روزانا بومنصف

لا تكتم مصادر في قوى 8 اذار انزعاجها من الاجتماعات التي عقدت في نيويورك في الايام القليلة الاخيرة انطلاقا من ان اي دخول اميركي مباشر على الخط هو مصدر قلق بالنسبة الى هذه القوى لاعتبارها اياه محاولة لـquot;تصويبquot; ميزان القوى السياسي في لبنان في وقت ترى ان الارجحية هي لها من حيث ادارة الدفة وصيغ التسوية التي يسعى اليها quot;حزب اللهquot;. وتذكر هذه المصادر بدخول اميركي مماثل على خط الازمة اللبنانية بعد زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لبنان اعادت بعض الروح وفق قول هذه المصادر الى قوى 14 اذار فيما كانت الكفة تميل لمصلحة هذه القوى وتنبىء بقرب تسجيلها مكاسب سياسية مهمة وفق ما تقول. فالاجتماع بين رئيس الوزراء سعد الحريري ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون يكتسب اهمية في الشكل والمضمون من حيث الرسالة التي يشكلها والتي تدور حول محورين الاول تأكيد استمرار الولايات المتحدة دعمها لسيادة لبنان واستقلاله والثاني هو دعمها للمحكمة الخاصة بلبنان بازاء ما يحكى عن تسوية تهدف الى التنازل عنها وفق تسريبات القريبين من quot;حزب اللهquot;.
اضف ان هذه الاجتماعات لم تقتصر على سعد الحريري بل شملت ايضا العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ونجله الذي يتولى ملف التفاوض مع سوريا في الوضع اللبناني وكذلك امير قطر في وقت يستعد الرئيس الاميركي باراك اوباما لاستقبال نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي بما قد يستعيد الى حد كبير بالنسبة الى هذه المصادر التنسيق الاميركي الفرنسي الذي ادى الى صدور القرار 1559 كما ان من شأنه ان يضبط تحركات الفرنسيين نسبيا التي تعتبر اكثر تساهلا في التعاطي مع دمشق وما يتصل بها. وقد صدر رسميا عن الطرفين الاميركي والفرنسي ان لبنان هو احد المواضيع على جدول اعمال البحث بين الرئيسين مما يعطي لنتائج هذه القمة اهمية مضاعفة ويثير مخاوف اضافية بالنسبة الى هذه المصادر ان القوى المؤثرة ستكون مواقفها منسقة بالنسبة الى سبل معالجة تداعيات القرار الاتهامي في المرحلة المقبلة وهي تستعد لمواكبة صدوره باقفال الابواب على اي زعزعة للاستقرار وتجنيد كل من له تأثير او مونة في الشأن اللبناني من اجل المساهمة في هذا المسعى. اضف الى ذلك ان ما تعتبره هذه القوى تسوية اقليمية بين سوريا والسعودية بصرف النظر عن وجودها في اي صيغة كانت، خرجت عن الاطار الاقليمي الى الاطار الدولي فيكسبها ذلك اما شرعية اضافية او عرقلة اضافية اقله للصيغة التي تستمر قوى 8 اذار في الاشارة اليها.
وعلى رغم تبلغ هذه القوى ومعها سوريا على نحو مباشر او عبر اطراف ثالثين في الشهرين الاخيرين من تركيا الى قطر وصولا الى روسيا وفرنسا انه لا يمكن تجاوز موضوع المحكمة في اي تفاهم موضوع صدور القرار الاتهامي، وهو ما عبر عنه الامين العام لـquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير علما ان تصريحات مسؤولين في الحزب او لحلفائه كانت تتجاوز ما قاله السيد نصرالله، فان هذه المصادر تعتبر ان الدخول الاميركي مثيرجدا للقلق لاسباب عدة بينها توقيت ارسال سفير اميركي الى دمشق والذي كانت ترغب الاخيرة في حصوله في اطار اعادة تطبيع علاقتها مع واشنطن. وقد ادرجت العاصمة الاميركية هذا التعيين الذي حصل بمرسوم في اطار التاثير على سوريا في شكل افضل وايصال المواقف الاميركية بوضوح بما يتناسب مع مرحلة صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الخاصة بلبنان.
وتقول مصادر مطلعة على موقف الاميركيين ان واشنطن تدعم استقلال لبنان وسيادته الامر الذي يعني انها تحترم هذين الاستقلال والسيادة على انها لا تخوض حروبا او معارك بالنيابة عن اللبنانيين وهي ايضا لن تظهر تورطا في لبنان. الا انها لن تسمح في الوقت نفسه ان يوضع اللبنانيون امام خيارين: عودة النفوذ السوري الى لبنان كما كان في السابق في سياق لم تظهر فيه سوريا اي خجل او مراعاة في سعيها علنا وصراحة لان تستعيد نفوذها السياسي والامني في مقابل ضبط quot;حزب اللهquot; او الخضوع لنفوذ ايران عبر سيطرة quot;حزب اللهquot; على السلطة وممارسته سياسة التأثير والتعطيل لمؤسسات الدولة. وتنقل هذه المصادر المطلعة على موقف واشنطن ان السياسة الاميركية ازاء لبنان قد تغيرت عما كانت عليه في السابق وان لا عودة عن السياسة الجديدة في اشارة الى عدم استعداد للموافقة على مقايضة سيادة لبنان واستقلاله بالاستقرار الذي تقول سوريا انها مستعدة لضمانه بما لها من تأثير على حلفائها وقدرة على ضبط حركتهم التي لا تنفصل عن سياق السياسة السورية وطموحاتها في لبنان.
روزانا بومنصف