‬رضا أمين

بات واضحاً‮ ‬من موقف الرئيس الأمريكي‮ ‬باراك أوباما من القرصنة البحرية التي‮ ‬مارستها إسرائيل على أسطول الحرية مؤخراً‮ ‬أن خطب أوباما الكثيرة الموجهة إلى العالم الإسلامي‮ ‬ما هي‮ ‬إلا خدعة كبيرة،‮ ‬وأن أحاديثه الناعمة الموجهة إلى المسلمين ما هي‮ ‬إلا تكتيك،‮ ‬وأن الخطوط العريضة للسياسة الأمريكية واحدة لا تتغير،‮ ‬وثابتة كما الجبال الرواسي‮ ‬في‮ ‬تأييد إسرائيل على طول الخط‮.‬ وكان باراك حسين أوباما قد أتى إلى القاهرة في‮ ‬مثل هذه الأيام من العام الماضي‮ ‬ليلقي‮ ‬خطابه إلى العالم الإسلامي‮ ‬من جامعة القاهرة،‮ ‬وسبقته حملة إعلامية قوية،‮ ‬تسوق إلى أن أوباما‮ ‬يريد أن‮ ‬يفتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي،‮ ‬وقوطع بتصفيق حاد‮ -‬كعادة العرب مع الرؤساء والحكام‭-‬‮ ‬حينما تلا كلمات من القرآن الكريم،‮ ‬وحين نطق بلكنة أمريكيةٍ‮ ‬تحية الإسلام،‮ ‬وقبل خطاب القاهرة كان قد ذهب إلى البرلمان التركي‮ ‬وألقى خطاباً‮ ‬موجهاً‮ ‬أيضاً‮ ‬إلى العالم الإسلامي‮ ‬من هناك،‮ ‬ويبدو أن الحملة الإعلامية المصاحبة لخطاب تركيا لم تعجبه،‮ ‬فقرر إعادته من القاهرة‮ !‬ وبعد عام من خطاب القاهرة،‮ ‬ماذا فعل أوباما؟؟ أقول لكم ماذا فعل أوباما‮: ‬ ؟ رفض أوباما أن‮ ‬يدين عملية القرصنة البحرية التي‮ ‬ارتكبتها إسرائيل في‮ ‬أعالي‮ ‬البحار مع سفن كسر الحصار الظالم على‮ ‬غزة،‮ ‬واكتفى‮ -‬بقلبه الرحيم‮- ‬بالأسف على مقتل بعض النشطاء‮ !‬ ؟ رفض أوباما أن‮ ‬يكون هناك تحقيق دولي‮ ‬نزيه لتلك الأحداث،‮ ‬وطالب إسرائيل أن تقوم هي‮ ‬بهذا التحقيق،‮ ‬لتنوب عن العالم في‮ ‬تحقيق العدالة‮ !‬ ؟ رفضت إدارة أوباما مجرد عملية الإدانة بقرار من مجلس الأمن للسياسات الإجرامية التي‮ ‬تقوم بها إسرائيل‮. ‬ ؟ ناشد أوباما‮ -‬شخصياً‮- ‬أعضاء سفينة‮ (‬ريتشال كوري‮) ‬الأيرلندية التي‮ ‬تأخرت لبضعة أيام عن أسطول الحرية أن‮ ‬يقوموا بتسليم السفينة،‮ ‬وتسليم أنفسهم إلى إسرائيل،‮ ‬وهو ما‮ ‬يعني‮ ‬إعطاءه الضوء الأخضر لإسرائيل أن تكرر نفس تجربة القرصنة البحرية عليها،‮ ‬وهو ما تم بالفعل‮. ‬ ؟ أيد نائب أوباما عمليات القرصنة البحرية الإسرائيلية على سفن كسر الحصار علناً،‮ ‬حيث كان تصريح بايدن نائب الرئيس الأمريكي‮ ‬مستهجناً،‮ ‬لأنه كان ضد تيار الضمير العالمي‮ ‬والرأي‮ ‬العام العالمي،‮ ‬ويعني‮ ‬تصريحه أنه‮ ‬يعبر عن الإدارة الأمريكية التي‮ ‬يقبع أوباما على قمتها‮. ‬ ؟ تشير التقارير إلى أن نسبة استخدام القتل الممنهج في‮ ‬باكستان وأفغانستان لاستهداف الأشخاص وقتلهم بواسطة الطائرات بدون طيار تضاعفت حتى عن فترة بوش،‮ ‬وهو ما انتقدته الأمم المتحدة بشدة،‮ ‬واعتبرته متنافياً‮ ‬مع القوانين الدولية وحقوق الإنسان،‮ ‬التي‮ ‬على رأسها الحق في‮ ‬الحياة‮. ‬إذن فما الذي‮ ‬قدمه أوباما للعالم الإسلامي‮ ‬غير الخداع،‮ ‬والكلمات البراقة،‮ ‬والتصنع بأنه‮ ‬يقيم جسوراً‮ ‬مع هذا العالم الذي‮ ‬يمثل خُمس سكان الكرة الأرضية تعداداً،‮ ‬إن هذا البريق الإعلامي‮ ‬الذي‮ ‬صاحب خطابات أوباما إلينا ما هو إلا شكل من أشكال التسويق والدعاية السياسية التي‮ ‬تمارسها الإدارة الأمريكية،‮ ‬ويمارسها أوباما نفسه،‮ ‬وهو ما‮ ‬يعرف بنظرية الحقن تحت الجلد،‮ ‬يخدر الجماهير،‮ ‬ويدغدغ‮ ‬مشاعرهم بمعسول الكلام حتى‮ ‬يحصد جوائز السلام‮ (‬حصل أوباما على جائزة نوبل للسلام‮)‬،‮ ‬ثم‮ ‬يعود إلى الخداع والمراوغة مرة أخرى،‮ ‬ولكنك‮ ‬يا سيد أوباما لا تستطيع أن تخدع بعض الجماهير كل الوقت،‮ ‬كما إنك لن تستطيع خداع كل الجماهير بعض الوقت‮. ‬أعرف أن هناك سؤالاً‮ ‬صعباً‮ ‬ربما‮ ‬يطرح نفسه في‮ ‬هذا السياق‮: ‬ماذا فعل أبناء العالم الإسلامي‮ ‬نفسه؟،‮ ‬ولماذا‮ ‬ينتظرون من‮ ‬غيرهم أن‮ ‬يقرروا مصائرهم؟ وأدرك أن الإجابة على هذا التساؤل إشكالية في‮ ‬حد ذاته‮. ‬ ‮❊ ‬رئيس قسم الإعلام‮ ‬ والعلاقات العامة بجامعة المملكة