واشنطن
تأكيد أميركي على المضي قدماً في محاكمة قتلة الحريري، وأصداء الثورة التونسية، ودعوة لمواجهة أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والفقر يتنامى في الولايات المتحدة...موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية.
محكمة الحريري
في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي، وتحت عنوان quot;كيف يمكن لتحقيق العدالة والقصاص من قتلة الحريري أن يساعد الشرق الأوسط؟quot;، توصلت quot;واشنطن بوستquot; إلى أن المحكمة المختصة بلبنان مثلها مثل أي محكمة دولية أخرى، أداة بطيئة وضعيفة لتحقيق العدالة. لكن ربما تكون الورقة الأقوى التي من خلالها تضغط الولايات المتحدة وحلفاؤها على خصومها في الشرق الأوسط، أي على سوريا وحلفائها...وحسب الصحيفة سلم المدعي العام لائحة اتهام ضد المشتبه بهم في قضية اغتيال الحريري التي وقعت في فبراير 2005. ويُعتقد إن مسؤولين كبار في quot;حزب اللهquot; متهمون بارتكاب تلك الجريمة. حزب الله انسحب من الحكومة اللبنانية الأسبوع الماضي ما أدى إلى انهيار حكومة سعد الحريري، ولدى الحزب قدرة عسكرية تمكنه من السيطرة على بيروت في أي لحظة. وإذا لم يكن باستطاعة الحزب وقف المحكمة، فإنه سيعاني من انتكاسة سياسية كبيرة. الرئيس الأميركي كان قد التقى مع سعد الحريري الأسبوع الماضي، ووزيرة الخارجية الأميركية حثت لبنان على ألا يختار بين الاستقرار والعدالة. لكن لا سعد الحريري ولا الولايات المتحدة لديها القدرة على نزع سلاح quot;حزب اللهquot; وإنهاء ما يشكله من تهديد للبنان ولإسرائيل والشرق الأوسط الكبير. وبالتركيز على تسيير أعمال المحكمة يصبح لدى الولايات المتحدة وحلفائها الفرصة لفضح ممارسات quot;حزب اللهquot; الموجهة ضد العرب والمسلمين وضد استقلال لبنان عن سوريا، وهذه نتيجة تستحق أن تتم المغامرة من أجلها.
نقطة تحول
تحت عنوانquot;تونس كنقطة تحولquot;، سلطت quot;لوس أنجلوس تايمزquot; افتتاحيتها الأربعاء الماضي، قائلة :quot;لندعم الديمقراطية في تونس فربما بوش الابن كان على حق عندما دعا للديمقراطية في المنطقة العربية. الصحيفة تساءلت: هل العالم العربي مستعد للديمقراطية؟ وهل ما جرى في تونس من إزاحة لديكتاتور والنضال من أجل حكومة تمثيلية، أصبح مثار تساؤل في كثير من العواصم حول العالم. الرئيس بوش الابن طرح quot;أجندة الحريةquot; في خطاب ألقاه عام 2003 على هامش الذكرى العشرين لتدشين quot;الوقف القومي للديمقراطيةquot;. بوش قال في خطابه المذكور إن quot;ستين عاماً من احتواء الدول الغربية لنقص الديمقراطية في الشرق الأوسط لم تجعل الأميركيين في أمان، لأن الاستقرار على المدى الطويل لا يأتي على حساب الحريات. الشرق الأوسط ظل لفترة طويلة منطقة لا تزدهر فيها الديمقراطية، بل مكان للاستياء والعنف يمكن تصديرهما إلى خارج المنطقةquot;. الصحيفة لفتت الانتباه إلى أن تونس التي كان لديها نظام قمعي وفاسد تسامحت معه الولايات المتحدة طول العقود الماضية، على نمط quot;المساومة مع الشيطانquot;. وحسب الصحيفة، فإن quot;ثورة الياسمينquot; لم يقودها رجال الدين، بل الشباب المتعلم العاطل عن العمل، علما أن النظام التونسي المنهار كان لديه موقف تقدمي تجاه المرأة. لكن استمرت المواجهات بين الشرطة التونسية والمتظاهرين، فإن الثورة قد تتلاشى، كما أن جناح quot;القاعدةquot; في شمال أفريقيا، عبر عن دعمه لتغيير النظام، وحث التونسيين على إرسال أطفالهم إلى معسكرات تدريب التنظيم. ويبدو أنه من غير المحتمل أن يتمكن هذا البلد الذي يعاني البطالة من توفير فرص العمل في القريب العاجل، بل ستتزايد المخاوف من تنامي الحركات المسلحة، وفي هذا الحالة ثمة خطر يتمثل في احتمال ظهور رجل قوي جديد في البلاد يقدم الأمن على حساب الحرية. وتنوه الصحيفة إلى أن بمقدور الرئيس الأميركي توفير الضمانات لتسيير انتخابات حرة وعادلة على أن تبرم الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية وتجارية قوية مع الحكومة التونسية التي سيتم انتخابها خلال الفترة المقبلة.
