سمر المقرن
لا زالت التجربة الفكرية لم تنضج بعد قياساً على عمرها الزمني، هذا ليس على مستوى الوسط النسائي فحسب بل في داخل كل هذا المخاض الفكري الذي نمر به وفتح الإعلام جديده وقديمه أبوابه لتلقي كل الأفكار بكافة أشكالها وتنوعها. في هذا الزمن تجاوزت المرأة زمناً كانت فيه تخشى أن تجاهر بآرائها، وتتخفى تحت أسماء مستعارة، حتى إنه في بعض الأحيان تُخفي هذه الجريمة عن أهلها الذين تعيش بينهم. تجاوزنا هذه المرحلة مذ سنوات طويلة، وخرجت المرأة السعودية باسمها وصفتها الاعتبارية معلنة عن آرائها سواء عبر الأعمدة الصحافية أو من خلال مؤلفات أدبية كانت ولازالت حديث العالم برمته. خرجت المرأة صوتاً وصورة ولم تعد بحاجة لأن تتخفى تحت أسماء وهمية أو من خلف أقنعة تحجبها الاعتبارات الاجتماعية أو التفسيرات الأخرى التي لم تكن أبداً في صالحها ولا في صالح مجتمعها.
في هذه المرحلة خرجت المرأة السعودية بسيل جارف من الآراء والنقاشات عبر الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي، الكل يتحدث ولم يعد هناك حاجة للاستئذان. مع هذا كله أتى من الآراء ما يستميل فئة أو يركن لفئة أخرى داخل تحزبات افتراضية وعالم كوني فسيح. وبغض النظر عن مدى تقبل الفكرة أو مدى رفضها فإنني ألحظ أمراً غريباً قد لا يمر يوم واحد لا أجده خصوصاً في عالم الشبكة العنكبوتية. فإن خرجت امرأة مثقفة برأي كتبته فإن أكثر الردود النسائية تصب في خانة: من أعطاها الحق لتتحدث باسم النساء السعوديات؟ وإن شاركت امرأة مثقفة في مؤتمر أو حديث صحفي أو لقاء تلفزيوني فإن السؤال ذاته يتكرر؟ وإن كتبت أو تحدثت امرأة من الجهة الفكرية الأخرى التي ترفض حقوق المرأة وتعمل على عزلها، فإن نساء الجهة الأخرى يطرحن نفس التساؤل؟
إن هذا السؤال الممسوخ الذي يكثر في الأوساط النسائية ولا نراه حينما يكون صاحب الرأي laquo;رجلاraquo; هو تكريس للتنشئة الإقصائية التي تربى عليها المجتمع، وهو مجبر الآن أمام أن يُغير النمطية الفكرية التي وضعت متحدثين رسميين سواء كان حديثهم باسم الدين أو الثقافة أو السياسة أو الأدب، أو أي أمر آخر في هذه الحياة. لم يعد هناك حدود فكرية لأن الجميع يكتب والجميع يقول رأيه، ولم يعد الناس بحاجة لزاوية صحافية أو برنامج تلفزيوني فعبر التقنية يجد كل شيء. لا أريد تجاوز النقطة الهامة التي أطرحها لكم اليوم لأناقشها معكم، وهي السؤال -إياه- ومرده في تصوري الجذور التي تستكثر على المرأة التي خرجت من تحت أنقاض الطبخ وخدمة laquo;سي السيدraquo; أن تطرح رأيها. وعني شخصياً حينما أجد رأياً لا يتناسب معي فلا أرى أنه يُمثلني، ليس بالضرورة أن تحمل كل النساء السعوديات نفس الفكر، إذ إنه في المحصلة النهائية كل امرأة تُمثل نفسها وتربيتها وأصولها، والأهم أنها تُمثل فكرها والذي بالضرورة لن يكون متطابقاً مع عشرة ملايين امرأة سعودية.
نعم يا عزيزاتي.. إننا مختلفات لنُسلّم بهذه الحقيقة ونتعامل مع الرأي والرأي الآخر بناء عليها!
التعليقات