القاهرة - عماد عجلان


لم يكن يتخيل الرئيس المصري حسني مبارك أن حماس رئيس وزرائه السابق الدكتور أحمد نظيف لنشر الإنترنت في البلاد سيكون سببا في تقويض دعائم حكمه الممتد لنحو ثلاثين عاما. فقد انطلقت الدعوة للثورة المصرية يوم 25 يناير الماضي من مواقع مثل laquo;تويترraquo; و laquo;فيس بوكraquo;، وأصبحت خير شاهد على ما يمكن أن تمثله صفحات التواصل الاجتماعي من قدرة كبيرة على الحشد وتلاقي الأفكار. ووجد المصريون منذ سنوات في هذا العالم الافتراضي ساحة للحديث في موضوعات كان مجرد الهمس بها خطرا كبيرا مثل الاعتراض على سياسات الحكومة وثروات المسؤولين. ويقول أيمن حامد (موظف -29 عاما): laquo;نتكلم الآن في كل شيء.. كنا في الماضي نخشى الحديث عن الرئيس وأسرته.. حاليا نهتف بأعلى صوت يسقط مبارك.. وكان لمواقع الإنترنت دور كبير في هذاraquo;. وتمنح الشبكات الاجتماعية المتظاهرين أداة للتنسيق السريع فيما بينهم، كما أنها تكشف عن معلومات مهمة بشأن خيارات الآخرين وآرائهم، وهي توفّر أيضاً منصّة لطرح عبارات تشجيعية مثل laquo;أنت لست وحدك.. نراك في ميدان التحريرraquo;. ويتفق الكثير من مستخدمي المواقع الاجتماعية على قدرتها على نشر رسائل بين شباب آخرين تزيد من وعيهم بقضايا قد لا تتمكن وسائل الإعلام التقليدية من معالجتها. وبدا لافتا خلال الأسابيع الماضية، تزايد أعداد الصفحات الاجتماعية التي تنادي بالخروج في مظاهرة أو اعتصام أو حتى تجمع شبابي مصغر، ولعل مصر هي المثال الأفضل لذلك، فالكثير من المجموعات أعلمت المشتركين فيها بضرورة الخروج يوم الخامس والعشرين من يناير، للتعبير عن رفضهم لاستمرار الوضع في مصر كما عهده الشعب منذ نحو ثلاثين عاما. ويقول هيثم سيد (30 عاما) laquo;عرفت موعد مظاهرة 25 يناير من تويتر.. وكنت عندما أتحدث مع أصدقائي عبر الإنترنت نأتي على ذكر المظاهرة وأهمية أن نشارك فيهاraquo;. وقد لمع نجم تويتر مرتين في تاريخه، المرة الأولى كانت وقت الاحتجاجات الإيرانية، والثانية كانت مؤخرا خلال المظاهرات الأخيرة في مصر، فقد انقسمت أنواع المشاركات على تويتر إلى قسمين: إخبارية، ومشاركات داعمة. فالإخبارية غطت الأخبار التي ترد من الداخل المصري، حتى وإن كانت الإنترنت مقطوعة لبعض الوقت، خصوصا أن مؤسسات عالمية مثل غوغل مثلا أطلقت خدمة اتصال هاتفي يتم تحويل رسائلها إلى رسائل تويتر تحمل علامة #egypt. أما المعنوية، والتي كانت بكميات كبيرة، فقد وردت من أنحاء مختلفة من العالم، لمساندة المصريين في مطالبهم وصمودهم. المشاركات عبر تويتر بلغت حدا لا يمكن متابعته بشكل دقيق لحظة بلحظة، فخلال ثانية واحدة، يبلغ عدد المشاركات التي تحمل إشارة #egypt أكثر من 500 مشاركة، وهو ما أدى إلى تجميد خدمة تويتر من وقت لآخر. وتداركت الحكومة المصرية تأثير مثل هذه المواقع في إعطاء الزخم للمحتجين على نظام مبارك بعد انطلاق الثورة فأقدمت يوم 28 يناير الذي كان قد دعي له على أنه laquo;جمعة الغضبraquo; على قطع خدمات الإنترنت واستمر ذلك خمسة أيام بغرض تحجيم التواصل بين المتظاهرين وكذلك المنسقين. لكن ذلك لم يفلح؛ إذ خرج مئات الآلاف في مظاهرات حاشدة في القاهرة ومدن أخرى سقط خلالها عشرات الضحايا قتلى برصاص قوات الشرطة. ويبدو أن الحكومات لن يكون بمقدورها وقف التواصل عبر الإنترنت في الزمن القادم، هذا ما يشير إليه العالم المصري الدكتور أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل عندما كشف عن ثورة جديدة سيصبح معها الإنترنت بشكله الحالي أسلوبا كلاسيكيا قديما، وهو ثورة laquo;كوانتم إنتانجل نتraquo;. وتتلخص في البحث عبر الإنترنت من دون أسلاك وكابلات بحرية أو خطوط اتصالات، بل يتم استخدامه عبر انتقال ذرات وذبذبات لتتحول إلى ضوء عبر الهواء ثم تنتقل إلى ذرات وذبذبات في بلد آخر، ما يتيح لها سرعات غير متناهية للبحث وخصوصية لحفظ الأسرار والمعلومات.