدوان جديد.
وفي احدى ابرز المحطات في سياق عمل لجنة التحقيق، تصادف في مثل هذه الايام الذكرى الاولى للافراج عن قادة الاجهزة الامنية السابقين الاربعة الذين اوقفوا في جريمة اغتيال الحريري وتم اطلاقهم بعد توقيف استمر ثلاث سنوات وثمانية اشهر، الامر الذي اعتبر البعض انه يطرح تساؤلات حول عمل المحكمة ومدى صدقيتها.
laquo;الرايraquo; التقت في هذه المناسبة احد laquo;الجنرالات الاربعةraquo; القائد السابق للحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان وأجرت معه الحوار الاتي:
bull; في الذكرى السنوية الاولى للافراج عنكم، هل ترون ان ترككم بعد 44 شهراً من التوقيف هو دليل على صدقية المحكمة ام دليل ادانة لها؟
- مسألة اطلاق سراحنا في الاساس لا علاقة لها اطلاقاً بصدقية المحكمة او لجنة التحقيق الاجنبية رغم ان الاعلام صوّر الامر كأنه حلقة من حلقات عمل قضائي منتظم، وذلك غير صحيح، فنحن (يقصد الضباط الاربعة) بعد سحب مذكرات التوقيف من جانب المدعي العام القاضي سعيد ميرزا قبل 25 يوماً من خروجنا من السجن، لم يعد لوضعنا واستمرارنا في السجن اي تعريف قانوني سوى ان بان كي مون شخصياً laquo;خاطفناraquo;. لا تعريف سوى ذلك، فمذكرات التوقيف تم سحبها، والحكومة الهولندية رفضت استقبالنا على اراضيها، وما قاله laquo;البروفيسور التعبانraquo; ابراهيم نجار (وزير العدل اللبناني) عن ذلك أننا كنا موضوعين بالامانة لمصلحة المحكمة الدولية، لا تعريف قانونياً له ابداً. قال اننا كنا موضوعين بالامانة وكأننا بضاعة، كلا، لم يكن لنا اي تعريف قانوني سوى ان بان كي مون كان laquo;خاطفناraquo; في تلك المرحلة، ولا يستطيع ان يقول ان لا علاقة له بميليس (المحقق الدولي الاول) ولا علاقة له بليمان (مساعد ميليس)، والا من له علاقة بهما اذا؟ كان بان كي مون laquo;خاطفناraquo; في تلك المرحلة ثم جاء كاسيزي ومعه القاضي اللبناني رالف رياشي وما ادراك من رالف رياشي، وأجريا نحو خمس عشرة مقابلة، مرة عبر التلفزيون، ومرة عبر الصحف وغير ذلك، كأنهما يقدمان اعلانا لاحدى مسرحيات لندن التي تُعرض لست او سبع سنوات. اذا، الموضوع في الاساس لم يكن عملاً قضائياً منتظماً خاضعاً لقوانين دولية او غير دولية، ما حصل خزعبلات ومهزلة من مهازل المحاكم الاجنبية ولجان تحقيقها، ولا ارى في المحكمة الدولية منذ انشائها الا اداة سياسية استخدمت من جانب عصابة من المجرمين كجورج بوش (الرئيس الاميركي السابق) ومن لف لفه بهدف الامساك بالساحة اللبنانية التي رأوا فيها المفتاح لتنفيذ خطتهم الجديدة لاستعمار منطقة الشرق الاوسط. هذا هو التعريف الحقيقي للجنة التحقيق الدولية تلك، وهذا رأيي فيها، ولكن هناك رأي آخر يقول به اللواء جميل السيد الذي يعتمد على ملاحقة من كانوا وراء ما حصل قضائياً من لجنة التحقيق الاجنبية وغيرها، وقد حقق تقدماً ملحوظاً على هذا الصعيد واقدر ما يقوم به بحسب تفكيره ورؤيته، وأقول هنا ان اللواء السيد هو الاجدر والاقدر بيننا نحن الضباط الاربعة على الامساك بهذا الملف ومتابعته من الناحية القضائية.
