حليمة مظفر

الموقع: أحد المولات الكبرى يقف على أبوابه حراس أمن لمنع دخول الشباب والرجال دون عائلات، لكنهم يسمحون لمن يلتزمون المظهر المتدين ثقة بهم! (أتساءل: أليسوا رجالاً)؟!
الزمان: بعد صلاة العشاء، المحل: لبيع الملابس الداخلية النسائية.
الحدث: المحلُ مزدحم بالنساء؛ ويتنقل بينهن الباعة الوافدون لتقديم خدماتهم للمتسوقات في ظل عدم توظيف بائعات؛ وامتلاء المحل جعل أزواج بعضهن يضطر ذوقيا إلى الوقوف خارجه، وسط ذلك؛ تتفاجأ برجل ملتح وبمظهر متدين يشق طريقه داخلا بينهن دون تحفظ؛ ليعطي انطباعا وهو يوزع نظراته يمنة ويسارا بثقة على البضائع المعلقة؛ وكأنه مراقب أو منتسب لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ويزيد الشعور بهذا الانطباع طريقة تعامله مع الباعة الذين خافوا أول ما رأوه؛ ولم يجرؤ أحد إلا على قول quot;تحت أمركquot;؛ لكني لاحظتُ أنه يحملّ كيسا في يده يُظهره متسوقا؛ ولا يعلق أي بطاقة تعريفية تفيد انتسابه موظفا أو متعاونا لجهاز الهيئة، وهو ما يُفترض أن يُلزم به المنتسبون لهذا الجاهز؛ منعا لمن يستغلون مظهرهم للتشبه بهم ويحصلون على امتيازاتهم في تعامل الناس معهم، فيما هم مجرد متطفلين.
في الحقيقة شعرتُ بالغضب من هكذا رجل يتوسط محلا نسائيا مزدحما، ولو كان فارغا لما شعرت بذلك؛ فمظهره المتدين يفرض على أمثاله التزام سلوك الحياء بعدم محاشرة النساء في هكذا محل؟! أو لماذا لم يصطحب زوجته على الأقل!؟ وإن كان ممن يمنع زوجته السوق فلماذا لم يختر أوقاتا مناسبة لتسوقه؟! وهل يرضى وفق ما يبدو على هيئته لآخر يتوسط النساء وحيدا وزوجته ضمن المتسوقات؟! حتما مثل هذا السلوك يسيء للمتدينين الصادقين قلبا وقالبا؛ فهناك من يستغل هكذا مظهر بنفس مريضة لكسب ثقة الناس؛ ولأني لم أتمالك نفسي من مظهره وهو يتفحص البضائع النسائية المعلقة بين النساء؛ سألت البائع لأتأكد من هويته: هو من المنتسبين للهيئة؟ أجابني بهمس: والله لا أعلم؛ فقلتُ له: كيف تسمحون له بمحاشرة النساء هكذا؟! فأشار لي بخوف لأسكت ولا يسمعني: ممكن يتبلّى علينا يا أختي فهو من سيصدقونه لا نحن!؟ فرفعتُ صوتي قليلا لأشعره بالحياء وخطأ سلوكه: ماذا يفعل هذا وسط النساء في محل ملابس داخلية؟! سؤالي جعله يلتفت مباشرة بطريقة فاجأته وأربكته؛ وكما يقولون quot;اللي على راسه بطحة يحسس عليهاquot;، وحاول التمسك بما بقي لديه؛ فيما كنتُ أحاسب البائع وهو يهرب من الموقف بعينيه؛ واقترب منّي؛ وسأل: سمعتك تقولين كذا وكذا .. أنتِ تقصديني؟! فأجبتُه quot;بتشوف رجال غيرك يحاشر النساء ويزاحمهم دون حياء في المحل؟!quot; فأربكه كلامي، لأثق أنه مجرد متسوق يستغل مظهره؛ فقال quot;أنتِ التي اتقي الله تتسوقين دون محرم معك وما تخافين الله كاشفة وجهكquot; فقلتُ له بسخرية وقد بلغت هدفي في تأديبه؛ وأنا على وشك الخروج quot;أنا في محل نسائي؛ لكنك أنت من يفترض أن يصحب معه (محرمة/ زوجة) لتدخل بك هذا المحل؛ أنت من يفترض أن يستحي من مظهره وهو يحاشر النساء دون حياء!! quot;فأدار وجهه بما بقي فيه من ماء؛ وعاود يتفحص الملابس المعلقة مستغلا خوف العاملين في المحل. لم أنته؛ وللحديث بقية.