محمد الصياد

قبل أسابيع، انعقد في البحرين معرض وندوة ترشيد الطاقة والمياه 2010 تحت رعاية هيئة الكهرباء والماء وتحت دعم ومساندة الهيئة الوطنية للنفط والغاز وذلك وسط مشاركة وحضور كثيفين من قبل المختصين والمهتمين بالقضايا الجديدة والمستجدة في الفضاء المتسع لقطاع الطاقة العالمي، لاسيما القضايا المتصلة بإطالة عمر وترشيد وتفعيل استخدام مصادر الطاقة التقليدية وجعل مخرجاتها من أنواع الوقود المختلفة والمتعددة الاستخدام ومنتجاتها الطقوية الأخرى، أكثر نظافة ونقاءً وصداقةً للبيئة .. وكذلك البحث عن ملاءمة وجدوى للتطبيق في ظروف البحرين المناخية والايكولوجية والاقتصادية.

ويمكننا القول إن موضوع الطاقات الرديفة - ولا نقول الطاقات البديلة حيث إن الاصطلاح المستخدم في أدبيات الطاقة العالمية لا ينسجم وواقع دولنا البترولية ومصالحها، ونخص منها بالذكر مصادر الطاقة المتجددة، لاسيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومصادر الطاقات الجديدة وتحديداً الطاقة النووية المُوَلدة للاستخدام في الأغراض السلمية - إن هذا الموضوع في طريقه للانتقال إلى مقدمة اهتمامات وأجندات العمل الحكومي والعمل الخاص إن لم يكن قد بدأ الانتقال الفعلي مع انضمام مملكة البحرين كعضو مؤسس إلى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (وإنشائها بقرار صادر عن مجلس الوزراء في عام ،2006 لجنة خاصة بحفظ الطاقة برئاسة الهيئة الوطنية للنفط والغاز وعضوية ممثلين للوزارات والهيئات والجهات الحكومية الإدارية والتنفيذية والأكاديمية ذات العلاقة بمواضيع الطاقة، وهي لجنة تُعنى بوضع الأطر التشريعية والسياسات والتوجهات المتعلقة بالاستغلال الأرشد والأفعل لمصادر الطاقة الحالية بهدف تأمين استدامة إمداداتها لمختلف قطاعات وأنشطة الاقتصاد الوطني البحريني.

قطعت بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية شوطاً أطول في مجال الطاقات الجديدة والمتجددة على الرغم من التزامها الثابت بالدفاع عن مصالحها البترولية كبلدان تعتمد اعتماداً رئيسياً على إيرادات صادراتها النفطية في تمويل برامجها الإنمائية. وتبرز في هذا المجال دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعمل على مسارين في هذا الاتجاه، مسار الطاقات الجديدة لاسيما الطاقة النووية حيث أرست مناقصة بناء محطة لتوليد الطاقة النووية على إحدى الشركات الكورية الجنوبية، ومسار الطاقات المتجددة، حيث أنشأت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل ldquo;مصدرrdquo; التي ستنشئ أول مدينة خضراء في العالم (مدينة خالية من الكربون) هي مدينة مصدر، وتنشط أيضاً في عمليات إنتاجية واستثمارية في الإمارات والخليج وأوروبا والولايات المتحدة وكندا. كما نجحت الإمارات في انتزاع المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة.

ويمكننا أن نقول أن دول مجلس التعاون قد اختارت، ولو متأخرة، بصورة صحيحة طريق تطورها المستقبلي المتصل مباشرة بقطاع الطاقة. ولسوف تفعل خيراً لو انها أسرعت الخطى في هذا الاتجاه، لأن استراتيجيتنا السابقة القائمة على الاكتفاء بالدفاع عن نمط إنتاجنا الطقوي السائد وعن مصادر طاقتنا التقليدية وتحديداً النفط والغاز والركون إلى واقع استمرار تسيد النفط لميزان مزيج الطاقة العالمي، كانت استراتيجية خاطئة ومكلفة. فلم يعد مجدياً الاكتفاء برد الفعل على مواقف الدول المستهلكة لمصادر الطاقة بأنواعها وعلى تطورات ومستجدات المفاوضات الدولية متعددة الأطراف الخاصة بالتغير المناخي وارتباطها بمصادر الطاقة التقليدية والمتجددة.

نعتقد بأن على دول مجلس التعاون الخليجي التي تبنت أخيراً خيار الطاقات الجديدة والطاقات المتجددة، أن تسرع الخطى على هذا الطريق. عليها أن تسرع في إنشاء التشريعات ووضع التعرفة الاستهلاكية للطاقات المتجددة وأن تضع السياسات والبرامج التنفيذية الضرورية لإحداث نقلة التحول في أنماط إنتاج واستهلاك الطاقة.