عمران الكواري
مشهد حاضر:
عندما تحيط بك الأحداث وعلى غير توقع، وهي أحداث جسام، تظن أن قلمك لن ينضب وهو يكتب ويكتب.. وتؤجل الكتابة كي لا تبقى بعيداً عن الحدث الذي يتوالى.. حيث ستشير لبعضه بالغد. وعندما تنظر للأمس ترى أنه فعلاً كان أمس.. بحساب الساعات، لكنه بدا أبعد من ذلك بكثير. ربما هي رياح laquo;الثورةraquo; -دون وعيndash; تلك التي تجعل المرء ينتقل للمستقبل دون أن ينتبه لقياس الزمن الحقيقي الذي يعيشه.. متوقعاً الكثير والكثير جداً خلال سويعات في حساب الأيام العادية، إذ يبدو أن كل ما تم laquo;بعد النجاحraquo; قليلاً وبطيئاً.. وربما هي حالة laquo;الثورةraquo; التي تجعل المرء قلقاً مهما سمع من تطمينات بأن ما خرج من أجله الناس سيتحقق حتماً. حيث قد غرُب الخوف بعد طول مكوث.. تغادر الشاشة لفترات اضطرارية، وتعود متسائلاً قلقاً laquo;هل كل شيء على ما يرام؟!raquo;.. laquo;هل حقاً ما تم قد تم؟raquo;.. laquo;وهل ما تم لم يتم الانقضاض عليه؟raquo;.
تؤجل الكتابة حيث تعتقد أن الحصيلة ستكون وفيرة وقت الحاجة في تلك الساعة التي ينبغي ألا تتأخر عنها كي تبعث بما سطّرت.. ثم تأتي تلك الساعة، فتجد أن ما ظننت أنك ستكتبه ndash;على ضوء ما شاهدت وسمعت خلال أيام وأيام- يعجز القلم على أن laquo;يتمالك أعصابه وفكرهraquo; كي يخط شيئاً واضحاً محدداً، علماً بأن القضايا التي سطرت عناوينها كثيرة.. وكثيرة جداً، وتتفاجأ بأن تجد أنه من الأسهل أن تكتب عن صعوبة الكتابة بشأنها على أن تكتب ما كنت تظن أنك كاتبه. ولو حاولت التوقف برهة للتفكير في سبب ذلك، لربما وجدت أن الجواب لأسباب هذه الصعوبة يكمن في اختلاط المشاهد وتقاربها، فيما يبدو أنها أجزاء بنيان يشكل كلّ منها جزءاً من لوحة كبيرة تمتد laquo;من الخليج الثائر إلى المحيط الهادرraquo;، كما جاء في أحد اللوحات المرفوعة في مظاهرة تواجد أفرادها تأييداً للتغيير.. والذي لا أحد يستطيع الجزم أين سيكون مكانه ذلك الذي سيحمل رقم 3.
كم كانت قنوات العالم ndash;وعلى رأسها البي بي سي والسي أن أن الناطقتان بالإنجليزية- مشدودة، وربما مشدوهة، لأحداث تونس ومصر.. وعلى مدار الساعة.. خاصة بالنسبة لمصر لأسباب موضوعية، وإن كان الفضل دائماً يتردد أن الأولى كانت هي الشرارة. وكم كان لافتاً للنظر أن لحظة خبر laquo;التنحيraquo; لحظة حماس غير متوقع لمذيعي القناتين المذكورتين، وكأنما ترقب وحماس المواطن العربي قد انتقل laquo;بعدواه الإيجابيةraquo; عبر البحار.
تتنقل بين المحطات فترى أمراً لافتاً يستحق التوقف والتأمل.. ذلك أنه لم ترفع عالياً خلال الاحتجاجات ومظاهرات التأييد -خاصة بعد نجاح الثورة- من صورة عدا تلك لقائد حاول الكثيرون.. والكثيرون جداً.. النيل منه بعد غيابه، وقالوا إن الناس مخدوعة أحبته لقوة وانتشار إذاعاته. فجاء زمن ليس بالقصير غيب كل شيء يتعلق بذكراه، بل خرجت الكثير من الأوراق التي سودت بهدف ألا تقوم لتلك الذكرى قائمة. فإذا بالناس لا ترى غير صورته قد رفعت، وفي كثير من أحاديثهم عن ثورة 25 يناير ذكر لاسمه.. وإذا بكلمة العروبة وفلسطين تعود من جديد تنطقها الألسن في مظاهرات لا يعتريها الخوف، وكأن العالم غير العالم.. وكأن اليوم ليس هو وليد الأمس.. مع الفارق.
مشهد سابق:
في صفحة في أحد مواقع الشبكة الأثيرية وبتاريخ 4 نوفمبر 2007م.. وتحت عنوان laquo;عندما يعود ناصر..raquo;.. كتب القلم النص الآتي:
laquo;في يوم قادم.. ستنهض مصر.. مصر العروبة.. وستنهض معها الأمة كلها.. يومئذ ستختل الموازين لصالح المواطن العادي في بقاع الوطن العربي الكبير.
يومئذ ستدمع عيون.. عيون الفرح.. من الملايين..
يومئذ لن يكون مباحاً الدم العربي كما هو اليوم على اتساع الأرض العربية..
إنه يوم قادم.. كم أنا مقتنع به، مهما حجبت الغيوم أشعة الشمس.
عندئذ تذكروا هذه الكلمات.. السابق ذكرهاraquo;..
التعليقات