فاروق جويدة

تبرع أربعون شخصا من أصحاب المليارات في أمريكا بنصف ثرواتهم إلي الأعمال الخيرية

في إطار مشروع أخلاقي إنساني أطلقوا عليهrlm;'rlm; عهد العطاءrlm;'rlm; تصدر قائمة هذا المشروع الخيري مجموعة من أبرز أغنياء أمريكا في مقدمتهم بيل جيتس صاحب شركة مايكروسوفت الشهيرةrlm;..rlm; وقد اتسعت دائرة المشاركة من أثرياء أمريكا في هذا المشروع وتقدر الأموال التي سيتبرع بها رجال الأعمال الأمريكان بمبلغrlm;600rlm; مليار دولار وسوف تتجه هذه البلايين إلي توفير الخدمات للمواطنين في أمريكا وإلي فقراء العالم في التعليم والصحة والسكن في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تجتاح العالمrlm;..rlm; وقد لاقت هذه المبادرة استجابة سريعة من عدد كبير من أصحاب الملايين داخل أمريكا وخارجهاrlm;..rlm;
حين قرأت عن هذا المشروع الإنساني تذكرت أثرياء مصر في زمان مضي هؤلاء الذين أقاموا المدارس والمستشفيات والجامعات وتبرعوا بأموالهم للفقراء والمحتاجين وقلت لنفسي ما أحوج مصر الآن إلي مثل هذه المبادرة النبيلة في هذا الظرف التاريخي الصعبrlm;..rlm; هناك أسباب كثيرة تتطلب مثل هذه المبارة من أثرياء مصر ابتداء بأصحاب المليارات وانتهاء بأصحاب الملايين وما أكثرهمrlm;..rlm;
rlm;*rlm; أن الفوارق الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء في مصر قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء والسوداء والبيضاء وأننا عدنا نعاني مرة أخري من الانقسام الطبقي البغيض ومجتمع الربع في المائة الذي كنا عليه قبل ثورة يوليو وأن مصر في حاجة إلي مبادرة أخلاقية وإنسانية تعيد التوازن المفقود لهذا المجتمعrlm;..rlm;
rlm;*rlm; أن هناك طبقة جديدة مصنوعة استطاعت الدولة ان تشيدها في سنوات قليلة حتي وأن قامت علي أسس تفتقد شرعية الطبقات من حيث الشفافية وطريقة التكوين وأسلوب تراكم الثرواتrlm;..rlm; هذه الطبقة الجديدة في مصر لا تحمل مقومات الطبقات الاجتماعية التي تشكلت في مجتمعات أخري عبر سنوات طويلة ومن خلال أساليب مشروعة في التكوين خاصة ما يتعلق بجمع الثروةrlm;..rlm;
rlm;*rlm; أن هناك طبقة مطحونة عجزت الدولة عن توفير احتياجاتها الضرورية في الصحة والتعليم والسكنrlm;..rlm; ومن يشاهد التكدس والزحام في المستشفي والمدرسة والمساكن التي تفتقد الآدمية يدرك إلي أي مدي انقسم المجتمع المصري علي نفسه وسقط فريسة الثراء الفاحش والفقر المدمر وما بينهما توارت الطبقة المتوسطة التي كانت تمثل الأساس الفكري والثقافي والحضاري لهذا المجتمعrlm;..rlm;
أن الأزمة الحقيقية في مصر الآن هذا الكم الرهيب من الأموال التي تجمعت في يد عدد محدود من المواطنين وهذا الكم الرهيب من الاحتياجات الضرورية الذي تعاني منه الطبقات الفقيرةrlm;..rlm;
أن هذه الظواهر الغريبة كانت نتاجـا طبيعيا للفهم الخاطئ للرأسمالية التي يحاول البعض أن يطبقها لصالح فئة من الناس علي حساب مجتمع كاملrlm;..rlm; لقد نشأت هذه الطبقة في مصر في ظل زواج باطل بين السلطة ورأس المال وغياب كامل لمعايير الشفافية والعدالة وتواطؤ غير مشروع بين سلطة المال وسلطة القرارrlm;..rlm;
والسؤال الآن هل يمكن أن تتحقق في مصر مبادرة تشبه ما حدث في أمريكا هل يمكن أن يتنازل أثرياء مصر بطيب خاطر عن نصف ثرواتهم التي جمعوها في سنوات قليلة هي بكل المقاييس تتعارض تماما مع قواعد الاقتصاد السليم وأساليب الثراء التي تحدث في كل دول العالمrlm;..rlm;
