كيف نرد على هذا القس؟!
هاشم عبده هاشم
الرياض السعودية
لو فعلها laquo;القس الأمريكي تيري جونزraquo; وقام يوم غد - كما هدد وتوعَّد - باحراق القرآن الكريم بمناسبة حلول أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١م الكريهة.. فإنه يكتب بداية خطيرة في التعامل بين المسلمين وغيرهم من laquo;المتصلبينraquo; ذهنياً.. والمتشددين عقائدياً.. وlaquo;المهزوزينraquo; نفسياً.. والموتورين laquo;ثقافياًraquo;..
فقد جسَّد laquo;القس الأمريكيraquo; نمطاً من العقليات المريضة التي ترفض مبدأ التعايش بين الأديان والثقافات المختلفة.. بدلاً من تكريم ثافة الحقد والكراهية.. وتضخيم الأخطاء التي قام بها laquo;معتوهونraquo; وlaquo;حاقدونraquo; على الدين الإسلامي قبل أن يكونوا حاقدين على الإنسانية.. وكارهين لكل صور التفاهم والتلاقي بين حضارات الشعوب..
ومع كل التقدير لردود الفعل الأمريكية الرسمية المحدودة والخجولة.. وكذلك لردود الفعل التي صدرت عن laquo;الفاتيكانraquo;.. أو بعض الكنائس الكبرى في العالم.. فإن الأمر كان يتطلب اتخاذ إجراءات وقائية كافية لمنع حدوث هذا العمل المزلزل لمشاعر الأمة الإسلامية.. ولكل المتدينين في العالم، لأنه يمس عقيدة سماوية خالدة في الصميم ولا يرد على عمل laquo;همجيraquo; أنكرناه في وقته.. وعانينا من تبعاته كثيراً.. وحاربناه في كل مكان ذهب إليه، وما زلنا نقف بمواجهته بالتعاون مع سائر دول وشعوب العالم المحبة للسلام والوئام بين بني الإنسان..
ذلك أن إقدام هذا القس أو غيره بفعل هذا التحريض المشين بالإقدام على هذا العمل الخطير.. هو دلالة جديدة على أن الإنسانية في خطر شديد.. وأن هذه العقليات المريضة بتطرفها أنى وجدت في هذا العالم بحاجة إلى موقف حازم وصارم وحاسم منها.. لأنها ستقود العالم إلى الدمار وتنهي كل الجهود الإنسانية الحكيمة التي تنادي بالتعايش بين الجميع، وفي مقدمتها دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى ذلك..
وما أتمناه من المسلمين في كل مكان من هذا العالم هو عدم الاستجابة لهذا الاستفزاز لمشاعرهم حتى وإن حدث المكروه.. وحتى وإن وقعت هذه الجريمة غدا.. فالقرآن الكريم كتاب مقدس ومن يناله بسوء سوف يلقى إن شاء الله عقوبته عند رب العباد إن عاجلاً وإن آجلاً.. فهو الحافظ له من كل عبث أو تعد، وسوف يرينا الله سبحانه وتعالى فيهم ما يقابل سوء عملهم.. وفي نفس الوقت فإن علينا أن نواصل جهودنا الخيِّرة كمسلمين لاشاعة روح المحبة والتقارب مع كل شعوب الأرض تعبيراً عن جوهر العقيدة الإسلامية السمحة..