bull; انتم توافقون على ما يقوم به؟
- لا اوافقه من ناحية التفكير السياسي، اما على صعيد ما يقوم به وفق مفهومه من الناحية القضائية وما يفكر فيه، فلا شك انه الاجدر والاقدر على متابعة الملف دولياً وقضائياً، ولكن لا اوافقه ابداً على ان المسألة قضائية فقط.
bull; ما رأيكم في القول ان المحكمة الآن امام معادلة جديدة تقوم على المقايضة بين العدالة والاستقرار؟
- اولاً منذ مجيء الممثل الايرلندي فيتزجيرالد (رئيس لجنة تقصي الحقائق التي شكلت قبل لجنة التحقيق الدولية) وكان على ما يبدو يمضي آخر ايامه في البوليس الايرلندي، اراد ان يطبق علينا بعض ما شاهده من افلام laquo;كولومبوraquo;، فوضع laquo;كولومبوraquo; هذا تقريراً كما اراد هو ان يكون الامر او وفق ما اراده بعض الاشخاص في دوائر معينة، وليس بحسب ما هي الوقائع على الارض. اذا، منذ البداية حُرف التحقيق، وبعده جاءت مجموعة العمالة الثانية، اي عملاء المخابرات الاميركية ميليس واليهودي ليمان واسمه الحقيقي ليخمان وهو من اصول تلمودية، وهذان حضرا ليس على اساس ان يجريا تحقيقاً ولكن بصفتهما مندوبين ساميين مكلفين استعمار المنطقة، وذكّراني باللورد لامبسون في مصر ايام الملك فاروق، واللورد كتشنر في جنوب افريقيا. تصرفاتهما في العمل كانت تصرفات من جاء ليفتتح مرحلة انتداب جديدة ومرحلة استعمار، عدا عن سلوكهما الشخصي ونزهاتهما ورحلاتهما عبر اليخوت في البحر والحفلات التي حضراها، وما تلقياه من هدايا باهظة الثمن لم يتم كشفها، وليت لجنة التحقيق الدولية تحقق في هذه المسألة وخصوصا الهدايا التي كانت تُشرى لهما من محل معروف...
bull;... ومن كان يشتري لهما الهدايا؟
- لا اريد الدخول في اسماء ولكن المحل موجود، يضاف الى كل ذلك ما اصبح معروفاً من امر الصفقات التي عُرضت على اللواء جميل السيد. لكنهم لم يجرؤوا على المحاولة معي لانهم كانوا درسوا شخصيتي ونفسيتي وتركيبتي العقيدية.
bull; اللواء السيد كان ذا قابلية لعقد الصفقات؟
- ليس هذا المقصود، اللواء السيد كان يمثل حالا استخباراتية، او انهم اعتقدوا كذلك وظنوا انهم قادرون على الاخذ والرد معه، فهم كانوا يعرفون ماذا يفعلون، وكذلك اذكّر بما حصل في laquo;ليالي فييناraquo; وما مارسه اليهودي ليخمان (المحقق ليمان) على الضباط السوريين من اقسى حالات الضغط ومحاولات الاذلال والارهاب الفكري حتى يشكلوا حال انشقاق عن بلدهم كما كان يجري سابقاً مع ظاهرة المنشقين عن الاتحاد السوفياتي. ولكن تربية الجيش العربي السوري كانت اقوى من تلك المحاولات، وبعد مرحلة ميليس جاء برامرتس (المحقق الثاني في اللجنة الدولية بعد استقالة ميليس) وصوّر نفسه ملاكاً ذا اجنحة، وقيل له ان هناك اربعة ضباط في السجن، فأجاب لا علاقة لي. ومن ثم حصلت حرب يوليو 2006، ومن حينه ادركت اننا سنخرج من السجن.