لقد تشكلت الطبقة الجديدة في مصر بدعم كامل من السلطة التي قدمت الأراضي بسعر زهيد والقروض بلا ضمانات وفتحت أبواب خزائنها لأعداد كبيرة من المغامرين وباعت مصانعها ومؤسساتها وأراضيها لمجموعة من رجال الأعمال لم يكن أحد منهم يملك شيئـا منذ سنوات قليلة والآن هم يسبحون في بحار المليارات في الداخل والخارج بينما يحيط بهم فقراء مصر الذين تبددت ثرواتهمrlm;..rlm;
هل يقبل أثرياء مصر او بعضهم تقديم جزء من ثرواتهم لمواجهة الأزمات والمشاكل التي يتعرض لها فقراء مصرrlm;..rlm; ليس من الضروري أن تكون المشاركة بالمال ولكن يمكن أن تكون بالدعم العيني سواء في إنشاء المدارس والمستشفيات والجامعات والطرق والمساكن للفقراءrlm;..rlm;
هل يستطيع الحزب الوطني حزب الأغلبية ان يطرح هذه المبادرة علي أثرياء الحزب وكلنا نعرفهمrlm;..rlm; أن أثرياء الحزب الوطني حصلوا علي مساحات رهيبة من الأراضي ودفعوا فيها قروشا قليلة وأقاموا عليها المنتجعات والقصورrlm;..rlm; وأثرياء الحزب الوطني هم الذين أشتروا المصانع المصرية وباعوها أرضا في صورة عقارات أو باعوها لشركات أجنبية وربحوا من ورائها مئات الملايين من الجنيهاتrlm;..rlm; هناك قائمة طويلة من تجار الأراضي والعقاراتrlm;..rlm;
لنا أن نتصور العائد الذي حصل عليه هؤلاء من مليون فدان تم تبويرها وتحويلها إلي مساكن وقصور ومنتجعاتrlm;..rlm; إن مليون فدان تساويrlm;420rlm; مليون متر من الأراضي وإذا كان متوسط سعر المترrlm;100rlm; جنيه فقط فنحن أمامrlm;420rlm; مليار جنيه بالتمام والكمالrlm;..rlm;
هناك أصحاب مصانع الأسمنت والحديد والأسمدة والسلع الغذائية والخدمات والمحمول التي تدر دخلا لا يصدقه أحد ويكفي أن المصريين يتحدثون في التليفون المحمول بمبلغrlm;35rlm; مليار جنيه سنويا فماذا عن إنتاج الحديد والأسمنت والكيماويات والأسمدةrlm;..rlm;
لنا أن نتصور نسبة الربح التي حصل عليها هؤلاء بين أسعار بيع الشركات لرجال الأعمال المصريين وإعادة بيعها للشركات الأجنبية التي اشترت مصانع الاسمنت والحديد والاتصالات والفنادق والقري السياحيةrlm;..rlm;
لا أحد يعرف عدد أصحاب المليارات في مصر هل هم مائة ملياردير أم أكثر من ذلك وكم لدينا من الذين يحملون لقب مليونير أنهم في بعض التقديرات يتجاوزونrlm;17rlm; ألف مليونير وماذا يساوي المليون جنيه الآن وهو لا يشتري شقة في حي متميزrlm;..rlm; ولو تبرع هؤلاء كما فعل أثرياء أمريكا بنصف ثروتهم فسوف نجد أمامنا عددا رهيبا من المليارات مرة واحدةrlm;..rlm; هذه المليارات سوف تخرج بالمجتمع المصري كله إلي مستوي آخر في الدخل والخدمات ومستوي التعليم والصحة والإسكانrlm;..rlm;
لنا أن نتصور هذه المليارات بحيث يتم توزيعها لإصلاح أحوال هذا البلد لنا أن نتصورrlm;50rlm; مليارا للخدمات الصحية وrlm;50rlm; مليار للتعليم وrlm;100rlm; مليار للطرق والمواصلات والسكة الحديد وrlm;50rlm; مليارا لتحسين أوضاع العاملين في الدولة وrlm;50rlm; مليارا لتعمير سيناء والمناطق الخالية من السكان وrlm;50rlm; مليار جنيه لمشروعات الطاقة والمياه وتحسين أساليب الزراعةrlm;..rlm;
إنrlm;100rlm; مليار جنيه تساويrlm;15rlm; مليار دولار وهذا الرقم يسكن في حسابات كثيرة لأثرياء مصريينrlm;..rlm;
