quot;المستقبلquot; وquot;السيناريو المثاليquot;: يسقط التمويل.. ولا يستقيل رئيس الحكومة! \


بين ميقاتي والحريري.. خصومة واستطلاعات متضاربة وأوراق مستورة


عماد مرمل

منذ بدء الأزمة السورية، يحاول quot;تيار المستقبلquot; إقناع نفسه بأن نهاية حكومة الرئيس نجيب ميقاتي باتت وشيكة، على قاعدة ان نظام بشار الاسد الذي كان يؤمن لها الحماية أصبح يحتاج الى من يحميه، وبالتالي فإن الرئيس سعد الحريري لم يتردد خلال أحدث إطلالاته على quot;تويترquot; في توقع سقوط الحكومة قريبا جدا.
يبدو الحريري وفريقه متفائلين جدا هذه الأيام، وهما يستشرفان quot;المستقبلquot;: النظام السوري سيرحل قريبا، وكذلك الحكومة اللبنانية التي أتى بها الى السلطة عبر انقلاب موصوف، وبعد ذلك كله، ستكون الهزيمة المدوية للرئيس ميقاتي في الانتخابات النيابية المقبلة!
ولا يجد quot;تيار المستقبلquot; حرجا في قراءة الأحداث وتفسيرها بما يخدم هذا quot;السيناريو الورديquot; الذي بات يشكل العزاء الوحيد له في مواجهة صقيع منفى المعارضة. وبرغم قسوة الضربتين اللتين تلقاهما التيار الأزرق خلال فترة قصيرة مع خروج الحريري من الحكم، إلا أن قياداته تعتقد ان quot;الهجرة المزدوجةquot; من الحكومة والبلد، لن تطول، وأن ميقاتي وحكومته يترنحان على حافة الهاوية بانتظار السقوط فيها، إما بفعل تداعيات الحريق السوري الآخذ في الاتساع وإما تحت وطأة استحقاق تمويل المحكمة الدولية.
وإذا كان زعيم quot;المستقبلquot; يكتفي في quot;برقياتهquot; عبر quot;تويترquot;، بما قلّ ودل، إلا ان أوساطه في بيروت تستفيض في عرض المعطيات التي تدفعها الى ترقب انهيار المعادلة الحكومية الحالية، مفترضة انه لم يعد هناك أي سبب لاستمرار هذه المعادلة حيّة، quot;إلا رافعة حزب الله الذي قد يجد في لحظة ما ان التخلي عنها هو أقل كلفة من الإصرار على حمايتهاquot;.
ويعتقد quot;الحريريونquot; ان الحكومة ستخسر معركة البقاء بالنقاط وليس بالضربة القاضية، معربين عن ثقتهم في quot;ان رصيد المعارضة يزيد يوما بعد يوم كما تُبين مؤشرات الانتخابات النقابية والطالبية، بينما أصبح حساب الحكومة ورئيسها مكشوفا، بفعل النقص المتفاقم في المداخيل السياسيةquot;.
ويرى quot;الحريريونquot; ان من سوء حظ فريق الموالاة، وعلى رأسه حزب الله، quot;ان حكومته تواجه تباعا استحقاقات صعبة استنزفت رصيدها بسرعة، بدءا من الثورة السورية ومحاصرة نظام بشار الأسد مرورا بالقرار الاتهامي ودلالاته وصولا الى مأزق تمويل المحكمة، ما يدفع الى الاعتقاد بأن المشروع الاستراتيجي لهذا الفريق يترنح بمجمله، لا حكومته فقطquot;.
وفي معرض التسويق لفكرة انتفاء مقومات بقاء الحكومة، يلفت مناصرو الحريري الانتباه الى ان الحد الأدنى من التضامن الوزاري مفقود كما تدل حملة الوزير غازي العريضي على النهج المعتمد في إدارة السلطة التنفيذية، والتباينات العميقة بين مختلف مكونات مجلس الوزراء، والصراعات الحادة حول كل ملف يُفتح من الكهرباء الى الأجور، quot;ويضاف الى ذلك الارتباك في التعامل مع الاختبارات الخارجية المتلاحقة تحت شعار النأي بالنفس عن أحداث سوريا، والذي سرعان ما تحول الى زج بالنفس فيها من خلال الاصطفاف الى جانب النظام في مواجهة قرارات الجامعة العربيةquot;.
وإذ يراهن quot;الحريريونquot; على ان يختصر ملف تمويل المحكمة طريق عودتهم الى السلطة المفقودة، يبدو السيناريو المثالي بالنسبة اليهم هو ان يعطل quot;حزب اللهquot; محاولة تمرير قرار التمويل في مجلس الوزراء، وأن يمتنع ميقاتي في المقابل عن تقديم استقالته، فيكون من وجهة نظرهم قد رسم نهايته السياسية بيده سواء على المستوى الداخلي حيث سيحترق في الشارع السني، او على المستوى الخارجي حيث سيفقد مصداقيته نتيجة الإخلال بالالتزامات التي كان قد قطعها لمراكز القرار الإقليمي والدولي!
أما في حال إجهاض التمويل واستقالة ميقاتي، فإن quot;تيار المستقبلquot; الذي سيستفيد بطبيعة الحال من انفراط عقد الحكومة في زمن قياسي، يخشى في الوقت ذاته من ان يتحول ميقاتي الى quot;بطلquot; في طائفته، مع ما سيعنيه ذلك من انتشار أوسع لزعامته على حساب زعامة الحريري، وهو المردود ذاته الذي سيترتب ايضا على نجاح رئيس الحكومة في إقرار التمويل.
ولا يخفي quot;الحريريونquot; حقيقة ان وظيفة المهرجان الشعبي الذي يُعد له في الشمال يتجاوز إطار الاحتفاء بعيد الاستقلال، ليشكل مناسبة من أجل إعادة تأكيد ثوابت تيار المستقبل وتوجيه رسالة في أكثر من اتجاه، مفادها ان quot;الأمر لناquot; في الشارع، وتحديدا في مدينة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأربعة من وزرائه.
وأبعد من هذه المناسبة، يؤكد quot;الحريريونquot; ان المزاج الشعبي السني ما زال متعاطفا بقوة مع تيار المستقبل ورئيسه، لافتين الانتباه الى ان استطلاعات الرأي التي أجراها التيار مؤخرا في طرابلس، وبقيت طي الكتمان، أظهرت انه إذا جرت الانتخابات النيابية الآن، لن يعود رئيس الحكومة نائبا، ولن يستطيع تحالف نجيب ميقاتي ـ عمر كرامي ـ محمد الصفدي الحصول ولو على مقعد واحد.
ولكن المقربين من ميقاتي يسخرون في المقابل من هذه التوقعات، معتبرين انها تندرج في إطار الحرب النفسية، لأن الحقيقة معاكسة تماما. ويكشف هؤلاء ان جهة علمية وموثوقة أجرت مؤخرا استطلاعا للرأي في طرابلس، بيّن بالأرقام ان شعبية تيار المستقبل في تراجع وأنه لن ينجح من لائحة سعد الحريري سوى واحد او اثنين إذا تمت الانتخابات الآن، مقابل اكتساح تحالف ميقاتي - كرامي ـ الصفدي.
وإذ يعتبر المحيطون بميقاتي ان خصومه ينتظرون بفارغ الصبر ان يخفق في تجاوز اختبار تمويل المحكمة، يؤكدون انه سيكشف عن أوراقه في هذا المجال، متى حان الوقت المناسب.