محمد صادق دياب
التاريخ بالنسبة للمرأة يوشك أن يتحول إلى ترسانة من الدموع، فلقد عانت طويلا من الاضطهاد والتمييز، والنظرة إليها كمخلوق تابع ليس له من أمره شيء، وعلى الرغم من أن الرسالات السماوية كرمت المرأة، ومنحتها الكثير من الحقوق، فإن جل أتباع الرسالات لم يعملوا بوحيها، وظلوا أسرى تقاليدهم التي تنظر إلى المرأة نظرة لا تخلو من التهميش، فواقع المرأة حتى اللحظة واقع يحمل الكثير من التمييز ضدها، في الكثير من جوانب الحياة الاجتماعية والتعليمية والوظيفية والحقوقية، وكان لزاما على المجتمع الإنساني بعد هذه الرحلة البشرية الطويلة أن يشرع من التنظيمات ما يكفل إنصاف المرأة ورد اعتبارها، وأقف هنا تقديرا واحتفاء بما توصلت إليه الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي، بإطلاقها laquo;هيئة الأمم المتحدة للمرأةraquo;، التي ستعمل على دعم حقوقها، وتجسير الفجوة بينها وبين الرجل، وكذلك الحد من التمييز ضد المرأة المستشري في الكثير من أنحاء العالم، والوقوف في وجه الزواج القسري، وتجارة البشر، وجرائم الاغتصاب، والانتهاكات الأسرية، وغيرها.
ويخطئ من يظن أن المرأة قد نالت حقوقها في الكثير من دول العالم المتقدم، فلا تزال الدراسات والإحصائيات تشير إلى بعض ملامح التمييز ضد المرأة، حتى في أكثر الدول تقدما، لكن ما يشفع لهذه الدول وجود منظومة من القوانين يمكن الاحتكام إليها عند الضرورة، ويبدو أن العالم هذه المرة أكثر جدية للضغط عبر هذه الهيئة لحماية المرأة في كل أنحاء العالم، وتحقيق أمنها، ككائن إنساني له حقوقه وواجباته، وقد يختفي وجود المرأة كسلعة في تجارة البشر، التي تشوه صورة المجتمع الإنساني وتطوره، كما تذهب إلى غير رجعة أساليب الزواج القسري، ووحشية الاغتصاب.
وأقف هنا أكبر الوقفات للدين الإسلامي العظيم، الذي أنصف المرأة قبل أكثر من 1400 عام، وعظم شأنها، وخلق المناخ النفسي المناسب الذي تألقت فيه أسماء نسائية كبرى، كخديجة بنت خويلد، وفاطمة الزهراء، وعائشة، وحفصة، وأسماء ذات النطاقين، وغيرهن، وأحزن كثيرا لما آل إليه بعد ذلك أمر بعض المسلمين، حينما عاد جزء منهم إلى جاهليته الأولى، فسلب المرأة حقها ككائن إنساني حري بالحياة والتقدير والاحتفاء.
التعليقات