بيروت - وسام أبو حرفوش

... لا صوت يعلو في بيروت فوق صوت laquo;المعركةraquo; على المحكمة الدولية. فهذا العنوان الذي لم يغادر الحياة السياسية اللبنانية يوماً منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005، تحوّل اخيراً laquo;كرة لاهبةraquo; ينذر تدحرجها بـ laquo;حريق كبيرraquo;، أقله في ضوء الوقائع الحالية التي تحوط هذا الملف البالغ التعقيد، مع العد التنازلي للقرار الظني المرتقب صدوره laquo;كما يشاعraquo; في وقت ما من الخريف... المخيف.
الجميع في بيروت، وربما خارج الوطن المترنّح فوق فوهة من السيناريوات المأسوية، ينتظر اختتام laquo;خماسيةraquo; اطلالات الامين العام لـ laquo;حزب اللهraquo; السيد حسن نصرالله بالمؤتمر الصحافي الذي يعقده غداً، بعدما كان وعد بـ laquo;افشاء سر ماraquo; عن laquo;الصندوق الاسودraquo; للحزب كـ laquo;دليلraquo; على صوابية فرضية تورط اسرائيل في اغتيال الحريري، وللمضي قدماً في الطعن بالمحكمة الدولية وفي laquo;التدمير الاستباقيraquo; لقرارها الظني.
لن تكون اطلالة الامين العام، laquo;آخر الكلامraquo; عن القرار الظني، الذي سبق ان قال نصرالله انه laquo;صناعة اسرائيليةraquo; لاحداث فتنة في لبنان عبر laquo;فبركةraquo; اتهام لعناصر من الحزب باغتيال الزعيم السني رفيق الحريري. فالليالي الرمضانية ستكون ميداناً رحباً لكلام اضافي laquo;مدوْزنraquo; على وقع مجريات laquo;فترة السماحraquo; التي أملتها قمة بيروت الثلاثية بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الاسد، اضافة الى الرئيس اللبناني ميشال سليمان.
وعشية المؤتمر الصحافي لنصرالله، يمكن رصد آخر المعطيات في شأن الموقف من المحكمة وقرارها الظني على النحو الآتي:
gt; laquo;حزب اللهraquo; الذي قال انه لا يريد اقل من laquo;وأد فتنة القرار الظنيraquo;، يريد عملياً الغاء المحكمة التي كال لها اوصافاً من نوع انها اسرائيلية واميركية، رغم انه رحّب بـ laquo;الجهد العربيraquo; السوري - السعودي لمعالجةٍ ما laquo;مجهولة باقي الهويةraquo;.
gt; تحالف قوى laquo;14 مارسraquo; وفي مقدمه laquo;تيار المستقبلraquo;، الذي يتزعمه رئيس الحكومة سعد الحريري، مرتاب من الحرب التي اعلنها laquo;حزب اللهraquo; على المحكمة انطلاقاً من laquo;فرضياتraquo; ترتبط بالقرار الظني الذي لم يصدر بعد، ومن تلويحه بالفوضى في مواجهة العدالة التي يصعب ابرام صفقات حولها كون المحكمة خارج السيطرة.
gt; الايحاءات عن ادوار laquo;ملتبسةraquo; للسعودية وسورية حيال المحكمة، كالقول ان الملك عبدالله وعد بالقيام بجهد laquo;غير مضمون النتائجraquo; لارجاء القرار الظني، وان الاسد الذي يعتبر ان laquo;المحكمة خربت لبنانraquo; اوكل الى رئيس البرلمان نبيه بري تهدئة الامور حتى اشعار آخر.
gt; رئيس laquo;اللقاء الديموقراطيraquo; وليد جنبلاط، laquo;العائدraquo; من اتهام سورية وlaquo;حزب اللهraquo; بالتورط في الاغتيالات الى تحميل المؤامرة الدولية لتنفيذ القرار 1559 مسؤولية اغتيال الحريري، يتجه الى رمي كرة البحث عن مخرج في احضان الحريري عبر تبنيه معادلة المفاضلة بين العدالة والفوضى، وهو ما اوحي به اخيراً بعد زيارته الاسد.
ازاء هذه الوقائع الصاخبة، من المرجح ان تتسارع وتيرة الانزلاق اللبناني في اتجاه السيناريوات الاسوأ التي يكثر الحديث عنها خلف الستائر في كواليس بيروت، خصوصاً في ضوء قمة laquo;اللا نتائجraquo; في بيروت (الملك عبدالله - الاسد - سليمان) والتي اقتصرت حصيلتها على laquo;تطمينات غير مُطَمْئنةraquo; من جهة، ومضي laquo;حزب اللهraquo; في التلويح بما هو ادهى في حال صدور القرار الظني متهماً عناصر منه باغتيال الحريري من جهة أخرى.
فثمة مَن يعتقد في بيروت، ان laquo;ما كُتب كتبraquo; بالنسبة الى القرار الظني، وlaquo;الحصان خرج من الحظيرةraquo; ولم يعد في الامكان العودة به الى laquo;القمقمraquo;، وتالياً فان ما يشاع عن ادوار قد تقوم بها السعودية لـ laquo;لجم هذا الحصان او ترويضهraquo; والتأثير على مجريات المحكمة، هو مجرد امر غير ممكن على الاطلاق، لاعتباراتٍ منها ما هو laquo;تقنيraquo; ومنها ما هو سياسي.
والانطباع الاكثر تداولاً، ان في ملاقاة هذا laquo;الحصانraquo; سيتحول laquo;حزب اللهraquo; المصاب بسهام القرار الظني، laquo;فيلاً مجروحاًraquo; وهائجاً يصعب من الآن التكهن بطبيعة laquo;بطشهraquo;، رغم ان التوقعات تتحدث عن اتجاه لـ laquo;قلب الطاولةraquo; ومهما كان الثمن عبر ما يوصف بـ laquo;7 مايو سياسيraquo; من خلال اطاحة الحكومة والتوازنات القائمة على النحو الذي يؤدي الى laquo;انقلابraquo; فعلي على الحقبة التي امتدت بين 2005 و2008.
ولن يقول نصرالله غداً، كل ما يريد قوله في شأن المرحلة المقبلة، وسيكتفي على الارجح بطرف خيْط حول فرضية تورط اسرائيل باغتيال الحريري عبر سرد حكاية قديمة بعض الشيء تعود للعام 1993 عن laquo;عميل فارraquo; عمل على التهويل على الرئيس رفيق الحريري بأن laquo;حزب اللهraquo; يريد اغتياله، وجرى يومها الزج باسم عماد مغنية، الذي كان اسمه في حينه اشبه بـ laquo;شبحraquo; تطارده الاستخبارات الدولية على انواعها.