bull; لماذا ادركت ذلك؟
- لأن مشروعهم سقط، سقط في حرب يوليو، وانا منذ اليوم الخامس او السادس حين زارتني زوجتي في السجن قلت لها ان الامر انتهى وسنخرج، فسألتني كيف، ظنت ان طرفاً ما سيهربنا، ولكن قلت ذلك لانني كنت اتابع الحرب عبر الاعلام وخصوصا الصحف الاسرائيلية، فأدركت منذ اليوم السادس للحرب ان القضية انتهت، وان الحرب حسمت بفشل اسرائيل، فقلت لزوجتي سنخرج، فأعتقدت ان laquo;حزب اللهraquo; سيهربنا، واقتربت وهمست لي: laquo;حزب اللهraquo; سيهربكم؟ فقلت لها: كلا سنخرج لانهم خسروا الحرب وسقط مشروعهم. ثم بدأت مرحلة بلمار (المحقق الدولي الثالث بعد استقالة برامرتس) فماذا فعل؟ خلال السنوات الاربع الباطلة التي امضيناها في السجن، هل يمكن ان تجد ضوءاً منيراً ولو صغيراً في عمل لجنة التحقيق؟ ليس هناك الا الافتراءات والتزوير والكذب والمهازل في العمل القضائي الاجنبي واللبناني.
bull; تعتبر ان ادخالكم الى السجن يندرج في السياق نفسه لحرب يوليو؟
- بالتأكيد، الهجمة الاستعمارية الجديدة على منطقتنا بدأت مع بوش وكوندوليزا رايس و(وزير الدفاع الاميركي الاسبق دونالد) رامسفيلد و(نائب الرئيس الاميركي السابق ديك) تشيني وغيرهم من عصبة المجرمين الذين كانوا يحضرون لاستعمار جديد في الشرق الاوسط.
bull; اذا كان هذا رايك في لجنة التحقيق وعملها، لماذا قبلت بتسليم نفسك لها؟
- ذهبت يوم توقيفي عند الساعة العاشرة الى لجنة التحقيق وفق الموعد الذي حدده لي ميليس، وكان وردني اتصال من مسؤول كبير ادركت فيه أنني سأعتقل، ورغم ذلك ذهبت، لماذا؟ هذا اقوله للمرة الاولى في شكل علني. يومها تلقيت اتصالا من احد المسؤولين الكبار يطلب مني الذهاب الى لجنة التحقيق في ثياب مدنية وليس في ثياب عسكرية، والاتصال لم يكن من الرئيس اميل لحود...
bull; من قائد الجيش يومها؟
- من مسؤول كبير. قال: اذهب في ثياب مدنية وليس عسكرية، وتفسيري لذلك انه لم يشأ لضابط في الجيش اللبناني على كتفيه نجوم ان يتم اعتقاله ومن ثم ادخاله الى السجن في ثيابه العسكرية، لان ذلك يقتضي نزع النجوم عنه وتسليم ثيابه العسكرية وغير ذلك، وهذا اكد ما كنت على علم به ان هناك اقراراً باعتقالي. وقبل ذلك بفترة جاءني احد الوزراء المرتدين في عهد الرئيس لحود، اي احد الوزراء الذين كانوا معه وارتدوا عليه، وقال لي: laquo;حرصاً عليك خذ اجازة لمدة شهرين وغادرraquo;، هذا قبل شهرين من توقيفي، فقلت ذلك للرئيس لحود، فأجابني حرفياً: laquo;مهمتك ان تسلم القصر للرئيس الذي سينتخب من بعدي فلا ترد على احدraquo;. ثم بعد شهر اتى وزير ثانٍ من المرتدين وقال للرئيس لحود: laquo;السفير الاميركي يقول لك ليتك تبعد عنك مصطفى حمدانraquo;، اي انهم كانوا يرسلون اشارات متلاحقة لكي اهرب، ويومها ارسل الرئيس لحود بطلبي وقال لي ما سمعه من ذلك الوزير وكرر القول لي laquo;لا ترد على احدraquo;، ثم