أزمة الغذاء
وتحت عنوان quot;ارتفاع أسعار الغذاء على الصعيد العالمي: أكثر من مجرد مناخ سيئquot;، رأت quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; أن المؤشر العالمي لأسعار المواد الغذائية وصل الشهر الماضي-حسب بيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة- إلى معدلات قياسية، أي تفوق المستوى الذي كانت عليه إبان أزمة أسعار الغذاء الأخيرة عامي 2007-2008، فهذه الأخيرة تسببت في اندلاع اضطرابات طالت أكثر من 30 بلداً. لكن من الصعب تحميل المناخ وحده المسؤولية عن ذلك، كما أن المناخ ليس أيضاً هو محور الحل الوحيد لهذه المشكلة. وتقول الصحيفة إن المأساة الإنسانية المترتبة على عدم توفر الغذاء بأسعار مقبولة، لن تنتشر بسرعة، ذلك لأن أسعار الأرز الذي يقتات عليه أكثر من 3 مليار نسمة في العالم لا تزال مستقرة نسبيا، كما أن حصاد الإنتاج الزراعي في آسيا وأفريقيا يلبي الاحتياجات الغذائية لشعوب القارتين. لكن الصحيفة تلفت الانتباه إلى زيادة أسعار الذرة والسكر والزيت النباتي واللحوم، ما أسفر عن تظاهرات في بعض البلدان، كالجزائر، كما أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية لعب خلال الأيام الأخيرة دوراً في الإطاحة بالحكومة التونسية. ولفتت الصحيفة الانتباه إلى اقتراح طرحه السيناتور quot;ريتشارد لوجارquot; يتعلق بالأمن الغذائي من خلال الاعتماد على الزراعات المعدلة وراثياً، لكن الأفارقة يرفضون بشدة هذا النوع من المحاصيل الذي يقاوم الجفاف والآفات. quot;لوجارquot; قدم تجربة عائلته في الزراعة كنموذج للآخرين، حيث ازداد إنتاجهم من المحاصيل الناتجة عن بذور معدلة وراثياً بمقدار أربعة أضعاف مقارنة بالمحاصيل التي يتم إنتاجها من بذور تقليدية. ومن المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 9 مليارات نسمة خلال الأربعين عاما المقبلة، وكثير من القوى تؤثر على إمكانية إطعام هذا العدد، منها التغير المناخي وتنويع المحاصيل الزراعية كي يتم إنتاج الوقود الحيوي، ناهيك عن التدخل الحكومي في الأسواق. ويتعين تنويع الحلول التي من شأنها التصدي لمشكلة الغذاء، كالزراعة في التجمعات الحضرية والتوسع في استخدام بذور عالية الجودة والتأكيد على أهمية الإنتاج الزراعي المحلي في البلدان النامية، خاصة أفريقيا، والاستثمار في الطرق وأنظمة الري.
فقر يتنامى
يوم الثلاثاء الماضي، وتحت عنوان: quot;الفقر والتعافي الاقتصاديquot;، أشارت افتتاحية quot;نيويورك تايمزquot; إلى أن 2008 كان العام الأول للكساد الكبير، فعدد الأميركيين الذين يعانون الفقر وصل آنذاك إلى 47.5 مليون، أي أنه ازداد خلال العام المذكور بمقدار 1.7 مليون، تلك الذيادة لم تكن مفاجأة خاصة في ظل المشكلات الاقتصادية. نسبة الفقر في الولايات المتحدة وصلت إلى 15.7 في المئة من إجمالي السكان، وهي نسبة تراها الصحيفة غير مقبولة. لكن كي نحمي الملايين من الانزلاق إلى هاوية الفقر، خاصة خلال الكساد، يجب أن نستوعب درساً مفاده أن شبكة الضمان الاجتماعي يجب تقويتها من خلال خطط التحفيز. وينبغي على الكونجرس إلقاء نظرة على أرقام الفقر وتجدر الإشارة إلى أن الأرقام الأخيرة الخاصة بمعدلات الفقر، تم حسابها وفقاً لمعايير التسعينيات، التي تعتمد على الدخل النقدي، وبناء على ذلك فإن الأسرة الفقيرة هي التي تحصل على دخل سنوي مقداره 21756 دولارا للإنفاق على أربعة أفراد، لكن ثمة رقما بديلا يصل إلى 24522 دولارا لأسرة مكونة من أربعة أشخاص، وذلك وفق معايير الأكاديمية الوطنية للعلوم، علماً بأن هذا الرقم لا يشكل أية معونات نقدية فيدرالية، وهو يعطي صورة أكثر مصداقية للحالة الاقتصادية للأسرة الأميركية الفقيرة. ويشير quot;مركز الميزانية وأولويات السياسةquot;، المحسوب على الليبراليين، إلى أن إجراءات مكافحة الفقر التي اتخذتها الحكومة الأميركية خلال 2009 أثرت إيجاباً على الأميركيين، ذلك لأن التوسع في تقديم إعانات البطالة على الصعيد الفيدرالي، وزيادة الإعفاءات الضريبية وإعانات الغذاء للعمال أنقذت 4.5 مليون أميركي من الفقر. وتحذر الصحيفة من تخفيض المعونات الفيدرالية، كونها ستزيد من أعداد الفقراء، لاسيما وأن وجود 14.5 مليون عاطل منهم ما يزيد على 6 ملايين بدون عمل خلال ما يزيد على ستة أشهور.
إعداد: طه حسيب
التعليقات