السيد محمد علي الحسيني

الجدل القائم حول الملف النووي الايراني ومختلف المناورات والضغوطات السياسية المتبعة بهذا الشأن ضد النظام الايراني, مازال يجري بسياق يدل على أن هذا الملف يعني الغرب خصوصا وبعض البلدان الاخرى المحددة (مثل الصين وروسيا), وفي الوقت الذي نجد ان المعيار والضوابط التي قد حددت بموجبها أهمية الملف النووي الايراني لهذه الدول يتلخص في المصالح الحيوية لها في منطقة الشرق الاوسط, وان نظرة دقيقة وفاحصة الى معيار المصالح الحيوية المرتبطة بالملف النووي الايراني وتداعياتها واحتمالاته المستقبلية, نجد ان دول raquo;مجلس التعاونlaquo; الخليجي برمتها معنيmacr;ة بشكل او بآخر بهذا الملف, وكل متعلقاته, خصوصا وانه ليس يهدد فقط مصالحها الحيوية, وانما يمثل أيضا تهديدا جديا قائما لأمنها القومي. ومن هنا, فإننا نرى ضرورة وأهمية إشراك دول raquo;مجلس التعاونlaquo; الخليجي بهذه المفاوضات وجعلها طرفا تعنيه أكثر من غيرها كل الاحتمالات والسيناريوهات الواردة بشأن الملف النووي الايراني, وان مجرد تهديد النظام الايراني بضرب المصالح الدولية في منطقة الخليج العربي كاف وحده لمنح المبرر الكافي والمطلوب بهذا الاتجاه.
ان نظام ولاية الفقيه قد دأب ومنذ بداية تأسيسه على إتباع سياسة تقوم على إلحاق الاضرار بدول المنطقة عموما ودول raquo;مجلس التعاونlaquo; الخليجي خصوصا وسعى ويسعى الى جعل هذه الدول جسرا او وسيلة لبلوغ غاياته المتباينة, ولعل كشف الكثير من المخططات المشبوهة ضد غالبية دول raquo;التعاونlaquo; الخليجي والمساعي المحمومة التي بذلها النظام الايراني من أجل زعزعة أمن واستقرار هذه الدول, وجعلها ورقة او وسيلة للضغط في المفاوضات الجارية مع الغرب, قد أثبت بجلاء أن واحدة من الركائز الاساسية التي بنى عليها النظام الايراني مستقبل ملفه النووي هي تهديد المصالح الحيوية والأمن القومي لدول raquo;مجلس التعاونlaquo; الخليجي ومن هذا المنطلق, فمن الاجحاف والظلم إهمال طرف أساسي في الاحتمالات المستقبلية السلبية الواردة بحقه من المشاركة في كل مجريات المفاوضات مع النظام الايراني, بهذا الصدد, ويقينا ليس يكفي جعل دول raquo;مجلس التعاونlaquo; مجرد عضو مراقب في الاجتماعات التي تجريها اللجنة السداسية مع النظام الايراني, والذي يمثله حاليا مملكة البحرين, ذلك ان التهديد القائم الذي ذكرناه للمصالح والامن القومي من جانب نظام ولاية الفقيه لدول المجلس يحتم على المجتمع الدولي جعل مشاركة دول المجلس مسألة بالغة الجدية والاهمية وليس مجرد أمر هامشي كما هو متبع حاليا.
هناك أيضا ثمة نقطة مهمة أخرى تتعلق بأهمية مشاركة دول مجلس التعاون من حيث الفائدة التي ستقدمها هذه المشاركة مستقبليا لمختلف الاطراف (بما فيها النظام الايراني نفسه), إذ أن دول raquo;مجلس التعاونlaquo; كما هو معروف على مختلف الاصعدة العربية والاقليمية والدولية, تتبع سياسة مرنة بالغة الاعتدال وتجنح في غالبية الاحيان الى التهدئة وضبط الاعصاب وانتهاج كل السبل والطرق السلمية المختلفة من أجل نزع فتيل الازمة, وان دول مجلس التعاون الخليجي (خصوصا مملكة البحرين), بإمكانها أن تؤدي دورا حيويا ومحوريا في تقريب وجهات النظر ومنح المبادرات او الاقتراحات روحا من المرونة بالصورة التي تتمكن من ترجمة الرؤى المشتركة quot;الاهمquot; للدول المعنية على أرض الواقع, وليس إبقاؤها في حلقة مفرغة او كجدل بيزنطي عقيم لا فائدة ترجى منه سوى هدر الوقت.