التقيت احد الموظفين اللبنانيين في السفارة الاميركية وسألته عن سبب ما قاله الوزير للرئيس لحود على لسان السفير الاميركي، فذهب الموظف ثم اتى اليّ ثانية وقال لي: laquo;هذا الوزير كذاب وفيلتمان لم يقل ذلكraquo;. طبعاً الكذاب هنا هو فيلتمان وهذا الموظف لان ذلك الوزير المرتد لم يكن سوى اداة صغيرة، وهو من يقف وراء كل التسريبات حول المحكمة. وبعد ذلك قام الرئيس لحود بزيارة للامم المتحدة وكان عليّ السفر للتحضير للزيارة، وعندها تأكد لي في شكل حاسم انه سيتم توقيفي، اذ طلبت اذنا بالسفر من قيادة الجيش، وفي اليوم نفسه بعد الظهر وكان يوم احد، قام ميليس بزيارة الرئيس وسلّمه كتاباً يطلب فيه عدم السماح لمصطفى حمدان بالسفر، ويوم الثلاثاء، اي بعد يومين تم توقيفي، وقد ارسلوا اليّ الاشارات عن النية لاعتقالي لانهم كانوا يريدون مني ان اهرب كون ذلك سيثبت عليّ التهمة اولاً، وثانياً اذا هربت فأين يمكن ان اكون؟ قد اكون ما زلت في القصر الجمهوري او في احد منازل الرئيس لحود، او في منزل اي سياسي، او في ثكنة الحرس الجمهوري، وطبعاً سيصدر قرار بالبحث عني من دون ان تكون الاجهزة الامنية مع ما كانت تتعرض له من حملات اعلامية مؤهلة للقيام بتلك المهمة، فضلا عن تشكيكهم في ولاء الجيش اللبناني لهم. اذا من سيقوم بعملية البحث والتفتيش؟ ومن الاسرع والاقرب؟ لن يكون هناك الا قوة الطوارئ الدولية، ستدخل تلك القوة القصر الجمهوري اللبناني، وستنجح حملة laquo;فلraquo; ضد الرئيس لحود ولن يستطيع الصمود في قصر بعبدا. ثم كانوا سيدهمون بحجة البحث عني اي بيت من بيوت السياسيين، وأكثر من ذلك كانوا سيدعون ربما انني هربت الى سورية، وحتى اقطع الطريق على كل ذلك بقيت وسلمت نفسي، وحافظت على التزاماتي الوطنية حيال الحرس الجمهوري الذي كنت قائده، وحيال الرئيس لحود.
bull; اذا استدعيت مجدداً الى التحقيق هل تذهب؟
- لن اقول نعم او لا، واذا حصل ذلك يُبنى على الشيء مقتضاه، ولكن اقول لك انني معجب كثيراً بالرئيس السوداني عمر البشير حين قال لـ (لويس مارينو) اوكامبو (مدعي المحكمة الجنائية الدولية) العميل الاميركي والمدعي العام الاجنبي laquo;روحوا بلطوا البحرraquo;.
bull; اذا استدعوك مجدداً ستقول لهم laquo;روحوا بلطوا البحرraquo;؟
- لم اقل ماذا سأقول، ولكن قلت في شكل دقيق انني معجب جداً بعمر البشير الذي قال laquo;روحوا بلطوا البحرraquo;، واذا تكرر الامر معي يُبنى على الشيء مقتضاه.
bull; بعد اطلاق سراحكم قال السيد حسن نصرالله في احدى اطلالاته التلفزيونية متحدثا عن عمل المحكمة وما رافقه من اعتقالات ان laquo;هذا الامر لن يتكررraquo;. هل يعبّر ذلك عن موقفكم؟
- اولاً موقف السيد حسن كان واضحاً منذ بداية اسرنا، ولا احمّل السيد اي وزر في اعتقالنا او تكرار اعتقالنا، نحن مناضلون وقادرون على اتخاذ القرار الملائم في ما يتعلق بالمحكمة الاجنبية.
