عضوان الأحمري

حينما يسترجع الشخص ملفات القمم العربية أو الخطابات القومية أو الثورية، سيجد أن المشترك بينها هو أنها كلها تتضمن حديثاً حول أن الأمتين العربية والإسلامية تمران بمنعطف حرج. ولو سأل أحدنا خبراء الفيزياء والجبر عن قياس هذا المنعطف، لقالوا إنه من الصعب تحديد مكانه أو حتى نقطة البداية، ولكنه بالتأكيد منعطف لن ينتهي حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
أزمة الإحباط تنبعث أساساً من لغة الخطاب أياً كانت، فمحاولة تهييج المجتمع أحياناً على أن هناك نقاط تحول يمر بها أو تثبيطه من أن هناك منعطفا تاريخيا تمر به الأمة فيجب الصبر، هي دلالة على اليأس الذي تمكن في قلوب العرب من كل شيء، حتى سبقنا الآخرون ونحن ما زلنا نستمع إلى ذات الخطاب منذ وقت طويل. فما هو المنعطف الذي تمر به الأزمة وكم هو اتساعه أو ضيقه؟ وهل يشبه منعطفات كوريا الجنوبية وألمانيا ودول أخرى مرت بتدمير كلي للبنية التحتية لديها فكانت في أقل من ثلاثين عاماً ثورة في العلم والتقنية والصناعة والتجارة؟
وبسبب الاعتماد على هذا المنعطف في إلقاء اللوم عليه، أصبحت الأزمات تتراكم عاماً بعد عام. ومع ثورة الاتصال أصبحت لغة التعبير المحبطة اليائسة منتشرة بين الجيل الشاب، بسبب سماعهم المتكرر للمنعطف التاريخي للأمة، والذين يعرفون أنه بدأ منذ عشرات السنين ولكن لا يعرفون نهايته. أحياناً تكون الحلول واضحة، ولكن سيادة المستشارين العرب يزينون ما يمكن أن يكون مشوهاً بالكامل، حتى يرضى من سيتحدث نيابة عنهم وعن الشعب. وفي أحيان أخرى، يعلمون أنه لا منعطف حقيقي يمكن القول به في أي حديث أو لقاء أو خطاب ثوري أو عاطفي.
هناك في محرك البحث Google أكثر من 895.000 نتيجة بحث عن المنعطفات التاريخية في تاريخ الأمتين العربية والإسلامية، وأصبح إضراب الأطباء مثلاً منعطفاً تاريخياً في المملكة المغربية، لكن بعد عودتهم للعمل يستمر المنعطف التاريخي في خطر، ولكنه ينتقل لتمر به دولة أخرى ويتسع لأزمتها حتى وصل إلى فرنسا حين قال الرئيس نيكولا ساركوزي في ديسمبر 2007 إن العالم مدينون لرئيسي الوزراء الفلسطيني والإسرائيلي عباس وأولمرت، لأنهما سينقلان العالم إلى منعطف تاريخي. أكاد أجزم أن ساركوزي لم يقصد المنعطف التاريخي هنا مثلاً، ولكن المترجم أصيب بثقافة إحباط الخطاب العربي، وجعل مقابلة الرجلين مع ساركوزي ضمن مسيرة المنعطف التاريخي العربي الإسلامي الخطير.