الجيش الأميركي: القوات الإيرانية تزحف على الحدود.. وتلجأ إلى أساليب الحرب الباردة

تيموثي ويليامز

في صحراء قاحلة مترامية الأطراف جنوب شرقي العراق لوح جندي أميركي لنظيره الإيراني الذي كان قد انتهى من الخدمة على الجانب الآخر من الحدود.
بدا الإيراني مرتبكا لكنه رد التحية قبل أن ينصرف مسرعا في الناحية الأخرى، ربما يكون ذلك التصرف قد أثار استياء الجندي الأميركي. في هذه البقعة الصحراوية الحارة، حيث يقوم الجنود الأميركيون بمساعدة القوات العراقية في تسيير دوريات حرس الحدود لا يجد المرء لنفسه هنا دورا مميزا، حيث يتمركز الجنود على بعد بضع مئات من الياردات من عدو ظاهري يشعرون نحوه بقدر ضئيل من العداء، ومكان تبدو فيه الحدود ذاتها غير واضحة، خلال القيام بما اتضح أنه أكثر مهمات الحرب تحديا، والمتمثلة في تدريب القوات العراقية على القيام بأعمال الدوريات لحماية حدودهم قبل الانسحاب في العام القادم. تنظر الولايات المتحدة إلى مهمة الجنود هذه، رغم المصاعب المحيطة بها، على أنها مسألة بالغة الحيوية حيث سيكون جنود الحدود الأميركيون بين آخر الجنود الأميركيين الذين سيغادرون العراق قبل الحادي والثلاثين من أغسطس (آب) 2011، وانسحاب القوات الأميركية من العراق.

يرجع الاهتمام الأميركي بالحدود العراقية إلى الفترة التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003، حيث عمل الجيش الأميركي على اتهام إيران بتغذية العنف الدائر في العراق وإثارة القلاقل فيه. وفي هذا الجزء من الحدود العراقية البالغة 910 ميلا مع إيران تقول وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إن إيران هربت إلى العراق القنابل الخارقة للدروع وأجهزة تفجير القنابل التي تزرع على جانب الطريق وصواريخ الكاتيوشا وبنادق القناصة.

وتعتبر المنطقة المجاورة لنقطة شلهة الأغوات الواقعة في محافظة البصرة استراتيجية أيضا لأنها قريبة من الميناء البحري للعراق وأكبر حقولها النفطية.

وقال الجنرال ستيفن لانزا المتحدث باسم الجيش الأميركي في العراق: laquo;أمن الحدود في العراق مطلب أساسي لتحقيق السيادة الكاملة والاعتراف الدوليraquo;.

ولأن الإيرانيين والأميركيين يفتقدون إلى الروابط الدبلوماسية تحدث بعض المواجهات الفعلية هنا في هذه المنطقة عبر الحدود العراقية، لعل إحداها القناة المائية الملوثة التي يبلغ اتساعها 30 ياردة في شلهة الأغوات والتي قيل إنها مزروعة بالألغام منذ الحرب العراقية الإيرانية، والتي تنتشر في إرجائها الكلاب البرية. وقال السيرجنت جيمس آلن، عضو فريق قوة الحدود الأميركية: laquo;إذا كان هناك استعراض للقوة يردون بالمثل، فإذا جلبنا الدبابات إلى الحدود يجلبون دباباتهم إلى الحدود أيضا، لكننا عندما أتينا إلى هنا لوحنا لهم ولم نوجه إليهم بنادقناraquo;.

ويقول الجنود الأميركيون والعراقيون إنه على الرغم من أن الأمر يبدو خاليا من التوترات الكبيرة إلا أن الإيرانيين يلجأون في بعض الأحيان إلى الدخول في أسلوب أشبه بالحرب الباردة.