bull; اطلاق سراحكم ترافق مع اخراج سورية من دائرة الاتهام وادخال laquo;حزب اللهraquo; الى هذه الدائرة، كيف تفسرون ذلك؟
- بالنسبة الى بعض الفلاسفة والفقهاء على الساحة اللبنانية من نواب وقانونيين اعتبروا اننا ما زلنا قيد الاتهام، ولا اعيرهم اي اهتمام، اما بالنسبة الى اخراج اي طرف او ادخاله في دائرة الاتهام، فاعتقد ان هذه المحكمة لم تعد قادرة على ادخال احد او اخراجه. نسمع اليوم تسريبات وكلاماً من هنا وهناك في وسائل الاعلام، وسمعنا السيد نصرالله الذي اعلن ان المحكمة استمعت الى عناصر من laquo;حزب اللهraquo; كشهود، لكن المحكمة افقدت نفسها الصدقية، والسيد نصرالله تعاطى معها في الشكل الذي اعلنه انطلاقاً من مسؤوليته الوطنية. لم يعد ممكناً للجماعات الذين يقفون وراء التسريبات ان يجرونا وراءهم، واؤكد ان اول من سرب خبر استدعاء عناصر من laquo;حزب اللهraquo; قام بذلك بايعاز من فيلتمان شخصياً لانه اداة صغيرة لديه وهو احد الوزراء المرتدين.
bull; تقصد وزير العدل السابق شارل رزق؟
- نعم شارل رزق، ولذلك اؤكد انه لم يعد ينفع ما تقوم به laquo;دير شبيغلraquo;، ولا laquo;اللوموندraquo;، ولا laquo;الفيغاروraquo;، ولا المواقع الالكترونية ولا القرار الظني الذي سيصدر، كل ذلك لم يعد ينفع، لان المحكمة فقدت صدقيتها، واذا استطاع اي قرار ظني ان يتضمن ادلة دامغة وموثقة عندئذٍ فقد نُعيد التفكير في ما اذا كانت المحكمة استعادت صدقيتها ام لا. اما خبريات الهواتف التي فتحت خطوطاً معاً وأغلقتها معاً، اضافة الى الكلام مع عاصمة اقليمية او احد المسؤولين، او القول ان فلانا اختفى او...، كل هذه الخبريات لم تعد مقبولة، والناس ما عادوا يصدقونها. وهنا اناشد الرئيس سعد الحريري من موقع وطني أن يتخذ الموقف الوطني المناسب مما يجري فلا يقول ان لا علاقة له بعمل المحكمة، او انه ينتظر ما سيصدر منها. لقد شهدنا ما حصل خلال السنوات الاربع الماضية وهو ما شهده ايضاً دولة الرئيس الحريري الذي هو رئيس حكومة كل لبنان، واعرف حرصه على وطنه، لذلك لا يستطيع الاكتفاء بالقول ان لا علاقة له. لا اطلب منه التدخل في عمل المحكمة الجنائي والقضائي، ولكن اقول له لا بد من عملية نقدية لما حصل في السنوات الماضية، ولما انتجته المحكمة الاجنبية ولجان تحقيقها، وما كان تأثيرها السياسي السيئ على الساحة اللبنانية. عليه الانتباه، ونعم عليه التدخل لمنع استغلالها سياسياً، اقول له: تدخل لمنع استغلالها سياسياً يا دولة رئيس حكومة كل لبنان حفاظاً على دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحفاظاً على دم ابناء الوطن اللبناني في السنوات المقبلة.
bull; بعد اربع سنوات من توقيفكم وما تخلل ذلك من اتهامات سياسية لكم، خرجتم من السجن ونزلتم مباشرة للعمل في الوسط الشعبي عبر استنهاض تنظيم laquo;المرابطونraquo;. هل واجهتم او تواجهون صعوبة في ذلك مع الناس؟
- اولاً في المفهوم القضائي ليس هناك شيء اسمه اتهام سياسي، ثانياً المنظر الى شهدناه في احتفال السفارة السورية في laquo;البيالraquo;، هذا المنظر عرّى النظام اللبناني السياسي وعرّى السياسيين اللبنانيين الذين رأيتهم laquo;عراةraquo; في ذلك الاحتفال، نظرت اليهم كأنهم في laquo;حفلة عراةraquo; وليس حفلة استقبال، وهو مشهد خطير جداً.
