حمد نايف العنزي
نجح التونسيون والمصريون في تحقيق ما أرادوا، وفشل البحرينيون لأسباب ثلاثة: أولها، افتقاد قادة المعارضة البحرينية للدهاء السياسي وعدم القدرة على ضبط النفس والانجراف بسهولة نحو استخدام العنف حين قامت القوات الحكومية باستفزازهم في محاولة منها لجرهم نحو العنف المتبادل كي تنفي عنهم سلمية مظاهراتهم، ولأن معظم المتظاهرين من الشباب القليلي الوعي والتجربة، فقد سيطر عليهم الغضب منذ سقوط أول شهيد برصاص الحكومة، وافتقدوا التوجيه الصحيح للتعامل مع أي حدث بما يناسبه، وهو أمر توافر في المتظاهرين المصريين، حيث صمدوا أمام كل محاولات الاستفزاز ولم ينجرفوا نحو العنف، حيث بقوا في ميدانهم صامدين دون أن يلجؤوا إلى احتلال المستشفيات أو سد الطرق أو مهاجمة السيارات كما فعل بعض المتظاهرين في البحرين، الأمر الذي جعل العالم كله يشكك في سلمية المظاهرات، وغير نظرة المتعاطفين معهم.
السبب الثاني، هو أن حب المصريين والتونسيين لبلدهم طغى على كل حب، وشاهدنا في مصر على وجه الخصوص كيف توحد الريفي مع القاهري مع الإسكندراني، والمسلم مع المسيحي والسنّي مع الشيعي في مطالبات كانت محددة وواضحة رددها الجميع بصوت واحد، عكس ما حدث في البحرين، إذ سرعان ما اختلطت الأصوات وتفرق الجمع بين شيعي يرفع صوراً لرموز دينية خارجية بطريقة ساذجة أضرت بهم، وسنّي متشكك ومتخوف من تغيير بدا له أن لأطراف خارجية يداً فيه، وهو ما استفاد منه الإعلام الحكومي ولعب على وتره لينجح من خلاله في تفريق المتظاهرين روحاً وجسداً، وهكذا، صار الخوف على مصير الطائفة أكثر من الرغبة في الإصلاحات السياسية التي هي في مصلحة الجميع.
السبب الثالث، والأبرز هو المطالبة بإسقاط النظام في البحرين، في محاولة لتقليد ثورتي تونس ومصر، وهو خطأ شنيع لأن من طالب به لم يدرك الفارق الشاسع بين الحالتين، فالبحرين جزء من منظومة سياسية لن تقبل بهذا أبداً، وهذه المنظومة السياسية من أقوى حلفاء الولايات المتحدة التي لن تؤيد أي تغيير سياسي في هذه المنطقة خشية تكرار ما حدث في العراق من فوضى سياسية وطائفية مقيتة، وحيث جنت إيران ثمار ما قام به الأميركيون وتحول العراق إلى دولة شيعية شبه تابعة لإيران، ولذلك، كان الخطأ بالمطالبة بإسقاط النظام ضربة قاصمة لهم رغم أنه كان مطلب القلة الغاضبة فقط، لكن أصوات هذه القلة تم تضخيمها واستغلالها إعلامياً بشكل خدم النظام وكفل له التعاطف والمساندة داخلياً وخارجياً.
للثورات رجالها الحكماء والعقلاء الذين يقودونها بحنكة ودهاء، يتعاملون مع ظروفها كما ينبغي، مدركين طبيعة الأوضاع من حولهم، وهو ما افتقده البحرينيون بشدة رغم مطالبهم المستحقة في العدالة والحرية والمشاركة في اتخاذ القرار، لكن... ليس بالحماس وحده يصنع التغيير!
***
بعض نوابنا الأفاضل يبنون مواقفهم على المصالح والأهواء لا على المبادئ والقيم، ولذلك لا نرى ثباتا لها، فهي دائمة التقلب والتلون على الدوام، فالذين دافعوا عن ضرب الحكومة لحضور ونواب ندوة الحربش بدعوى عدم قانونية التجمهر والتجمع وعدم طاعة ولي الأمر يدافعون اليوم بشراسة عن الشعب البحريني ومظاهراته رغم خروجها عن طاعة ولي الأمر! ومن ضرب في ديوان الحربش من قبل القوات الخاصة وصرخ دفاعا عن حرية التعبير يومها، يؤيد اليوم وبكل حماس قمع المتظاهرين في البحرين! ازدواجية مريضة لا حل لها... شفاكم الله وعافاكم!
***
الزميل العزيز سعد العجمي قال في عدد من تغريداته تعليقاً على تجمع ساحة التغيير من أجل مناصرة أهل البحرين: بحضورك يا حسن جوهر لساحة التغيير اليوم كشفت للأمة كم أنت عملاق أشم وغيرك أقزام تطل عليهم الزواحف من عل، أنت فقط من يستحق أن يعبر عن رأيه!... حسن جوهر، خالد الفضالة، عبدالله النيباري، كلكم يحق لكم التعبير في ساحة التغيير أما عاشور وعبدالصمد فمنكر الأمس بات حلالاً عليهم اليوم!
وقد علقت عليه بالقول: كيف تقول هذا يا سعد وأنت من يدافع عن حرية التعبير المكفولة للجميع، لو قلت إنك الوحيد من نصدقه يا حسن جوهر... لكنت أكثر دقة في كلامك!
الزميل سعد، وهو المدافع الأول عن التكتل الشعبي حماة الدستور والمطالبين بحرية التعبير جعلني أفكر في مفهومه عن حرية التعبير، أهو محصور في حرية التعبير له ولمن يتفق معه فقط... واستبعاد كل من يخالفه؟! أم حق حرية تعبير... إن كان الجواب نعم؟!
التعليقات