سمير عطا الله


ربط غاندي كل شيء في الجسد بالغذاء. أو بالأحرى بالصيام. ويقول إنه كان يسعده عندما يتزامن رمضان مع شهر الصوم عند الهندوس. وتصدر الآن كتب شديدة الرواج في أميركا حول العلاج بالماء. ليس بالماء وحده بل بتناول الفاكهة الغنية بالمياه، كما ذكرت laquo;وجهات نظرraquo;. لكن غاندي تحدث عن ذلك وعمل به منذ أوائل القرن الماضي. وقال إنه شعر بنفسه متعافيا عندما اعتاد العيش على نظام غذائي قائم على الفاكهة وحدها. وذكر أنه ولوسي زوجته يعالج المعتلة بمنعها عن تناول الحبوب والملح. وأما هو فقد تخلى أيضا عن الحليب ومشتقاته، بداعي أن جسم الإنسان لا يحتاج إلى ذلك. وكان يؤمن بأن الإنسان قادر على الاستغناء عن 99% من الأدوية التي يتناولها، وأنها هي التي تقصر الأعمار.

دعينا إلى تدشين المقر الجديد لرابطة laquo;أصدقاء كمال جنبلاطraquo;. وفي مكتبته تدرك إلى أي مدى كان الزعيم الدرزي متأثرا بالفكر الهندي وطريقة الحياة الهندية. وظل طوال حياته يمضي نحو شهرين من السنة متجولا في الهند مصغيا إلى laquo;معلميهاraquo;. وعندما يعود، ينتهج في حياته أسلوب المعيشة الذي تدرب عليه هناك. حافظ جنبلاط على نحوله وعلى نشاط واضح. وكان يأوي إلى النوم باكرا ويستيقظ في الرابعة صباحا، فيمضي نهاره وزيرا أو نائبا أو زعيما سياسيا، في شؤون الدولة والناس، لكنه يصرف الجزء الأكبر في القراءة والكتابة. وقد ترك مؤلفات منوعة من الفكر والفلسفة والموسيقى وآداب المائدة إلى السياسة والنضال.

وكان السياسيون (والعاديون) عندما يسافرون إلى الخارج يتجهون غربا أو شرقا، لدواع ثقافية أو سواها، وكان جنبلاط الوحيد الذي يذهب إلى الهند مختارا، ولا يذهب إلى سواها إلا مدعوا أو ملتزما.

لكن هذا لا يمنع أنه تأثر بالفكر الفرنسي الذي استهواه، كما استهوته اللغة الفرنسية التي كتب بها الشعر والسياسة. وأكثر من أثر فيه كان المفكر هنري مارتان، الذي طرح في الثلاثينات فكرة النظرية الثالثة، كبديل عن الاشتراكية والرأسمالية. وكان في مشاريع جنبلاط الفكرية، تطوير نظرية مارتان والعمل على السعي نحو بدائل تتلاءم مع متغيرات الإنسانية الكبرى، التي تجاوزت بداهات الإنسان الماضي.