bull; وما خطورته؟
- خطورته في ما ظهر من تكاذب ونفاق في العمل السياسي، هل من تكاذب ونفاق اكبر مما رأيناه على ارض laquo;البيالraquo;؟. فبعد سنوات من الباطل سقط خلالها الاف من الشهداء والمعذبين والمهجرين وارتكب بحقهم ما لا يُرتكب وتم الذهاب بهم الى اماكن ليست لهم بمن فيهم الطائفة السنية التي دفعت اثماناً كبيرة خصوصا في 7 مايو، بعد كل ذلك كيف يستطيعون ان يلتقوا ويتحدث بعضهم الى بعض ويتكاذبون على ارض احتفال دعت اليه السفارة السورية؟ ما حصل في laquo;البيالraquo; مع تقديري الكبير للدور الذي يحاول ان يقوم به السفير السوري علي عبد الكريم علي في عملية توحيد الحال السياسية اللبنانية، نظرت اليه انا بالأشعة دون الحمراء فشاهدت عراةً وحفلة عراة للسياسيين وللسياسة اللبنانية منذ العام 1943 ومنذ انفصال سورية عن لبنان. فمن حينها وحفلة التكاذب والنفاق السياسي هي ما يعبر جدياً عن المسرح السياسي اللبناني. اما بالنسبة الى عملي في الوسط الشعبي، فخلال السنوات الاربع الماضية كنت اعرف اننا اذا ربحنا سأخرج من السجن بالطريقة التي خرجت بها، واذا خسرنا كنت واناس آخرون كثر سنذهب الى لاهاي من دون ان اعلم ما اذا كان التاريخ سينصفنا ويعطينا حقنا في ما خص اتهامنا بالجريمة. لكن ما حصل هو ان مشروعي انتصر وخرجت من السجن، وأهم امر اراحني بعد ان اخرجوني ان حال القومية العربية المناضلة التي نقلوها تحت ستار اغتيال الرئيس الحريري الى موقع آخر استطاعت ان تقول لا. هذا الامر اراحني، وحين نزلت الى العمل الشعبي كان مشروعنا السياسي بدأ يتبلور ويحقق انتصارات، لذلك لم اجد صعوبة في ان تتقبلنا الطائفة السنية العربية المناضلة وان تتقبل العمل الذي نقوم به، لان المشروع المقاوم الذي ننتمي اليه بدأ ينتصر في المنطقة وبدأت الرؤية تتضح، وقد سمعنا اخيرا ما قاله الرئيس سعد الحريري في خطاباته وكلماته، وسمعنا ما قاله احمد الحريري، وما قاله وزير التربية حسن منيمنة وما اعطاه من توجيهات لاثارة موضوع القدس وتحريرها من التلموديين (الاسرائيليين) في المدارس. كل هذه التطورات ساعدتني في اعادة الاعتبار للخطاب السياسي الذي نريده على صعيد الطائفة السنية. ولكن الامر الذي مازال يزعجني وما أعتبره خطراً هو العلاقة بين سمير جعجع ودولة الرئيس الحريري، فهذه العلاقة مازالت تثير بعض الالتباس في الشارع الاسلامي السني، اذ لا يصح ان يُتاح للمدعو سمير جعجع وهو اداة اميركية ان يستخدم الطائفة السنية لتغطية الهروب الاميركي من المنطقة عبر محاولته اثارة الفتن لتفتيت الساحة اللبنانية. على دولة الرئيس الحريري ان ينتبه والا يسمح باستتباع الطائفة السنية لشخص مكلف تفتيت الساحة اللبنانية.
bull; هناك من يتهمكم بأنكم تشكلون واجهة سنية لـ laquo;حزب اللهraquo;؟
- من يعرفنا يعرف ان تفكيرنا العقيدي من الناحية الدينية لا يمثل الفكر الديني لدى laquo;حزب اللهraquo; مع تقديري الكبير لهذا الفكر. نعلم ان الهتافات التي يطلقها laquo;حزب اللهraquo; مثل laquo;يا حسينraquo; وlaquo;هيهات منا الذلةraquo; تؤشر الى فلسطين. وهناك ايضا حركة laquo;حماسraquo; السنية التي لا التقي مع فكرها الديني، فأنا انتمي الى الفكر القومي العربي. الى ذلك، فان laquo;حزب اللهraquo; ليس في حاجة الى واجهة سنية، اما اذا كان المقصود اننا في حركتنا نريد ان نشبه laquo;حزب اللهraquo; في عمل المقاومة وفعلها ضد التلموديين للوصول الى القدس، فيشرفني ان اكون واجهة لـ laquo;حزب اللهraquo;، خصوصا اننا في تنظيم قومي عربي ناصري هو laquo;المرابطونraquo; ولنا ارث في المقاومة والجهاد سبق ظهور laquo;حزب اللهraquo;.
