عبدالله المسفر
عشرون عاما مرت سريعا على الغزو الأليم لبلدنا الغالي الكويت، وإن كان النظام الصدامي المعتدي قد اندحر وزال بفضل الله إلا أن أتباع الفكر الصدامي مازالوا باقين، ومنهم من هو في مراكز حساسة ومؤثرة في العراق الشقيق.
نعم نحن نتفهم أن العراق بلد عربي جار وشقيق ومسلم، ولكن ما المطلوب منا بعد أن قتل العراق من قتل من الشهداء الكويتيين، وأسر من أسر وعذّب من عذّب، وفعل ما فعل بالكويت وأهلها، وهل عشرون عاما كافية لأن ننسى الخيانة والإهانة والعذاب البدني والنفسي الذي تعرضنا له على يد الشقيق العربي والمسلم والجار؟
يقلقني وكثيرين غيري من أهل الكويت تلك الدعوات للتهدئة والاستكانة وعدم الرد على استفزازات أصحاب الفكر الصدامي في العراق، والذين يطلون علينا بين فينة وأخرى بتصريحات مضللة وخبيثة، وفيها ظلم للكويت بدعوى أنها جوّعت أهل العراق، وأن الكويت اغتصبت الاتفاقيات الخاصة بترسيم الحدود والمعاهدات التي تلزم العراق بما هو طبيعي تجاه احترام سيادة الكويت.
نحن مع العراق وأهله الطيبين، ونتمنى لهم الاستقرار وأن يعم الأمن والأمان بلادهم، فهذا فيه المصلحة العامة للكويت والعراق معا... نحن مع العراق وأهله الطيبين ونتمنى لهم الازدهار والنمو الاقتصادي والتنمية لمواردهم المهدرة والمستباحة من قبل تجار السلاح وأصحاب النفوذ والسلطة، نحن مع العراق وأهله الطيبين الذين يعترفون بحقوق الكويتيين ويحرصون على رد ما سلبه النظام الصدامي وأتباعه خلال سبعة أشهر دمر فيها الأخضر واليابس.
لكننا لسنا مع العراق وأهله الذين مازالوا يضمرون في أنفسهم الشر للكويت ويتمنون في كل لحظة أن تحترق، وأن يستعيدوا القوة لطمس معالمها وحجب نور الحقيقة والعدل، والنيل من كل ما هو كويتي نتيجة حقد دفين لا نعلم أسبابه الحقيقية ولا نجد تفسيرا له.
وما نريده من مسؤولينا أن يتعاملوا مع الأمر العراقي بشيء من المنطق والحكمة والعقل دون خنوع أو مواربة أو خوف، فهناك في العراق من مازال لديه النوايا السيئة، ومن لم يتعلم من الماضي ومازال في قلبه نقاط سوداء لم يمحها التعاطف الكويتي مع العراق، ولم يزلها كل ما قدمته الكويت للعراق.
ولعل أبرز ما قدمته الكويت لهم أنها كانت بوابة عبور بلادهم للحرية والانطلاق لحياة ديمقراطية، وللأسف مازال يفسدها الفكر الصدامي العنيف الذي لا يرحب أبدا بأي آخر، ولا يريد إلا أن ينظر ليرى نفسه فقط دون سواه، على الرغم مما تجرعه أهل العراق أنفسهم من مرارة السطو على حقوق الغير، والتدخل في شؤون الجيران وتهديدهم وترويعهم.
إن من يحاول أن يفهمنا أن الغزو قد مر بكل ما فيه فهو مخطئ إلى حد بعيد، على الرغم من مرور عشرين عاما، ومن يحاول أن يقنعنا أن العراق قد تطهر من أزلام صدام فهو ساذج، ولعل ما يبرهن كلامي تلك التصريحات التي ترد إلينا بين حين وآخر على لسان أزلام النظام البائد الذين لهم حظوة في السلطة العراقية، فلا ندفن رأسنا في الرمال ولا نتجنب مواجهة الحقيقة الواضحة.
فالعراق، وإن كنا نتمنى أن يكون شقيقا بالمعنى ومسلما بالفعل وجارا بالتصرفات والمبادرات، هو حتى الآن ليس كذلك، فاعترفوا بهذا الواقع الأليم وتعاملوا معه من هذا المنطلق، ولا تخدعونا وتخدعوا أنفسكم، يرحمكم الله! والحمد لله على كل حال، فصدام لم يمت بل مازال حيّاً.
التعليقات