ظافر محمد العجمي
فقدان اليقين بخلو إسرائيل من الأسلحة النووية، كان وما زال رعباً ينتهك بوحشية خطط كل عسكري عربي عاقل، وتتلاشى معه كل إمكانية لهزيمة الصهاينة بدرجة تقودهم إلى طاولة المفاوضات دون غطرسة مفاوضات الكيلو 101 في حرب 1973. لكن بعد فشل استمر 15 عاما، نجحت الدول العربية وجمهورية إيران الإسلامية بموافقة 49 دولة ورفض 45 دولة أخرى مقابل امتناع 16 دولة عن التصويت، في إصدار قرار غير ملزم حظي بأغلبية بسيطة في الجمعية العمومية للوكالة، يحث إسرائيل على الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي.
نصر الدول العربية الـ18 في مؤتمر الوكالة في دورته الـrlm;53rlm; بتاريخ rlm;18rlm; سبتمبر rlm;2009 سيجعلها -كما يقول مراقبون عدة- تستثمره في مشروع قرار مماثل خلال اجتماع المجلس المؤلف من 151 دولة، والذي سيبدأ 20 سبتمبر 2010. القرار يعني إخضاع منشآت إسرائيل النووية للمفتشين، وتقصي الأمين العام عن قدرات إسرائيل، وتقديم تقرير بذلك إلى مؤتمر مجلس محافظي الوكالة، وهذا ما أثار قلوب الصهاينة. وكحليف استراتيجي هبّت الولايات المتحدة لحماية منشآت ديمونة بذرائع شتى، منها أن إسرائيل دولة ديمقراطية، يحول تسلسل اتخاذ القرار فيها دون القيام بأعمال غير عقلانية، كما أن القرار قد تبنته الدول العربية التي تنكر أصلا حق إسرائيل في الوجود، أما الجديد من أعذار واشنطن فهو كما قال سفير الولايات المتحدة لدى الوكالة، أن مشروع القرار سيكون له تأثير على استئناف محادثات السلام التي ترعاها بلاده بين إسرائيل والفلسطينيين، بل ذهبت الولايات المتحدة أبعد من ذلك بزجّ مصر في خط مواجهتها مع العرب، حيث ذكر السفير أن القرار يهدد مؤتمرا اقترحته مصر يعقد في 2012 لمناقشة إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، حيث إن إسرائيل سوف تتردد في حضور المؤتمر المصري إذا تمت إدانتها وعوملت ككيان منبوذ! فهل علينا أن نقبل من واشنطن بالمجاملة الدبلوماسية في مثل هذا الأمر؟
ولا شك أن وضع جهود السلام لقضية الشرق الأوسط في كفة موازية لانضمام إسرائيل لتشريعات معاهدة حظر الانتشار النووي، إجراء أميركي يتصف بقدر من الحنكة السياسية وينهل من مخزون من اللؤم السياسي يكفي لخلق كيسنجر جديد. لكن ما يشغل المراقب الخليجي هو بيع الولايات المتحدة لقضية أمن الخليج العربي بثمن بخس، هو جهود السلام المتعثرة منذ عقود في الشرق الأوسط، ونصفها بالبخس ونحن نراقب المناورات السياسية الإسرائيلية في مفاوضاتهم المباشرة مع الفلسطينيين، كما يراقبها المواطن العربي البسيط ويدرك أن لا سلام في الأفق مع الأحزاب الصهيونية الحالية التي ذهب بها هذيان العظمة لتحدي العالم.
إن التعنت الإسرائيلي ودوران المتوالية التبريرية الأميركية هو الذريعة التي ينتظرها رجال طهران للمضي قدما في مناكفة قرارات وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكي يتسنى لهم إنتاج السلاح النووي الذي لا يمثل طموحا دفاعيا فحسب، بل هو العمود الفقري لمشروعهم الحضاري، وعندها ستكون دول مجلس التعاون هي الضحية.
إن السلام في الشرق الأوسط هو أهم مطالب دول مجلس التعاون كما كان دوماً، وفي الوقت نفسه تتمنى دول المجلس وجود شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل، لكنّ جعْل أمن الخليج نظير استقرار الشرق الأوسط كما يروجه الصهاينة، أمر يجعل إسرائيل الفائز الوحيد، حيث تحاول إقناعنا بالاستثمار في وهم نجاح مفاوضاتها مع الفلسطينيين لكي تفلت من الرقابة الدولية، حتى ولو شرعت الباب لإيران للمضي قدما في صنع سلاحها النووي. والفرق شاسع بين الشراكة الاستراتيجية والمجاملة الدبلوماسية، فهل نحن قادرون على العمل على كل أنواع الفرضيات؟
التعليقات