يوسف الكويليت

تقريران أحدهما إسرائيلي يقول إن نصف مليون يهودي يسيطرون على نصف مساحة الضفة الغربية، وفق تشريعات تسنها وتطبقها السلطة الإسرائيلية، والآخر أمريكي نشرته laquo;النيويورك تايمزraquo; يشير إلى تواصل إعفاء التبرعات للمستعمرات الإسرائيلية من الضرائب الأمريكية، والمعنى لا يخفي أن الحليفين يختلفان على الأجزاء ويؤيدان الكليات، أي أن ما تفعله إسرائيل معفى من المسؤولية مهما كانت النتائج، وبدعم مادي وسياسي لا تستر عليهما..

أوباما سيلتقي نتنياهو وعلى جدول المناقشات مسألة المستوطنات، ورغم المساحة التي يتحرك بها الرئيس الأمريكي عندما تضيق مع إسرائيل تحت ضغط اللوبي الإسرائيلي، فنتنياهو يتحدث من أفق قانونية الوطن الإسرائيلي، وبين الرجلين تلاقٍ على المصالح الإسرائيلية وأمنها، وتباعدٌ بشأن الدور الناقص لأمريكا في المنطقة بأسباب وصول إسرائيل إلى نقطة اللاتراجع بالتمدد على الأرض الفلسطينية، ولعل المشكل ليس فقط الاستيطان، بل إزالة أي صفة لبناء دولة فلسطينية وتحديداً عندما تفقد شرعيتها بفقدانها الأرض..

القوانين الدولية ليست ذات قيمة، وتطبيقها، حقوقياً، ينفرد به من يملك قرارات الإلزام بما يريد، لا بما تنطق به الحقوق، ولهذا السبب يركض العرب، والفلسطينيون تحديداً إلى الاتكاء على الشرعية الدولية، بينما إسرائيل تمارس نفوذها بقوة قانون الأمر الواقع أي فرض الاستيطان كوعد إلهي لا تنقضه أي رسائل أخرى..

والسؤال ما هي الحلول لأزمة مارست فيها كل القوى الحروب ، والدبلوماسية المراوغة والخشنة إذا كان من تعنيهم القضية منقسمين؟ وسبق أن قسموا أنصارهم ومؤيديهم إلى صديق وعدو بحيث ذهبوا مع قبائل الأحزاب اليسارية واليمينية، وعادوا الحكومات المعتدلة، وصادقوا المتحركة على إثارة المشاعر المتطرفة، وقد جاءت الفرص منذ قرار التقسيم إلى مباحثات كلينتون التي كادت أن تعطي ما خسره الفلسطينيون من خلال الزعماء اليمينيين من شارون إلى نتنياهو وفرق عملهما وحكوماتهما؟

والرئيس الأمريكي يعرف أن أكبر ملف في قضايا المنطقة يعرض عليه في كل المناسبات، ومن خلال تعهدات والتزامات وقع عليها رؤساء سابقون، تساندهم واجهات سياسية ومالية مؤثرة في الأحزاب وبيوت المال، فإن أوباما لا يستطيع تغيير مسارات سياسة بلده، حتى لو جاء الحافز منه شخصياً بتغيير المسلّمات، لأن القرار المخالف لإسرائيل، تصادره فرضيات أقوى من الرؤساء.

المسألة الفلسطينية تداخل فيها الإنساني بالسياسي، وبقوة ونفوذ إسرائيل، مع انحسار العرب، وتشتت الفلسطينيين، وطالما القوة هي التي تحمي الباطل؛ فالعرب هم من عاش على الأوهام ، وأسطورة ذوبان إسرائيل في المنطقة، وهو منطق مقبول لو أن لنا أسلحة تقاوم تقدمها، وتخلفنا، والغريب أن كل الشعوب أصحاب الإرادات التي لا تقهر، استطاعوا بالمقاومة السلمية والعسكرية، فرضَ تحررهم من أي نفوذ، ولم يبقوا رهن وضع تاريخي، بل جاءوا بمناهج نظام للدولة والشعب ، وإيجاد البديل من خلال عطاء البيئة، بمعنى أن الانتصار في الحرب جُيّر لصالح الانتصار في البناء والتقدم، وتلك كانت التجارب الناجحة لشعوب تستيقظ ولا تنام..