محمد أبو رمان
اللقاءات جاءت بمبادرة من قيادات الحركة الإسلامية بعد إقرار مشروع الإصلاح الجديد للحركة، الذي يجعل من الإصلاح السياسي محوراً رئيساً للمرحلة المقبلة، وهو ما تحاول الحركة تحقيقه من خلال الحوار الاستراتيجي مع quot;مطبخ القرارquot;، والتوافق على أجندة عمل وطنية للمرحلة المقبلة.
الإخوان، اليوم، أقوى بكثير من الأمس، وهنالك نواة لـquot;تيار مركزيquot; ومشروع محدد الأبعاد والمعالم، وخطاب سياسي إصلاحي يمثّل قفزة حقيقية في فكر الجماعة ودورها، ويُترجم من خلال استراتيجية الحركة للأعوام المقبلة، ويحدد بوصلتها السياسية والفكرية، ويتجاوز الأزمة التنظيمية بصورة كبيرة، ويدفع بالجماعة إلى مشروع سياسي جديد يضع تصوراً توافقياً لمعادلات وطنية، مثل العلاقة الأردنية- الفلسطينية، والعلاقة مع حركة حماس، والعلاقة بين المجتمع والدولة.
أمّا الحوار المطلوب مع quot;مطبخ القرارquot;، فيأتي على قاعدة أنّ المتغيرات الإقليمية والداخلية تجعل من الإصلاح السياسي ضرورة وطنية لا تقبل التأجيل أو الترحيل، والحركة بما تمثله من ثقل سياسي وحضور شعبي تريد المساهمة في ترسيم الطريق نحو المستقبل، وبسيناريو يتجنب أي اهتزازات أو مشكلات في الاستقرار السياسي، يصل إلى برّ الإصلاح بأمان.
الحركة الإسلامية تقدّم اليوم نفسها شريكاً حقيقياً في اللعبة السياسية، ليس على قاعدة quot;الصفقات المتبادلةquot;، بل على أولوية الإصلاح السياسي، وضرورة الانتقال التدريجي المرحلي إلى دولة ديمقراطية ناجزة، خلال سنوات محددة، مع تأكيد قادة الحركة عدم حرصهم على تحقيق مكاسب خاصة بالجماعة.
وفي الوقت الذي يقرع فيه quot;الإخوانquot; أبواب quot;مطبخ القرارquot; الرسمي، فهم يحددون ذلك ضمن حرص الحركة على أولوية الحوار السياسي، لكن مع الاحتفاظ بدورها وحقها في المعارضة السياسية السلمية القانونية.
quot;الإخوانquot; يراهنون على أنّ المتغيرات الكبرى، التي حدثت داخلياً وخارجياً، تفتح آفاقاً حقيقية لشراكات وطنية من أجل الإصلاح السياسي، وتحفّز quot;مطبخ القرارquot; على قبول الحوار من أجل quot;عبور آمنquot; لمرحلة مختلفة، تعيد الدولة فيها هيكلة رهاناتها وخياراتها السياسية، وفق التطورات الأخيرة، ومن ذلك إعادة تعريف الحركة الإسلامية كشريك، وليس كتحدٍ في المعادلة الداخلية أو في سياسة الدولة الخارجية. إلى الآن، تبدي القيادات الرسمية quot;استجابات جيّدةquot; في اللقاء بالجماعة وفتح الأبواب الموصدة (سابقاً)، وهنالك شعور لدى أوساط داخل الدولة بضرورة إعادة التفكير في العلاقة مع quot;الجماعةquot;، وعدم جدوى الفرضيات الخاطئة التي حكمت العلاقة خلال العقدين الماضيين، وتسببت بـquot;أزمة دائمةquot; وفجوة كبيرة في تعريف quot;نواياquot; الطرف الآخر.
الأهم، عملياً، يكمن في مخرجات الحوار، فيما إذا كان سيؤدي إلى تفاهم على أجندة المرحلة المقبلة والقواعد التي تحكم العلاقة مع الجماعة، أم أنّ الاستجابة الرسمية ستقتصر على التفكير في quot;احتواء الشارعquot; واللحظة الراهنة، من دون التوصل إلى صيغة استراتيجية، أو الاعتراف بالحضور السياسي للجماعة في الشارع. تلك السيناريوهات طُرحت في أروقة الجماعة، بين من يراهن على نجاح الحوار وتدشين مرحلة سياسية جديدة، ومن يراهن على عدم وجود نوايا حقيقية في الإصلاح لدى المسؤولين، وبالتالي فشل المشروع المطروح.
في حال فشل الحوار، فإنّ قيادات في الجماعة يؤكدون أنّهم لن يتخلوا عن أولوية الإصلاح السياسي، وسيدفعون إلى تخليق أدوات جديدة تتناسب مع رفع سقف الضغوط السياسية انسجاماً مع الحراك السياسي الحالي.
التعليقات