بغداد - أرنستو لوندونو


بعد مرور سبعة أعوام على سقوط نظام صدام حسين، اجتمع عشرات من العراقيين يمثلون الكثير من حركات التمرد في فندق خمس نجوم داخل العاصمة التركية إسطنبول الربيع الفائت للتخطيط للعودة. وبعد أيام، عقد أعضاء في حزب البعث المنحل اجتماعا علنيا في العاصمة السورية دمشق وأثنوا على عودة الحزب.
وقد أثارت الاجتماعات غير المألوفة مسؤولين عراقيين وأميركيين. وعلى الرغم من أن هذه الحركات ليس لديها أتباع كثر في العراق، يخشى مسؤولون من حصولهم على قوة دافعة على ضوء أزمة سياسية في العراق أضعفت الحكومة وجعلت المسلمين السنة، الذين كانوا يسيطرون على مقاليد الأمور إبان حكم صدام، يشعرون مجددا بأنه يجري التمييز ضدهم.

وكان من بين الحضور في الاجتماع الذي عقد في إسطنبول ممثلون لكتائب ثورة العشرين وجيش الراشدين، اللذين كانا من ضمن حركات تمرد سنية شكلت من أجل القتال ضد الاحتلال الأميركي. وكانت قيادات تلك الحركات، التي لا توجد في ما بينها روابط قوية، قد حاولت الاجتماع من قبل، ولكنها لم تتمكن من القيام بذلك. وقد ساعد تشكيل فرق شبه عسكرية سنية تدعمها الولايات المتحدة عام 2007 على تقويض حركة التمرد، ودفع ذلك بعض القيادات إلى العيش في المنفى وأجبر آخرين على التعهد بمساعدة الأميركيين.
ومع انسحاب الجيش الأميركي، يقول الكثير من سنة العراق، الذين عملوا مع الولايات المتحدة، إنهم يشعرون بالإهمال وأنهم معرضون للمخاطر في دولة يديرها الشيعة.
وانتقد رئيس الوزراء نوري المالكي سماح تركيا وسورية بعقد هذه التجمعات، وفي مقابلة أجريت معه اتهمهما بالمساعدة في زعزعة الاستقرار داخل العراق. وقال المالكي: laquo;المستفيدون الوحيدون هم (القاعدة) والتنظيمات الإرهابية. ولذا نصيحتنا لأصدقائنا وإخواننا: الإرهاب لا يعرف حدودا ولا دينا ولا عرقا. إنهم يهاجمون العراق حاليا بسبب توافر ظروف مناسبة، وفي الغد سيهاجمون تركيا والآخرينraquo;.
ويمكن أن تجد هذه الحركات جمهورا داخل العراق إذا نُظر للحكومة المقبلة بدرجة كبيرة على أن بها تمثيلا سنيا غير كاف. ويتهم الكثير من السنة الحكومة العراقية التي يتزعمها الشيعة بأنها طائفية، ويشيرون إلى عوامل مثل عدد المعتقلين السنة والجهود التي تهدف إلى إقصاء السنة عن وظائف حكومية.
وقد قدم السنة عرضا جيدا خلال الانتخابات البرلمانية التي عقدت في السابع من مارس (آذار)، وكان نتيجة ذلك أن حصلت قائمة العراقية العلمانية بدرجة كبيرة على المركز الأول. ومع ذلك، لم تحصل القائمة على مقاعد تكفي لضمان الأغلبية التي تحتاج إليها لتشكيل الحكومة، ولذا من المحتمل بدرجة أكبر أن يسمي تحالف يضم حركتين شيعيتين رئيس الوزراء الجديد.
ويقول جوست هيلترمان، وهو خبير في الشؤون العراقية لدى مجموعة الأزمة الدولية: laquo;لا شك في أن السنة سيشعرون بالإقصاء والتمييز والتهميش إذا لم يحصلوا على حصة مهمة في الحكومة، فهذا الأمل هو الذي جعلهم يوافقون على التخلي عن حركة التمرد خلال زيادة القوات في عام 2007raquo;.
واتسعت حركة التمرد بعد أن قامت الولايات المتحدة بحل القوات المسلحة العراقية وجزء كبير من قوة العمل الحكومية في أعقاب الغزو الذي بدأ في مارس (آذار) 2003. وقامت الحركات بالهجوم على القوات الأميركية وسعت إلى تقويض جهودهم خلال السعي إلى تثبيت نظام برلماني يمكّن الأغلبية الشيعة.
وبرز تنظيم laquo;القاعدة في العراقraquo;، المدعوم من الخارج، على حساب حركات التمرد العراقية الأخرى في عام 2006، وسيطر على مناطق مهمة في العاصمة وأجزاء أخرى في الشمال والغرب. واستسلمت عناصر كثيرة في حركة التمرد الأصلية أو تعاونوا مع الجيش الأميركي في محاربة laquo;القاعدةraquo;. وبعيدا عن laquo;القاعدةraquo; والتنظيمات التابعة لها، لم تقم التنظيمات المتمرد بشيء كبير يجذب الأنظار حتى وقت قريب. ويقول هيلترمان: laquo;لا يزال من غير الواضح مدى التهديد الذي يمكن أن يطرحوه لأمن الدولة. والعائق الأبرز الذي يقف أمام السنة هو الخلافات الداخلية وغياب قيادة شعبيةraquo;.
وكان الهدف الرئيس من المؤتمر الذي عقد في 10 أبريل (نيسان) بإسطنبول هو الوصول إلى أرضية مشتركة، حسب ما قاله رابح حداد، أحد المنظمين. وقال إن ما شجع القيادات هي الاحتمالات المطروحة مع انسحاب الجيش الأميركي وسط ورطة سياسية. وأضاف عبر الهاتف من بيروت: laquo;المزاج العام يبعث على التفاؤلraquo;. وقال إن قرابة 250 شخصا يمثلون 20 حركة شاركوا في المؤتمر، وأشار إلى أنه عُقد داخل تركيا، لأنها دولة laquo;منفتحة وديمقراطيةraquo;.
وقد أعرب مسؤولون أميركيون عن استيائهم للحكومة التركية، التي أوضحت أنها لم تلعب دورا في انعقاد المؤتمر. وحاول مسؤولون أميركيون خلال العام الماضي أن يجروا جلسات نقاشية مع ممثلين سياسيين للتنظيمات السنية المتطرفة لإقناعهم بالمشاركة في العملية السياسية، ولكنهم لم يكللوا بالنجاح في هذا المسعى.
ويقول مساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان، الدبلوماسي الأميركي الأبرز المختص بشؤون الشرق الأوسط: laquo;كان أمام الحركات في هذا الاجتماع داخل تركيا فرصة للمشاركة في العملية السياسية هنا، لو احتكموا إلى القواعدraquo;. وتقول بعض حركات التمرد السنية إن الولايات المتحدة ستبقى الهدف الرئيس لأعمال العنف التي يقومون بها. ولكنهم لم يستبعدوا القتال ضد الحكومة العراقية. ويقول حارث الضاري، وهو ناشط سني يعيش في المنفى ويرأس هيئة علماء المسلمين، في مقابلة عبر الهاتف من الأردن: laquo;لسنا مع استخدام القوة ضد الحكومة أو أي عراقي. ولكن إذا استمرت الحكومة العراقية في استخدام القوة ضد المقاومة وإذا لم يتخذوا خطوات مهمة من أجل المصالحة، فسنكون مضطرين للدفاع عن أنفسناraquo;.