bull; الى اي حد يحظى عملكم بموافقة مؤسس laquo;المرابطونraquo; ابراهيم قليلات او مباركته؟
- حركة الناصريين المستقلين laquo;المرابطونraquo; هي حركة قائدها ومؤسسها ورمز نضالها هو الاخ ابراهيم قليلات، laquo;ابو شاكرraquo;، وانا كمصطفى حمدان، كابن شقيقة ابراهيم قليلات، فانني laquo;أخفض له جناح الذلraquo;. هذا من الناحية العائلية، اما من الناحية النضالية الجهادية فاعترف بأن الف باء العروبة والنضال والجهاد تعلمتها من laquo;ابو شاكرraquo; في حركة laquo;المرابطونraquo;. اما بالنسبة الى المشروع السياسي الذي نقوم به الآن، وهو مشروع تحديث العمل السياسي لـ laquo;حركة الناصريين المستقلينraquo;، فهذا العمل نقوم به في ظل غياب الاخ ابراهيم قليلات، وقد اطلع على النداء السياسي الذي انجزناه وأدخل اليه بعض التعديلات، وموقفه الذي ابلغني اياه شخصياً انه ليس مع المشروع وليس ضده، وانه في موقع المتابع لما يحدث، ونحن ماضون في مشروعنا الى آخر الطريق لايجاد تنظيم عربي قومي ناصري قائم على هيكلية تنظيمية واضحة ومرتكزات قومية عربية ثابتة، وسنصل بإذن الله.
bull; وما الذي يمنع عودة ابراهيم قليلات حتى الآن؟
- قرار عودته الى لبنان قرار شخصي ذاتي، وعودته لا بد ان تستفيد منها laquo;المرابطونraquo; سياسياً ومعنوياً وفي مختلف ميادين العمل الوطني.
bull; شعاركم العمل المقاوم ضد اسرائيل انطلاقاً من الحدود اللبنانية الفلسطينية، لكن هناك laquo;الخط الازرقraquo; وقوة laquo;اليونيفيلraquo; وlaquo;حزب اللهraquo;؟
- تجربة laquo;حزب اللهraquo; في العمل المقاوم اثبتت فعلا انها الاقدر والاسلم والاكثر امتلاكا لرؤية استراتيجية في مواجهة التلموديين ليس على الساحة اللبنانية فحسب وانما على الساحة العربية كلها. والامر الثاني ان مقاومة laquo;حزب اللهraquo; ليست ابنة شهر وشهرين وثلاثة، بل نتيجة تراكم تجارب نضالية سابقة وثورات عربية ضد الاستعمار والاحتلال الاجنبي منذ العام 1920، لذلك نسعى الى التشبه بـ laquo;حزب اللهraquo; في العمل الجهادي المقاوم ونسعى الى التكامل معه ومع مقاومته بما يملك من قدرات في وجه التلموديين على صعيد القوة الصاروخية والقوة الاستخباراتية، وايضا على صعيد قوة العناصر وقدرتهم على استخدام الاسلحة الحديثة laquo;التكتيةraquo;. كل هذه العوامل تشكل رادعاً فعلياً لاسرائيل.
bull; الى جانب العمل المقاوم، هل ستمارسون السياسة؟
- كلا، لو كنا سنشتغل في السياسة لما قلت لك ان حفلة السفارة السورية كانت laquo;حفلة عراةraquo;. لا احب ان اتعرى، بل اريد ان ألبس جعبتي وأحمل سلاحي لاقاوم.
التعليقات