أمنية من كل القلب.. أعبر عنها في يوم العيد الإسلامي الأكبر الذي تظللنا بركته.. وتؤاخي بيننا وبين سائر الشعوب في هذا العالم وتؤكد في نفس الوقت أن الإسلام أعظم من أن تطاله تصرفات laquo;قسraquo; أخزاه الله.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
دلالات إحراق المصحف الشريف في الولايات المتحدة
عبد الله الأشعل
الأقتصادية السعودية
أعلنت إحدى المجموعات المتطرفة في مدينة جينزفيل في الولايات المتحدة أنها ستقوم بإحراق المصحف الشريف يوم الأحد 12 أيلول (سبتمبر) للرد على ذكرى الهجمات في نيويورك يوم 11 أيلول (سبتمبر). أثار الحدث استياء واسعاً في العالم كله، وحسب البعض فإن ذلك جزء من حملة ضد المسلمين الأمريكيين، فلما اتسعت مظاهر الاضطهاد للمسلمين في أوروبا ظن البعض أنها حملة واسعة في الغرب ضد الجاليات الإسلامية، وترجمة خاطئة من جانب المتطرفين أن المسلمين هم الذين استهدفوا المجتمع الأمريكي بافتراض خاطئ بأنها حرب دينية بين المسلمين المهاجمين والمسيحيين الضحايا. وتساءل البعض الآخر حول دلالات هذا الحادث واتساع ردود الأفعال عليه رغم أنها حملة محلية في أحد الأحياء، ولكن من الواضح أن الإعلان عن هذا النوع العنصري الغريب من الانتقام من المسلمين في أعز ما يملكون وهو قرآنهم حملة مرتبة ساعد الإعلام والمنظمون على الترويج لها وتوسيع دائرة العلم بها، ولكن التساؤل هو: لماذا ظهر التفسير الديني لأحداث 11 أيلول (سبتمبر) اليوم بعد مضي تسع سنوات؟ وكان التفسير الغلاب هو أن الحادث قد يكون قد شارك فيه بعض المارقين المسلمين ضمن مؤامرة على الإسلام والمسلمين، واستغل الحادث أو رتب بدقة لكي يحدث الآثار المدمرة في الإسلام حضارة وعقيدة وتاريخا للمسلمين في أوطانهم. ولعل ظهور هذا التهديد ضمن مؤشرات على تزايد الاتجاه اليميني في الغرب عموماً ضد المهاجرين والغرباء في وقت كان يرجى أن تفتر ذكرى الحادث بمضي المدة، وفي ضوء الاتجاه الرسمي الأمريكي إلى التصالح مع الإسلام والمسلمين، إنما يهدف إلى تضخيم اتهام أوباما بأنه مسلم يخفي إسلامه، وبأنه يتقرب من المسلمين، وذلك حتى يقوضوا فرصته في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر). الرسالة إذن واضحة وهى إرهاب أوباما ليكف عن مهادنة العالم الإسلامي رغم أن شعبية أوباما الإسلامية قد تراجعت، بل اقترن الهجوم على ديانة أوباما الهجوم على ما أسموه عنصريته وانحيازه للسود ضد البيض. فهل هذه حملة لاستهداف أوباما، لعلنا نذكر أن التهجم على الإسلام استهدف نبي الإسلام والقرآن، وهما مصدرا الشريعة، ثم ربطت الأوساط الصهيونية بين الإرهاب والإسلام نبياً وقرآناً، ونوعت صور التعبير عن ذلك منذ عام 2001 استناداً إلى الشعور بالاعتذار عند المسلمين، وكأنهم هم المسؤولون وتحميلهم عقدة الذنب، وخفوت رد فعلهم.
صحيح أن أصواتاً عاقلة كانت دائماً تسمع ضد أنباء إحراق المصحف، وإلقائه في دورات المياه، خاصة في معسكرات الجيش الأمريكي في العراق، حيث أحرقت المساجد والمصلين، وفي أفغانستان حيث ارتكبت المجازر بدماء باردة ضد المسلمين، وضد الفلسطينيين، خاصة المصلين في صلاة الفجر في المسجد الإبراهيمي، ولكن الرسالة هذه المرة تبرر اضطهاد المسلمين جميعاً، وفي الولايات المتحدة خصوصاً. واللافت أن ذكرى أيلول (سبتمبر) تصادف عيد الفطر هذا العام، ما يفاقم من الشعور الإسلامي بالضرر النفسي، وكأنها هدية التطرف للمسلمين. ورغم كل شيء، فإن اعتداءات أيلول (سبتمبر) تظل جريمة ضد الشعب الأمريكي، ولكن هذا الحادث الذي أريد به الإضرار بكل المسلمين وإسباغ مسحة دينية عليه هو مؤامرة سياسية على الأمريكيين والمسلمين على السواء، ولذلك وجب التعاون بين الجانبين والإصرار على التحقيق المشترك في هذه الجريمة النكراء.