داود الشريان

أشار تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، إلى ان السعودية حققت فائضاً في موازنة العام الجاري بنحو 185.3 بليون ريال، بما يمثل 9.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في مقابل فائض بلغ 87.7 بليون ريال العام الماضي. وتوقع التقرير نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة بنسبة 5.1 في المئة هذه السنة، والقطاع النفطي بنسبة 4.9 في المئة، والحكومي غير النفطي 6.5 في المئة، والقطاع الخاص غير النفطي 4.4 في المئة. وعزت المؤسسة هذا النمو إلى عوامل أهمها زيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع التنمية، إلى مستويات تُعدُّ سابقة. لكن هذا النمو الهائل تقابله بطالة متنامية، تفت عضد البلد، وتثير مخاوف المسؤولين فيه، وتهدد استقراره.

محافظ مؤسسة النقد قال: laquo;التقديرات تشير إلى أن نسبة البطالة بين السعوديين ما زالت غير مرضية، ولا بد من مواجهة هذه المسألة وتكثيف الجهود وتذليل الصعوبات التي تواجه خلق الوظائف وتوطينهاraquo;. وكلام المحافظ ليس جديداً، ويجري ترديده في كل مناسبة، على مدى سنوات، ولكن لا أحد قادراً حتى الآن على فك هذا اللغز المحيِّر، حتى بات بعض الناس يشبّه الوضع في السعودية بإنسان مفتوح الشهية، ممتلئ المعدة، لكن أطرافه يابسة. طبياً لا اعرف اسم هذا المرض، لكنه اقتصادياً مؤشر الى الفشل في استثمار النمو.

ان الهدف الرئيس لكل تنمية في العالم هو تأمين وظائف للمواطنين. ونحن في المملكة نعيش نمواً اقتصادياً يعدّ سابقة، ولدينا 7 ملايين أجنبي، والسعودية تحتل اليوم المركز الثاني، بعد اميركا، في التحويلات المالية. لكن هناك 10 في المئة من السكان يتدافعون للحصول على ألفي ريال من برنامج laquo;حافز laquo; للباحثين عن عمل. والأسوأ ان البلد أصبح يتباهى بنمو الاستثمار الأجنبي، وهيئة الاستثمار فتحت أسواق المملكة لمستثمرين اجانب يجنون أرباحاً بالملايين، ويوظفون ابناء جلدتهم، ويديرون استثمارات صغيرة تخطف الفرص من الشباب السعودي، ولا تضيف أي خبرة لاقتصاد بلاده.

لا شك في ان المملكة نجحت في الحفاظ على وضعها الاقتصادي، على رغم الأزمة التي تضرب اقتصادات دول العالم. لكن النجاح الاقتصادي لا يقاس بجذب الاستثمارات الأجنبية، وحجم الفوائض المالية، وإنما بالقدرة على تأمين لقمة العيش للناس. فمن يحلّ لنا هذا اللغز؟ مَنْ يلجم الاستقدام، ويعاود النظر في قوانين الاستثمار الأجنبي، ويحمي البلد من خطر البطالة؟