يستطيع الحزب الوطني حزب الأغلبية أن يطرح هذه المباردة أمام الشعب المصري وإذا نجح فيها فسوف يفتح لنفسه قلوب المصريين من كل اتجاه بعيدا عن لجان الانتخابات وأسماء المرشحين والنتائج المزيفة والشعارات الرنانةrlm;..rlm; أن مثل هذه المبادرة يمكن أن يبدأ بها الحزب الوطني عصرا جديدا علي يد أثرياء مصر الذين جمعوا أموالهم بدعم وتأييد من الحزب الحاكم سوف ينضم إلي هذه المبادرة عشرات الالاف من رجال الأعمال من كل لون ومن كل اتجاهrlm;..rlm; سوف يجمع الحزب عشرات المليارات من المضاربين وتجار الأراضي والمقاولين وأصحاب القري السياحية وأصحاب الجامعات وأصحاب المستشفيات الخاصة والمدارس الخاصة ومصانع الأغذية والحديد والاسمنت وأصحاب الطائرات الخاصة والمنتجعات الخاصةrlm;..rlm;
لنا أن نتصور مواكب أعضاء الحزب الوطني وهم يتقدمون نحو البنوك ويودعون فيها جزءا من أموالهم في صندوق يمكن أن نسميهrlm;'rlm; صندوق الوفاءrlm;..rlm; أو صندوق العطاءrlm;'rlm; يجمع فيه الحزب الوطني حق الشعب في أموال الأثرياءrlm;..rlm;
هناك قوائم كثيرة يمكن أن نرصد فيها عددا كبيرا من أثرياء مصر وهناك أيضا فئات كثيرة يمكن أن توجه جزء من ثروتها من أجل فقراء هذا المجتمعrlm;..rlm; من يشاهد المدارس الحكومية المكدسة بعشرات الالاف من التلاميذ ومن يتابع المستشفيات الحكومية والمرضي النائمين علي الأرصفةrlm;..rlm; ومن يشاهد العشوائيات وكيف تنام أسرة كاملة في غرفة واحدةrlm;..rlm; ومن يشاهد طوابير الفقراء التي تنام في الشوارع والأزقة وفي المدافن والمقابر يدرك حجم المأساةrlm;..rlm;
لماذا لا يتبني حزب الأغلبية هذه المبادرة وهو يعلم خريطة الثروة في مصر وكيف حصل أعضاء الحزب ورموزه علي الجزء الأكبر منهاrlm;,rlm; إن خمسة أسماء أو عشرة أسماء أو عشرين أسما في قائمة رجال الأعمال في مصر الآن توفر لميزانية الدولة ما جمعته من الضرائب من فقراء هذا البلد في سنوات طويلةrlm;..rlm;
كان شيئـا مضحكـا للغاية أن يعلن وزير المالية دrlm;.rlm;يوسف غالي أن الدولة حصلت عليrlm;30rlm; مليون جنيه قيمة الضريبة العقارية من سكان مدينةrlm;6rlm; أكتوبرrlm;..rlm; رقم هزيل لا يتناسب مع الضجة التي أثارتها هذه الضريبة وحالة الإزعاج التي كانت سببا فيها لأن هذه الملايين حصل عليها عضو واحد من أعضاء مجلس الشعب في قائمة العلاج علي نفقة الدولة زورا وبهتانـاrlm;..rlm;
هل يمكن للحزب الوطني أن يطرح هذه المبادرة ونحن علي أبواب الانتخابات البرلمانية والرئاسية وهل يمكن أن تجد هذه المباردة استجابة من أصحاب البلايين وأصحاب الملايين أعرف أن أقصي ما وصل إليه سقف التبرعات بين أثرياء الحزب الوطني هي موائد الرحمن التي لا تزيد علي قطعة من اللحم وقليل من الارز في إفطار شهر رمضانrlm;..rlm; ولكن حق فقراء مصر أكبر بكثير من موائد الرحمنrlm;..rlm;
لقد حركت المبادرة الأمريكية التي قام بها أصحاب المليارات مياها كثيرة راكدة في المجتمعات الغربية فهل يمكن أن تحرك شيئـا في ضمير أثرياء مصر ؟وهل يمكن أن يتبني حزب الأغلبية مثل هذه المبادرة النبيلة؟rlm;!..rlm;
ليست مجرد أحلامrlm;..rlm; وليست تخاريف صيامrlm;..rlm; ولكنها دعوة أخلاقيةrlm;..rlm; لأثرياء مصر قبل أن يزحف الطوفانrlm;..rlm;
لسنا ضد رجال الأعمال والأثرياءrlm;..rlm; ولم نكن يوما ضد الغني والثراءrlm;..rlm; ولكننا ضد الفقر وغياب العدالةrlm;..rlm;