فاتح عبدالسلام

تتردد عبارات يطلقها سياسيون عراقيون لاسيما في القائمة العراقية الفائزة بالمرتبة الأولي في الانتخابات الأخيرة برئاسة اياد علاوي، ربّما تكون عبارات متفقاً عليها في ركاب رسائل سياسية ينبغي أنْ تقال في توقيت واحد لاحداث أثر موحد. وهذه العبارات في ظاهرها سياسية لكن اية عملية الي تحويلها الي ارض الواقع يظهر عدم قدرتها علي السير السياسي في أي درب في الأيام المقبلة.
العبارات كثيرة لكنني اتوقف عند جملتين هما (اننا لن نقف مكتوفي الأيدي) و(قد نلجأ الي الانسحاب من العملية السياسية).
امّا الجملة الأولي فإنّ الأيدي ستبقي مكتوفة اليوم ولن تتحرر الاّ اذا كان هناك امكانية لتحويل الجملة الخطيرة الثانية من (تلويح وتهديد) الي (فعل).
ربّما يفهم من اطلاق جملة quot;عدم البقاء مكتوفي الأيديquot; أن هناك مَنْ سيلجأ الي دعم مؤسسات دستورية أو قضائية عراقية للمطالبة بحق تشكيل الحكومة، غير ان التجارب الأخيرة اثبتت ان تلك المؤسسات من السهل تحويلها طوعاً أو كرها بوعي منها أو خارج نطاق وعيها الي ادوات سياسية نافذة منها (هيئة الاجتثاث) و(قوانين مكافحة الارهاب والطوارئ) و(المحكمة الجنائية العليا الخاصة) و(المفوضية العليا للانتخابات) و(محكمة التمييز) و(المحكمة الدستورية الفيدرالية) وسوي ذلك.
اذن نحن أمام التلويح بالانسحاب من العملية السياسية وهذا ليس خياراً للانسحاب من الاشتراك في مفاوضات تشكيل الحكومة أو انه خيار للتحول الي قوة معارضة داخل البرلمان، وانما هو نسف لـquot;المعتقداتquot; المعلنة بالعملية السياسية؟ التي رعاها الاحتلال الامريكي ويبدو ان علاوي يتحدث في وحي من تغيير في قناعات امريكية بهذه العملية. لكن ماذا يعني انسحاب علاوي من العملية السياسية؟ انه ليس انسحاباً شخصياً وانما هو انسحاب من مجمل الترتيبات السياسية والأمنية التي اسهم بها جمهور القائمة العراقية الرئيس في بغداد وديالي والانبار والموصل وتكريت والحلة. وهذا يعني انّ اولئك جميعاً لن يكون متاحاً أمامهم سوي العودة الي حمل البندقية ليس لقتال الامريكان علي طريق الانسحاب فحسب وانما لقتال الواجهة السياسية الرسمية التي تعوق تنفيذ الاستحقاق الانتخابي وتصر علي عدم تداول السلطة سلمياً.
لكن السؤال الأهم هو: أكان علاوي واضعاً هذا الاحتمال في حساباته عند اطلاقه ذلك التصريح.. أم كانت زلة لسان في يوم لم يعد العراقيون يقبلون زلة من أحد..أم انهم يقبلونها ثم يفسرونها كما يشاؤون؟