في منفذ شلامجة الحدودي الواقع على بعد أميال قليلة من نقطة شلهة الأغوات، قام العمال الإيرانيون بإقامة سارية كبيرة ورفعوا فوقها العلم الإيراني الذي يواجه الآن علما عراقيا صغيرا على الناحية الأخرى من الحدود. خلال هذا الشهر طافت مروحية عسكرية إيرانية قبل أن تدخل بضع مئات أقدام داخل المجال الجوي العراقي. وقال الكولونيل ويليام جيرارد، نائب رئيس فريق الحدود الانتقالي في صوت ينم عن الدهشة: laquo;إنهم يقومون بذلك كنوع من جس النبض فهم يعرفون أن أحدا لن يطلق النار عليهمraquo;.

وقد شاهد الجنود الأميركيون في معبر الشلامجة، أحد المعابر الرئيسة بالنسبة للملايين من الزوار الإيرانيين المتوجهين إلى الأضرحة الشيعية في العراق، وكذلك استيراد والسيارات الإيرانية ومواد الإنشاء والمصنوعات، الجنود الإيرانيين وهم يتقدمون ببطء فيما يعتقدون أنها أرض عراقية.

في الوقت الذي يعامل فيه الجنود العراقيون والأميركيون منتصف النقطة على أنها حدود عراقية يقوم حرس الحدود الإيرانيين خلال الشهور القليلة الماضية بعبور الخط الفاصل بعشرات الياردات.

وقال الكابتن والتر ليليغارد، الضابط التنفيذي في الفريق الانتقالي الأميركي في الشلامجة: laquo;هؤلاء الأفراد يداومون على الزحف عليهاraquo;. ويقول الكابتن ليليغارد والجنود الأميركيين الآخرون إنهم لا يأخذون هذه التصرفات الإيرانية على محمل الجد ويغضون الطرف بشأن عصف الريح بقبعاتهم إلى داخل الأراضي الإيرانية.

بيد أنه في بعض الأحيان تزداد تلك التوترات بين الجنود العراقيين والإيرانيين الذين دخلوا في معارك طاحنة في نفس البقعة خلال الحرب العراقية الإيرانية ولا تزال الأرض مزروعة بالألغام الأرضية ومواقع المراقبة العسكرية النائية وحطام المركبات العسكرية.

في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي قامت قوة من الجنود الإيرانيين بالتوغل في محافظة ميسان العراقية شمال البصرة. ويزعم الإيرانيون ملكية بئر نفط عراقية، قامت معه بتحريك الدبابات وقطع المدفعية، وانتهى النزاع عندما اتفق الجانبان على عقد محادثات لكن ذلك لم يكن من المتوقع أن يكون النزاع الأخير لأن الحقل يحتوي على ملايين من براميل النفط على جانبي الحدود.

إعداد الجنود العراقيين للقيام بدوريات على الحدود أثبت صعوبة، ويقول الجنود الأميركيون الذين عملوا هنا كمدربين إن ذلك عائد إلى ضعف الاهتمام الموجه نحو قوات الحدود هنا بصورة أكبر من قوات الجيش والشرطة العراقية.

وعلى الرغم من أن قوات الحدود يدرسون في نفس الأكاديمية مع الشرطة فإن رواتبهم منخفضة ويفتقرون إلى التسليح الجيد وغالبا لا يحصلون على كميات كافية من الوقود وقطع الغيار والذخيرة.

وعلى الرغم من أن الجنود الأميركيين يقولون إنهم على الحدود فقط لتقديم النصح والمساعدة فإنهم يقومون بدوريات من دون القوات العراقية لمراقبة الانضباط والمهارة بين القوات العراقية. القلق الرئيس للقوات الأميركية في هذه المنطقة من الأسلحة المهربة من إيران والتي تستخدم ضد القوات الأميركية. ويعترف الجنود الأميركيون بأنه لم توجد حادثة واحدة تم فيها ضبط مخابئ للسلاح مما أثار الشكوك بأن عملية التهريب تحدث في أقصى الشمال. عدم العثور على متفجرات أدى إلى ظهور عدد من النظريات والتفسيرات كان من بينها أن الأسلحة يتم تهريبها عبر الحمير المدربة أو عبر أنفاق تحت الأرض بين البلدين.

* خدمة laquo;نيويورك تايمزraquo;